Beirut weather 19.65 ° C
تاريخ النشر October 10, 2025
A A A
عودة وسط بيروت نبض الوطن..
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

تحوّل تدشين أسواق بيروت إلى حدث وطني جامع، أعاد إلى الأذهان صورة العاصمة كرمز للتنوّع والوحدة في آن واحد. لم يكن المشهد مجرّد افتتاح لمجمع تجاري، بل كان إعلاناً جديداً عن إرادة الحياة لدى اللبنانيين، وإصرارهم على التمسك بصيغة العيش المشترك التي طالما شكّلت جوهر هوية بيروت. فالعاصمة التي عرفت عبر تاريخها الطويل كيف تنهض من تحت الركام، تثبت اليوم من جديد أنّها قادرة على استعادة نبضها، وأنّ وسطها التجاري ليس مجرد مساحة عمرانية، بل قلب نابض بالحياة الوطنية، ومختبر دائم للتفاعل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
لقد شكّل الوسط التجاري منذ نشأة بيروت الحديثة نقطة التقاء اللبنانيين والعرب والأجانب، ومركز إشعاع اقتصادي وثقافي تجاوز حدود الجغرافيا. ومن هنا، فإن إعادة الحياة إليه بعد سنوات من التحديات ليست عملاً عمرانياً فحسب، بل فعل إيمان بقدرة المدينة على التجدد. فكل حجر تم الحفاظ عليه في أسواق بيروت يحمل معه ذاكرة تاريخية تمتد من العصور الفينيقية إلى الحاضر، ويجسّد روح العاصمة التي لا تعرف الانكسار.
في هذا السياق، برزت شركة “سوليدير” كرائد أساسي في مشروع إعادة إعمار بيروت، حيث استطاعت رغم كل الصعوبات السياسية والاقتصادية أن تحافظ على هوية المكان وروحه. لم يكن الطريق سهلاً، إذ واجهت الشركة تحديات وعرقلات متعددة، لكنّها واصلت عملها برؤية متوازنة، تجمع بين الحفاظ على التراث، والانفتاح على الحداثة. فالمباني التي أعيد ترميمها، والساحات التي استعادت حيويتها، والمقاهي والمطاعم التي عادت تزدحم بالزوار، كلها تشهد على نجاح تجربة أرادت أن تصون ذاكرة المدينة، وتعيد إليها دورها كعاصمة للحياة الوطنية.
إنّ تدشين أسواق بيروت أمس ليس مجرد حدث اقتصادي، بل هو رسالة رمزية بأن العاصمة ما زالت قادرة على احتضان الجميع، وأنّ روحها الجامعة أقوى من كل الانقسامات. فبيروت التي كانت دوماً مرآة لبنان، كما قال رئيس الحكومة نواف سلام في كلمته، تعود لتؤكد أنّها مدينة لا تموت، وأنّ وسطها التجاري سيبقى مساحة لقاء وتفاعل، وقلب يحفظ نبض الوطن، ويعبّر عن إرادة اللبنانيين في حب الحياة والإنتصار على التحديات.