Beirut weather 12.99 ° C
تاريخ النشر December 18, 2025
A A A
تغريداته أساءت للنواب
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:

أقفلت بورصة التغريدات لدى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يوم أمس على أربع، تصب كلها في التحريض على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفي السعي لمنع النواب من حضور الجلسة التشريعية اليوم لإستكمال مناقشة بنود جدول أعمال الجلسة الماضية في 29 أيلول الفائت.

ومن المتوقع أن تفتح بورصة التغريدات اليوم على مزيد من رفع السقوف وممارسة الضغوط لتعطيل الجلسة وضرب مصالح المواطنين، خصوصا أن جدول أعمالها يتضمن إقرار قرض من البنك الدولي، وقانون التقاعد للعسكريين، ومطار القليعات في عكار وغيرها من المواضيع المعيشية.

من الواضح، أن جعجع بدأ يخرج عن طوره، لا سيما بعدما أعلن تكتل الاعتدال الوطني مشاركته في الجلسة التشريعية كونها تتعلق بأمور معيشية تهم الناس، حيث خرج في تغريداته عن أصول المخاطبة وصولا الى الإساءة المباشرة للنواب واصفا إياهم بـ”الشياطين”، معتبرا أن “كل من يشارك في الجلسة عن قصد أو عن غير قصد، يكون قد أعطى للرئيس بري شيكا على بياض لممارساته.. والساكت عن الحق شيطان أخرس”، فضلا عن وصفه مجلس النواب بـ”المزرعة” ما يشكل إعتداءً على كرامة جميع النواب، وفي مقدمتهم كتلة الجمهورية القوية التي يتغنى جعجع أنها الكتلة الأكبر، فكيف تتماشى هذه الكتلة مع “المزرعة”.

تشير المعطيات الى أن جلسة اليوم هي إستكمال لجلسة 29 أيلول الماضي والتي بقيت مفتوحة ولم يقفل محضرها بسبب قيام القوات والكتائب وحلفائهما بتعطيل نصابها لمرتين، وبالتالي فإن القانون لا يسمح للرئيس بري إضافة مشاريع قوانين جديدة عليها، بل يمكن أن يصار الى إقرار بنودها وإقفال المحضر، ومن ثم الدعوة الى جلسة جديدة، وقد يبادر الرئيس بري الى ذلك من أجل مناقشة موازنة 2026 وربما يتضمن جدول أعمالها موضوع القانون الإنتخابي، أما إذا بقيت القوات تحرض على عدم المشاركة في الجلسة فإن التعطيل سيستمر، لأن ثمة جلسة مفتوحة تحتاج بنودها الى إقرار ومن ثم الى إقفال المحضر.

يعني ذلك، أن ما تقوم به القوات من محاولات لتعطيل نصاب الجلسة هو من دون جدوى، لأنه حتى لو نجحت في تطيير النصاب فإن الجلسة التي سيدعو إليها الرئيس بري مجددا ستكون من أجل إستكمال بنود الجلسة السابقة ولن يُدرج عليها قانون الإنتخابات.

كل ذلك، يؤكد أن ما تقوم به القوات ليس له أي مسوّغ قانوني أو دستوري، ويدخل ضمن إطار معارك طواحين الهواء، وأن سعيها للتعطيل يندرج ضمن تصفية حساباتها مع الرئيس بري المستهدف المباشر وبشكل دائم في كل تصريحات جعجع الذي يبدو أن أزمته ليست مع رئيس مجلس النواب، بل هي مع الجمهورية اللبنانية بكاملها التي يريد أن يتحكم بتفاصيلها، لتحقيق طموحات وأحلام نسجها منذ أن كان في السجن، وكلما ظن أن الوقت قد حان لتحقيقها يخيب ظنه ويتجه الى مزيد من العدائية السياسية.

ولا شك في أن جعجع يوحي لوزير الخارجية يوسف رجي بكل ما يجب أن يقوم به في وزارته، حتى بات “وزيرا لخارجية القوات” وليس “وزيرا لخارجية لبنان” ينفذ سياسات الحكومة ويتحدث بالمنطق الوطني الذي يحرص عليه رئيس الجمهورية، وبذلك يحوّل جعجع حكومة الرئيس نواف سلام الى “مزرعة” ويدفع بعض الوزراء الى أن يغنوا على ليلاهم ويضرب التضامن الوزاري، من أجل تحقيق مصالح سياسية ومكاسب شخصية وإنتصارات وهمية، ما يؤكد أن سمير جعجع يبحث عن جمهوريته الخاصة أو ربما الى تكريس “الكانتون” الذي لطالما عمل على إيجاده خلال فترة الحرب.