Beirut weather 16.85 ° C
تاريخ النشر August 27, 2025
A A A
عراضة أميركية لتشريع الإحتلال!..
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

إستعان المبعوث الأميركي توم باراك وزميلته مورغان أورتاغوس بـ”عراضة” أميركية قوامها وفد سياسي وعسكري رفيع لتمرير الرد الاسرائيلي للبنان، والمدعوم من أعضاء الوفد مجتمعين حيث روّجوا وتبنوا موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي إستبق الزيارة وأبطل مفاعيلها ببيان كشف فيه كل الخدع التي كانت تحاول الولايات المتحدة عبر مبعوثيها من أورتاغوس الى باراك تمريرها على اللبنانيين.

مكتب نتيناهو دفع الوفد الأميركي الى إسقاط قناع “الوسيط” عن وجهه، والانتقال الى فرض الاملاءات الاسرائيلية على لبنان، حيث أكد أنه “إذا إتخذ الجيش اللبناني الخطوات اللازمة لتنفيذ نزع سلاح حزب الله فإن إسرائيل ستدرس إتخاذ خطوات مماثلة بما فيها تقليص تدريجي لوجود الجيش الاسرائيلي”، ما يعني أن إسرائيل تريد أن تجرد لبنان من كامل قوته وسلاحه وعندها ترى كيف تتعامل معه، وبالتالي فإن كل ما تم الحديث عنه سابقا من خطوة مقابل خطوة أو إنسحاب إسرائيلي كامل بالتزامن مع تنفيذ خطة سحب السلاح، كان مجرد تضييع للوقت وذر للرماد في العيون.

وبدا واضحا أن الوفد الأميركي الرفيع أراد تمثيل وجهة نظر نتنياهو من خلال محاكاة بيان مكتبه ولكن بأكثر فظاظة وبإنتهاك كامل للسيادة الوطنية، وبمحاولة تشريع الاحتلال الاسرائيلي، وذلك على مرأى ومسمع بعض المسؤولين اللبنانيين، حيث عبر خمسة من أعضاء الوفد هم: توم باراك ومورغان أورتاغوس وليندس غراهام وجين شاهين وجو ويلسون كلٌ بأسلوبه عن نظرته للأمور مع قاسم مشترك وحيد هو أن “إسرائيل لن تقوم بأي خطوة تجاه لبنان لا على مستوى الانسحاب ولا على وقف الاعتداءات والاغتيالات ولا على إطلاق الأسرى، من دون إنهاء حزب الله عسكريا بنزع سلاحه”.

هذا الموقف الأميركي تنبّه له أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس الأول، فإستبق أيضا الزيارة بالتأكيد على أن “حزب الله لن يتخلى عن سلاحه، وأن نزع السلاح هو بمثابة نزع الروح، وعندها سيرى العالم بأسنا”، معتبرا أنه “إذا لم تتراجع الحكومة اللبنانية عن قرارها فهي ليست أمينة على سيادة لبنان”، داعيا إياها الى “عقد جلسات نقاش بهدف إستعادة السيادة وتسليح الجيش وإقرار الاستراتيجية الدفاعية”..

هذا الواقع، أعاد الأمور الى المربع الأول، وأظهر عجز الوفد الأميركي برئاسة توم باراك عن القيام بالمهمة الموكلة إليه، فلا هو قادر على ترجمة إملاءاته والرغبات الاسرائيلية على الساحة اللبنانية، ولا هو يملك إقناع إسرائيل بالتخلي عن غطرستها وعدوانيتها، ولا هو نجح في الوصول الى حل يرضي سيده في البيت الأبيض، في حين، سمع الكلام الفصل من الرئيس نبيه بري الذي جدد التأكيد أن “لبنان نفذ ما إلتزم به وعلى إسرائيل أن تلتزم بإتفاق وقف إطلاق النار”.

كل ذلك، أزعج الوفد الأميركي الى درجة أن باراك تخلى عن أخلاق الدبلوماسية ووجه إهانة الى الصحافيين المعتمدين في القصر الجمهوري، وغادر قصر عين التينة من دون أن يرد على أسئلة المراسلين، فيما إعتبرت أورتاغوس على الماشي أم تصريحات الشيخ نعيم قاسم “تثير الشفقة”، ما يؤكد أن ثمة حالة من التوتر كانت تسيطر على الثنائي الأميركي.

تقول مصادر سياسية مواكبة: “لم يعد هناك من جدوى لمزيد من الزيارات الأميركية، خصوصا أن الأمور باتت واضحة، ولبنان قام بما عليه في القرار 1701 في إتفاق وقف إطلاق النار الذي يجب أن يلتزم به الاسرائيلي، وأن تحترم الحكومة اللبنانية بيانها الوزاري وخطاب القسم لجهة إعتماد تسلسل الأولويات التي تبدأ بالانسحاب الاسرائيلي وصولا الى السلاح والاستراتيجية الدفاعية وليس العكس، أما كلام رئيس الحكومة نواف سلام مجددا حول عدم التراجع عن حصرية السلاح وقرار السلم والحرب بيد الدولة، فيجب أن يحال الى بيان مكتب نتنياهو الذي كان يفترض برئيس الحكومة أن ينتفض ويثور عليه، لكن يبدو أن ما باليد حيلة!!”..