Beirut weather 21.88 ° C
تاريخ النشر December 21, 2025
A A A
بين السيناريوهات المتعدّدة… أيّ حرب ينتظرها لبنان؟!…
الكاتب: مريم نسر

كتبت مريم نسر في “الديار”

 

 

لا يزال لبنان يعيش في نفس الدوامة، من لحظة إعلان وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني عام 2024، التي يتأرجح فيها الوضع بين عودة العدوان الإسرائيلي الموسَّع، أو بقاء التصعيد العسكري الحالي بهدف الضغط السياسي، لتحقيق الأهداف الإسرائيلية – الأميركية.

تقول مصادر متابعة إن هذين الإتجاهين باتا معروفين على الساحة اللبنانية، عندما يتم التحدّث عن تطورات الوضع الأمني والى أين ممكن أن يصل، لا شك أن “الإسرائيلي” يميل الى توسيع العدوان على لبنان، ودائماً يظهر الأميركي أنه يلجمه، هكذا تقول التصريحات العلنية الإسرائيلية والأميركية معاً، لكن دائماً في الواقع تُظهر واشنطن العكس، وتتبنى كل عدوان تقوم به “تل أبيب”، ورغم ذلك هناك فوارق بينهما واتجاهان مختلفان في كيفية التعامل مع المقاومة في لبنان، ولكل منهما وجهة نظر مختلفة عن الآخر، حتى لو كان الهدف نفسه.

نبدأ بالإتجاه الإسرائيلي الذي يقول وفق المصادر إنه غير مقتنع بنتائج الضغوط السياسية على لبنان، فهو يعتبر أن بهذا الأسلوب يمنح حزب الله فرصة لإعادة بناء قدراته من جديد، عدا عن أنه لا يثق بالجيش اللبناني بما يقوم به في منطقة جنوب الليطاني، رغم التقارير المرفوعة والتي توافقه عليها اليونيفل أنه لا يوجد نشاط لحزب الله في جنوب النهر.

ورغم الموقف الإسرائيلي، تقول المصادر إن مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد عندما أتى من “تل ابيب” الى بيروت حاملاً معه “المبادرة المصرية”، يمكن إدراجها في سياق تفاوض تحت النار، صحيح أن رشاد لم يقل هذا الكلام حرفياً، ولكن في الواقع المصري أتى وطرح المبادرة تحت النار… وهذا ما يسمى بنمط التفاوض تحت النار.

المبادرة المصرية التي كلّفت القاهرة حتى الآن ثلاث زيارات متتالية الى بيروت، من مدير المخابرات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، وصولاً لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، قائمة على أساس “سيطرة أمنية إسرائيلية” في جنوب النهر، وتواجد الجيش اللبناني شمال النهر، وإخراج سلاح المقاومة منه وبالتالي تجميد السلاح، هذا ما اعتبره حزب الله طرح غير قابل للنقاش، لذلك رفض الدعوة المصرية بالذهاب للقاهرة.

في اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، تقول التقديرات إن نتنياهو سيطلب من ترامب فتح اليد لعملية عسكرية واسعة تضعف بنية المقاومة، وتوقف مسارها بإعادة بناء قدراتها.

أما الإتجاه الأميركي فهو باستمرار الواقع الحالي، أي تصعيد لا يصل الى مستوى حرب موسّعة، بمعنى أن يكون الضغط العسكري جزءا من الضغط السياسي المركّب، بين العسكري والإقتصادي والإعلامي والديبلوماسي، وهذا يُعتبر نموذجاً عن الحرب المركَّبة، كما أن التهويل بالحرب هو جزء من هذه الحرب، وفق المصادر، فالأميركي يعتبر أن هذا النمط من الحرب يؤدي الى تفكيك إرادة وجدوى المقاومة، ويُعتبر أقل كلفة وأكثر تأثيراً في العمق، ويمكن أن يُعطي النتيجة المطلوبة ويُحقق الهدف.

لكن أيضاً هناك عوامل أساسية تأخذها أميركا بعين الإعتبار تؤثر في قراراتها، ويتم تحديد أي اتجاه ستسلكه مع “إسرائيل” تجاه لبنان وفق المصادر:

1- الشك الأميركي بجدوى أي حرب قد تشنّها “إسرائيل” على لبنان، نتيجة إدراكه للتماسك الإجتماعي والإلتفاف الشعبي حول المقاومة.

2- الخوف الأميركي من مفاجآت تُغيّر الوقائع الميدانية، مما يدفع “إسرائيل” للتراجع خطوات الى الوراء، تسحب منها إمتيازاتها في هذه المرحلة بدل التقدّم بشروطها السياسية، بسبب سياسة الغموض التي تعتمدها المقاومة.

3- صعوبة تسويق أي عدوان على لبنان ،في ظل التنازلات التي تقدّمها الدولة اللبنانية من جهة، وتعاون المقاومة مع الدولة بنشر الجيش في جنوب الليطاني، وتنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار.

4- ما أشار إليه ترامب في أحد خطاباته حول ضعف تأثير “اللوبي الصهيوني” داخل أميركا وفقدانه المصداقية ،وضعف القدرة على إقناع الإنجيليين الجُدد.

 

وإذا تم تفنيد هذه المخاوف يمكن اعتبارها واقعية، خاصة بجهل الإجابة على الكثير من الأسئلة المطروحة، التي تتعلق بواقع المقاومة الحالي: مَن يعرف كيف تُفكِّر المقاومة في هذه المرحلة؟ وما الذي تُحضِّر له؟ وما الذي تُخفيه؟ وهل هي تعمل اليوم على أسوأ الإحتمالات أم لا؟ والأهم أن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال أكثر من مرة، أن المقاومة في موقع الدفاع وهذا حق لها وواجب وطني… فمتى تستخدم المقاومة هذا الحق؟… الأكيد أن لا أحد يَعلم…