Beirut weather 23.54 ° C
تاريخ النشر September 16, 2025
A A A
بيان قمة الدوحة: مكامن القوة والضعف
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

تباينت التقييمات للبيان الختامي الصادر عن القمة العربية والإسلامية في الدوحة، لما حمله من رسائل قوية في بعض بنوده، وما عكسه من تردّد في أخرى. فالقمة التي انعقدت في أجواء إقليمية مشحونة، عقب الغارة الإسرائيلية على الدوحة وما رافقها من تداعيات خطيرة على أمن وإستقرار دول المنطقة، كانت أمام تحدي صياغة موقف يكون بمستوى وحجم العدوان الإسرائيلي وخطورته.
يُحسب للقمة، أولاً في نقاط القوة، وحدة الموقف العربي والإسلامي في إدانة العدوان الإسرائيلي، إذ جاء البيان متماسكاً في تحميل الاحتلال مسؤولية التصعيد، وما ينطوي عليه من تهديد للأمن الإقليمي والدولي. كما برزت قوة في الموقف الداعي إلى تحرك جماعي عبر المؤسسات الدولية، ولا سيما مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، بما أعاد التأكيد على مشروعية الحق الفلسطيني والقطري معاً، ورفض ازدواجية المعايير الغربية.
كذلك تميز البيان بتشديده على التمسك بالمبادرة العربية للسلام كمرجعية أساسية، وهو ما يُعتبر رسالة سياسية مزدوجة: رفض الانزلاق إلى التسويات المجتزأة من جهة، والتأكيد على أن العرب لا يزالون يمتلكون ورقة جامعة يمكن استثمارها إذا توفرت الإرادة الدولية.
غير أن البيان لم يخلُ من نقاط ضعف خففت من وقعه. فقد جاء خالياً من أي خطوات عملية ضاغطة على إسرائيل أو داعميها، مكتفياً بلغة الإدانة والتذكير بالمواثيق الدولية. فغياب آليات تنفيذية، سواءٌ عبر مقاطعة اقتصادية أو إجراءات دبلوماسية تصعيدية، مثل تعليق التعاون الديبلوماسي، أو سحب السفراء، جعل كثيرين يرون في البيان إعادة إنتاج لبيانات سابقة لم تُترجم على الأرض.
كما بدا واضحاً التباين بين الدول المشاركة حول حدود الرد، ما انعكس في الصياغة العامة التي فضّلت التوازن والمرونة على الحسم والصرامة. هذا الغموض أضعف الرسالة الموجهة إلى العواصم الغربية، ولا سيما واشنطن، التي لم تجد في البيان ما يلزمها بتغيير حساباتها.
إضافة إلى ذلك، لم يتضمن البيان التزاماً واضحاً بإنشاء آلية متابعة داخلية بين الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي يثير شكوكاً حول قدرة المقررات على الاستمرار بعد انفضاض القمة.
البيان الختامي لقمة الدوحة نجح في تأكيد وحدة الموقف العربي والإسلامي في الإدانة السياسية والتمسك بالثوابت، لكنه فشل في تقديم أدوات عملية للردع والضغط. ولعل التحدي الأكبر يكمن في ما بعد البيان: هل ستترجم العواصم قرارات القمة إلى مسار عمل دبلوماسي واقتصادي متماسك، يُحوّل عبارة «عدم الإفلات من العقاب» إلى خطوات عملية، أم يظل البيان مجرد موقف معنوي يُضاف إلى سجل طويل من بيانات القمة في الشجب والاستنكار؟