Beirut weather 17.03 ° C
تاريخ النشر December 10, 2025
A A A
أهمية زيارة قداسة الحبر الاعظم الى لبنان
الكاتب: ناضر كسبار

كتب ناضر كسبار في “الديار”:

يسألني عدد كبير من الاصدقاء عن قراءتي لزيارة الحبر الاعظم البابا لاون الرابع عشر الى لبنان وكأنهم يريدون ان يسمعوا ما سأقوله، وهم يعرفونه جيداً، لان اصغر مواطن في لبنان، يحلل مثله مثل اكبر مسؤول.

وبالفعل، فقد بينت واثبتت زيارة قداسة الحبر الاعظم عدة امور وثوابت اهمها:

اولاً: ان لبنان، هذا البلد الصغير بحجمه، والذي يضم طوائف ومذاهب متعددة، واحزاباً متنافرة، وجمعيات ليست كلها على قدر الثقة والمسؤولية، لا يزال يشكل واحة مهمة للحريات العامة وحقوق الانسان، ولحرية التعبير – وإن كان المسؤولون لا يرون ولا يسمعون ولا يقرؤون – كما انه لا يزال محط انظار الدول والمسؤولين فيها، وعلى رأسهم دولة الفاتيكان. فاختيار قداسة الحبر الاعظم لبنان ليبدأ به اولى زياراته الى الخارج، امر غير عادي، وهو تذكير لدول العالم بأن هذا البلد المعذب، لا يزال على خارطة الدول، ويتفاعل معها.

ثانياً: اثبت الشعب اللبناني انه من اكثر الشعوب ايماناً. وهذا الشعب جدير بالاحترام والتقدير وبالعيش الكريم، وبإعطائه الفرص للنهوض بعد ان تدخلت جميع الدول في شؤونه، وعفواً على التعبير “بلت يدها فيه”. وهو بالنتيجة نقطة ارتكاز مهمة في هذا الشرق للديانة المسيحية وللمسيحيين، وطبعاً للتلاقي مع بقية الديانات والطوائف. وثبت هذا الايمان، ليس فقط من انحناء السيدة الاولى امام قداسته، بل ايضاً من انحناء رئيس البلاد الماروني الاصيل. يضاف الى ذلك، نزول اللبنانيين على امتداد الطرقات التي سلكها قداسته، تحت الشتاء والعواصف، لا فرق، وترحيبهم به اجمل ترحيب. ولا اعتقد ان بلداً آخر يستطيع ان يثبت إيمانه بقدر ما اثبته لبنان وشعبه.

ثالثاً: اهم الزيارات واكثرها رمزية، كانت زيارة دير القديس شربل في عنايا، حيث ركع قداسته امام قديس لبنان والعالم، وهذا امر يجعل من هذا المقام ايضاً مقاماً ومعلماً سياحياً دينياً عالمياً.

كما ان زيارته الى دير الصليب واستقباله من قبل الرئيسة العامة الام ماري مخلوف، ابنة بقاعكفرا، وبقية الراهبات والعاملات والعاملين، والمرضى والعجزة فيه، لهما رمزية خاصة، وخصوصاً ان طاقم الدير يقوم يومياً بواجباته تجاههم من غسيل وطبخ وتنظيف ويبلغ عددهم كما سمعنا تسعمئة شخص. هنا تكمن روح التضحية والعطاء، التي احسسنا بأن قداسته قدرها كثيراً وتأثر بشكل واضح.

كل ذلك بدون ان ننسى زيارته لموقع الانفجار في المرفأ ومواساة اهل الضحايا والجرحى.

رابعاً: لاحظ الجميع ونحن منهم انه لم تكن الكيمياء موجودة بين قداسة الحبر الاعظم وغبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، دون ان ندري السبب. ولا ينفع القول ان الزيارة رسمية، وان رئاسة الجمهورية اهتمت بالبروتوكول. اذ ان اياً كان لاحظ هذا الامر، لا بل كتب الكثيرون عنه على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتبه اليه الجميع.

خامساً: اثبتت السيدة الاولى نعمت عون انها جديرة بتسلم مهام إدارية. فقد اهتمت بالشاردة والواردة. ولاحظنا ان التنظيم كان اكثر من رائع على الرغم من تشعب الزيارات. كما ان السيد شادي فياض اثبت الامر ذاته.

سادساً: واللافت ايضاً، ان الدولة عندما تحزم امرها، ويخرج مسؤولوها من خمولهم، تستطيع ان تنجز ما نطالب به يومياً. اذ ان المسؤولين قاموا بتزفيت الطرقات، وبالانارة وغيرها، في خلال عدة ايام. فلماذا لا ينسحب هذا الامر على جميع المناطق، على الاقل معالجة الحفر والطرقات غير الصالحة للمرور والتي تسبب يومياً عشرات الحوادث.

هل استفاد اللبنانيون، وخصوصاً المسيحيين، من زيارة قداسة الحبر الاعظم، ليتوقفوا عن الهجرة ويتشبثوا بأرضهم ويشعروا بالطمأنينة والامان والسلام؟ سؤال سوف تجيب عنه الايام المقبلة علّ الجواب يكون ايجابياً.