Beirut weather 15.77 ° C
تاريخ النشر August 18, 2025
A A A
الكل مأزوم.. وزيارة باراك لن تضيف جديداً!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”:
يصل المبعوث الأميركي توم باراك ترافقه مورغان أورتاغوس إلى لبنان اليوم في زيارة غامضة غير واضحة الأهداف، خصوصا أن الرد الإسرائيلي والسوري على الورقة الأميركية التي أقرتها الحكومة في جلسة السابع من آب لم يتبلور بعد في ظل إستمرار العدوان وبوتيرة تصاعدية، والفرز السياسي الداخلي الذي أحدثته التطورات الأخيرة.

يمكن القول، إن زيارة باراك إلى لبنان هي لزوم ما لا يلزم، فالقرار عند حزب الله قد حُسم لجهة رفض تسليم السلاح، مع تأكيد الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الاستعداد لخوض “معركة كربلائية”، وهذا الكلام يعني بالمباشر صراعا عقائديا لا يعترف إطلاقا بالواقع والوقائع، كما يعني أيضا أن حزب الله يدرك بأن أميركا ومن لف لفها تريد رأسه سلما أو حربا.

وإنطلاقا من هذا الفهم لطبيعة المرحلة تصبح المواجهة أقل كلفة من الانصياع للرغبات الأميركية التي لا تقيم حسابا إلا للمصالح الاسرائيلية ولأمن الكيان الغاصب، وحزب الله قطعا لن يكون في صف من يقدم الخدمات لإسرائيل.

هذه المعطيات الواضحة، دفعت الرئيس نبيه بري إلى القول تعليقا على زيارة باراك: “ليس عندي شيء جديد أقوله له”، ما يعني أن بري متمسك بالاتفاق الذي جرى بينه وبين باراك في الزيارة الماضية وتم الانقلاب عليه لاحقا.

أمام هذا المشهد، سيكون لبنان أمام إستحقاقات كبيرة جدا، وربما تطلق أميركا يد إسرائيل بالكامل في محاولة منها لإخضاع الحزب، إلا إذا كان هناك مفاوضات إقليمية – دولية تجري بعيدا عن الإعلام لترتيب المنطقة وفق موازين القوى القائمة، وتحديدا بعد الحرب الاسرائيلية الإيرانية الأخيرة، وما قدمته المقاومة ميدانيا في الجنوب بمنع العدو الاسرائيلي من التوغل والتقدم في الأراضي اللبنانية، ما يعني أن إيران لم تنتصر ولم تُهزم، وحزب الله دفع ثمنا غاليا جدا لكنه صمد ولم يُهزم، وكل المؤشرات تؤكد أنه ما زال يتمتع بحاضنة شعبية وازنة وصاحب الكلمة الفصل لدى الطائفة الشيعية، وهو لم يتأثر كثيرا بالانقلابات التي حصلت عند حلفائه خارج الطائفة الشيعية، فالانقسامات في لبنان باتت واضحة وهو لم يعد يحتاج إلا لغطاء بيئته فيما يذهب اليه.

لا شك في أن أميركا تفضل عدم الذهاب إلى الخيار العسكري مجددا مع حزب الله، فإسرائيل الغارقة في رمال غزة وجيشها المستنزف وإقتصادها المتهاوي والعصيان المدني الذي تشهده تل أبيب تحت عنوان: “إضراب شعب” إحتجاجا على سياسة الحكومة، لا تحبذ الذهاب أيضا إلى حرب جديدة رغم المواقف العالية التي يطلقها نتنياهو، هذا بالإضافة إلى حجم الخسارة الكبيرة على مستوى الرأي العام العالمي، حيث أن الكراهية لإسرائيل عند غالبية الشعوب لم تصل إلى هذا المستوى في أي وقت من الأوقات وهذا يؤرق إسرائيل ومعها أميركا، وبالتالي فإن هذا الكيان لا يعوزه المزيد من المغامرات.

في هذا السياق تؤكد مصادر مطلعة أن أميركا تدرك أن حزب الله ليس جمعية خيرية وأنه لا يمكن أن يسلم سلاحا هو في صلب عقيدته من دون ضمانات حقيقية، كما أن الحراك الإيراني الأخير في لبنان أظهر أن الجمهورية الإسلامية لن تتخلى عن الحزب ولن تتركه وحيدا في أي ميدان.

خلاصة القول، الكل مأزوم، ويفتش عن حلول، وربما نكون أمام مفاوضات حقيقية تقلب المعادلات رأسا على عقب، خصوصا وبحسب المصادر نفسها أن الشروط السابقة لإستخدام السلاح الثقيل لم تعد قائمة، وأن حزب الله عندما تدعوه الحاجة قد يستخدم هذا السلاح مباشرة ضد إسرائيل، ما يؤكد بحسب المصادر أن ليس وهما ما قاله الشيخ نعيم قاسم “إننا على ثقة بالانتصار”.