Beirut weather 17.43 ° C
تاريخ النشر February 4, 2017
A A A
الجيش يهاجم: سباق الشرق السوري يحتدم
الكاتب: أيهم مرعي - الأخبار

تواصل «قسد» استعدادها للمرحلة الثالثة من معركة تطويق الرقة
*

تتسارع الخطوات الميدانية على جميع الجبهات المشتركة مع تنظيم «داعش» على طول الجغرافيا السورية. وتبرز جبهة الشرق السوري بعد غياب طويل كمساحة محتملة تتوسع منها عمليات الجيش وحلفائه نحو تدمر ثم دير الزور، خاصة بعد الخطر الذي تهدد المدينة إثر هجوم «داعش» الأخير. ويجري ذلك في وقت يسعى خلاله «التحالف الدولي» إلى تجنيد قوات محليّة تحت رايته.

لم يعد مشهد الشرق السوري كما كان عليه قبل أقل من شهرين، مباشرة عقب إتمام تسوية حلب وما تبعها من تغيرات في مجمل مشهد الشمال. يومها دخل تنظيم «داعش» مدينة تدمر مجدداً، وتمكن من الضغط على مطار «T4» العسكري غرب المدينة، كذلك شنّ بعد أيام هجوماً عنيفاً على نقاط الجيش السوري في دير الزور وعزل المدينة عن مطارها العسكري، مهدّداً بسقوط المدينة التي تبقى عصيّة عليه.

أما اليوم، فإنّ الجيش يتقدم شرق مطار «T4» موسّعاً هجومه نحو تدمر، ويتحرك ببطء وثبات في الوقت نفسه على محاور دير الزور، هادفاً إلى إعادة ربط مناطق سيطرته بعضها ببعض، وإعادة تعزيز نواة قواته في المدينة، التي تبقى النقطة الوحيدة تحت سيطرة الدولة على امتداد البادية الشمالية الشرقية. ويلخّص قائد ميداني لـ«الأخبار» المشهد في دير الزور بتأكيده أن «قرار إعادة فتح طريق المطار متّخذ، ولن تتوقف المعركة إلا بفك الحصار عن المطار والأحياء الشرقية للمدينة».

ولا تُقرأ عمليات الجيش في دير الزور وغرب تدمر بمعزل عن كامل المشهد السوري. فبينما تسعى قوات «التحالف» إلى توسيع «قوات النخبة السورية» (التابعة للتيار الذي يقوده أحمد الجربا) عبر استقطاب أفراد العشائر العربية إليها بهدف زجّها لاحقاً في معركة الرقة، تستحثّ دمشق الجهود لاستكمال استعادة السيطرة على مدينة تدمر والانطلاق منها نحو دير الزور المحاصرة، لا سيّما بعد إغلاق القوات العراقية لكل الطرق التي تصل الحدود السورية بمدينة الموصل العراقية، وإعلان الجيش السوري من جهة أخرى أن أحد أهداف عملياته جنوب مدينة الباب، سيكون عزلها عن المناطق الشرقية.

ويعكس ما يرشح عن عدة مصادر في دمشق، وجود إرادة لإطلاق معركة تدمر «التي لن تتوقف إلا في دير الزور»، والتي قد تنطلق بعد استقطاب عدد من أبناء عشائر المنطقة، بالتنسيق مع شيخ قبيلة البكارة العائد إلى دمشق حديثاً، نواف البشير، وهو ما سيؤمن زخماً محلياً للعمليات ويفوّت الفرصة على «قوات الجربا» في حشد حاضنة محلية للعمل مع «التحالف». كذلك قد تُقرأ الغارات الروسية أمس على مواقع «داعش» في مدينة الميادين، كإشارة إلى أن العمليات بالتعاون مع الجيش السوري يمكنها أن تتوسع صوب نحو كامل الشرق السوري. وفي هذا السياق، أكدت مصادر محلية لـ«الأخبار» أن «الغارات الروسية استهدفت مشفى ميدانياً في مدرسة الصناعة، ومركز تدريب للتنظيم في مركز الأعلاف، ومستودعات ذخيرة ومقار في الصالة الرياضية ومدرسة المتنبي» في الميادين.

ومع الحالة المستقرة نسبياً لاتفاق وقف إطلاق النار، وانشغال «داعش» بعدد كبير من الجبهات، في الباب وخناصر وشرق السلمية وأقصى شمال شرق الريف الدمشقي، ضد الجيش السوري، وريف الرقة ضد «قوات سوريا الديموقراطية»، سوف يُتاح للجيش وحلفائه تركيز الضغط على محوري شرق حمص ودير الزور.

* يبدو أنّ دمشق باتت جاهزة لإطلاق معركة في تدمر لا تتوقف إلا في دير الزور.

ويأتي ضمن هذا السياق تقدم الجيش أمس باتجاه معمل حيان للغاز وحقل المهر النفطي شرق مطار «T4» شرق حمص، بالتوازي مع التقدم المهم نحو لواء التأمين في محور مطار دير الزور والسيطرة على مساحة بطول كيلومتر واحد، باتجاه منطقة المعامل، فيما تقدمت القوات من غرب المدينة في محور المقابر ونجحت في الوصول إلى مشارف تلة أسد الحاكمة لمنطقة المقابر، والتي تعني السيطرة عليها إسقاط كامل منطقة المقابر وصولاً إلى سرية جنيد، نارياً.

ويشرح القائد الميداني لـ«الأخبار» عن طبيعة المعركة، قائلاً إن «تقدم الجيش بطيء ومدروس، نتيجة طبيعة المنطقة الصعبة وتحوّل القبور إلى دشم طبيعية، ما يجعل التقدم يقاس بالأمتار». ويضيف أن «دخول التنظيم إلى منطقة المقابر تحوّل إلى ساحة استنزاف، فخسر عدداً كبيراً من عناصره في المعركة نتيجة الغارات الجوية السورية والروسية، التي لم تتوقّف منذ بدء الهجوم».

من جهة أخرى، تواصل «قوات سورية الديموقراطية» الاستعداد لإطلاق المرحلة الثالثة من معركة تطويق مدينة الرقة بقيادة «التحالف»، الذي دمّرت طائراته أمس أربعة جسور في المدينة وريفها، هي الجسر القديم والجديد في محيط الرقة، وجسرا الكالطة والعبارة في ريف الرقة الشمالي، وهو ما أدى إلى عزل مدينة الرقة عن الضفاف الجنوبية لنهر الفرات، وقطع المياه عن المدينة، بعد تضرر أنابيب نقلها خلال الغارات التي دمّرت الجسور. وأكدت مصادر ميدانية أن «المرحلة الثالثة قد تتجه نحو تضييق الخناق على التنظيم من الشمال والغرب وصولاً إلى سد الفرات، إضافة إلى فتح جبهة جديدة في محور أبو خشب والمالحة، والذي يهدف إلى قطع الطريق بين دير الزور والرقة».

وتعقيباً على إعلان رئيس «تيار الغد» المعارض، أحمد الجربا، جاهزية قواته التي تقدر بـ«ثلاثة آلاف مقاتل… استعداداً للمشاركة في حملة الرقة»، أكد مصدر مطلع لـ«الأخبار» أن «القوة التي يتحدّث عنها الجربا مبالغ فيها، وقد لا تصل إلى ألف وخمسمئة مقاتل»، مشيراً إلى أن «إدخال الجربا إلى المعركة جاء بأمر من (التحالف) الذي يبحث عن تكثيف العنصر العربي المشارك في حملة الرقة». وتزامن تصريح الجربا مع تحركات لـ«التحالف» في جنوب الحسكة بين صوامع حبوب صباح الخير (20 كلم جنوب المدينة) ومنطقة المالحة في بادية دير الزور، والتي يُتوقّع أنها منطقة تدريب «قوات النخبة» التي يقودها الجربا، والتي تنتشر منذ ربيع العام الماضي في تلك المنطقة بالاتفاق مع «الوحدات» الكردية.