Beirut weather 18.54 ° C
تاريخ النشر December 20, 2025
A A A
حدّاد سيارات تحول الى مسؤول خليجي… هكذا سرت خدعة “ابو عمر” على بعض اهل السياسة في لبنان!
الكاتب: حسناء سعادة - موقع المرده

في لبنان، لا يحتاج التنصيب في اي مجال إلى عبقرية خارقة فكيف اذا كان النصب وعوداً سياسية.
مواطن من بلدة فنيدق العكارية يحمل رقماً اجنبياً يتصل بسياسيين بلهجة خليجية واثقة، وقليل من مفردات النفوذ تمكن من جذب اكثر من سياسي لبناني واعداً باعطاء منصب او موحياً بتأمين غطاء خارجي.

حدّاد سيارات، تحوّل فجأة إلى مسؤول خليجي رفيع وجرّ خلفه طابوراً من السياسيين والنواب ورؤساء الأحزاب، ممن يفترض أنهم “صنّاع قرار” و”حماة وطن”.
الرجل لم يكن يحتاج إلى قصر، ولا موكب، ولا ختم رسمي من المملكة العربية السعودية. كل ما احتاجه مكالمة هاتفية، وصوت واثق، وقاضٍ سابق يعرف من أين تُؤكل الكتف اللبنانية. وهكذا، سقطت أقنعة “الحنكة السياسية” واحدة تلو الأخرى، كما تسقط أوراق الخريف… لكن بلا خجل.

المضحك المبكي في آن، أن الضحايا لم يكونوا مواطنين بسطاء أو باحثين عن فرصة عمل، بل سياسيين اعتادوا إلقاء الخطب عن السيادة والاستقلال ورفض الوصاية.
الأموال دُفعت بسخاء، والوعود قُطفت بنهم: نيابة، وزارة، رئاسة حكومة، عودة سياسية مظفّرة… كل ذلك بفضل “أبو عمر” الذي تبيّن لاحقاً أن أقصى نفوذه لا يتجاوز مفاتيح ورشة حدادة، ومع ذلك، صدّقوه، لا بل بنوا استراتيجياتهم، وحساباتهم، وتحالفاتهم، وحتى خصوماتهم، على صوته. والأخطر؟ أن بعضهم تصرّف وكأنّه أمسك بمفتاح القرار الإقليمي، وكأن البلد صار رهينة مكالمة، لا دولة ولا مؤسسات ولا توازنات.
سياسيون بنوا قصوراً من الاحلام بأنهم سيعودون إلى الحياة العامة عبر الهاتف، لا عبر الناس، منهم من اعتقد أن بإمكانه فرض شروطه في الداخل لأنه يمسك بالخيط السعودي، وبعضهم الاخر انبهر بشخصية ابو عمر، الذي كاد ان يتفوق على الساحر الاميركي كوبرفيلد الخبير في فن الوهم، فاعتبر انه بات قاب قوسين من ادارة شؤون الحكم في لبنان.
القضية، ليست قضية نصب واحتيال فقط، إنها تشريح قاسٍ للعقل السياسي اللبناني: عقل لا يثق بنفسه، ولا بناسه، ولا بدولته، لكنه يثق فوراً بأي وهم خارجي، عقل مستعد للتشكيك بحرفية دولة كبرى في إدارة ملفاتها، فقط لأنه يريد تصديق ما يناسب أحلامه.
في النهاية، السؤال ليس: كيف نُصب عليهم؟
بل: لماذا كانوا جاهزين ليُخدعوا؟.