Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر December 16, 2025
A A A
لبنان أمام إختبار عربي ودولي أخير؟
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”:

مع إقتراب نهاية العام الحالي تسارعت خطوات الحكومة وكأنها في سباق مع الزمن، لتحقيق المزيد من الإنجازات، وخاصة تلك الموضوعة على جدول العام الحالي، وفي مقدمتها تحقيق الإنسحابات الإسرائيلية من التلال الخمس في الجنوب، واسترداد قرار الحرب والسلم وتنفيذ حصرية السلاح، وإصدار قانون الإنتظام المالي، والمعروف بقانون «الفجوة المالية».

ليست مجرد صدفة أن تتزامن هذه الإستحقاقات المهمة، مع حركة سياسية وديبلوماسية ناشطة، على أكثر من صعيد، وتتقاطع في أكثر من إتجاه، وتصب كلها في هدف إستراتيجي واحد: دعم الدولة اللبنانية في خطة التعافي، وتشجيع مسار التهدئة والإستقرار في الجنوب، ووقف الخروقات الإسرائيلية اليومية، والمضي قدماً في المفاوضات مع الإحتلال بعد تسمية ديبلوماسي مخضرم لرئاسة الوقد اللبناني.

بعد أسبوعين من الزيارة التاريخية التي قام بها البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، وبعد إسبوع من جولة الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان على الرؤساء ولقاء القيادات الحربية والسياسية، وما سبقها من زيارة وفد مجلس الأمن الدولي، وآخر من مجموعة «تاسك فور ليبانون» الأميركية، يصل هذا الأسبوع رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، وهو ثالث مسؤول مصري يزور بيروت خلال الشهرين الماضيين، حاملاً معه تأكيدات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتقديم كل الدعم الممكن للبنان، وخاصة على صعيدي إعادة الإعمار والمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.

وإذا أضفنا إلى هذا الحراك اللافت، زيارة السفراء والملحقين العسكريين إلى جنوب الليطاني، للإطلاع عن كثب على ما حققه الجيش اللبناني من بسط سلطة الدولة، وتعطيل البنية التحتية لحزب الله في المنطقة، ندرك أكثر فأكثر حجم هذا الإهتمام العربي والدولي بالوضع اللبناني، والذي سيبلغ ذروته في الإجتماع الرباعي الذي سيعقد في العاصمة الفرنسية غداً الأربعاء بحضور قائد الجيش العماد رودولف هيكل وممثلين عن كل من فرنسا والسعودية والولايات المتحدة الأميركية، للبحث في خطط دعم وتسليح الجيش اللبناني، لتمكينه من القيام بمهامه في المرحلة التالية لتنفيذ قرار حصرية السلاح شمالي الليطاني. ولكن أهمية هذا الحراك، والآمال المعقودة على تحقيق أهدافه، تبقى مُعلّقة على مدى تجاوب الدولة اللبنانية مع الجهود العربية والدولية، لإخراج لبنان من دائرة الإحتلال الإسرائيلي، ودعم مساعي التعافي من أزمته المالية والإقتصادية المتفاقمة.

لا نريد أن نقول أن لبنان أمام الفرصة الأخيرة لطوي مرحلة المآسي وعدم الإستقرار، ولكنه موضع إختبار جديد لمدى قدرة الدولة اللبنانية على تنفيذ إلتزاماتها، وجدّية الخطوات التي تتخذها المؤسسات الدستورية، لا سيما مجلس النواب، في إقرار القوانين اللازمة لتسهيل تنفيذ التعهدات الإصلاحية، والبت في إتفاقيات القروض والبروتوكولات المتعلقة بفتح أبواب المساعدات والدعم الموعود من الأشقاء والأصدقاء.