Beirut weather 18.57 ° C
تاريخ النشر August 13, 2025
A A A
الجلسات الإنمائية.. اختبار جدية الحكومة
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

في بلد يلتهمه الانقسام السياسي حتى النخاع، يأتي قرار الحكومة عقد جلستين إنمائيتين متتاليتين، اليوم الأربعاء، كمحاولة لاختراق جدار التعطيل المزمن. هذه المرة، العنوان المعلن هو التنمية والمشاريع الحيوية، لا البيانات النارية ولا الكباش السياسي المعتاد. لكن التجربة اللبنانية علمتنا أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي، وأن الشيطان يكمن في التفاصيل…
فكم من مشروع أُقرّ في قاعة مجلس الوزراء وسط تصفيق الحاضرين، ثم تبخر عند أبواب الإدارات، أو ابتلعته متاهات الصفقات والمحسوبيات؟ وكم من خطة وُضعت على الورق، ثم اغتيلت على يد المعرقلين الذين يتقنون استثمار الوقت في خدمة مصالحهم الضيقة؟ لذلك، فإن جلسات اليوم لن تكون مشهداً جديداً في مسرح السياسة اللبناني، ما لم تُقرن بروزنامة تنفيذية صارمة، تحدد المهل، وتلزم الوزارات والجهات المعنية بإنجاز الأعمال بعيداً عن الابتزاز السياسي.
والأخطر أن بعض القوى اعتادت استخدام المشاريع الإنمائية كسلاح انتخابي أو أداة للابتزاز المناطقي، فتمنح وتمنع وفق حسابات الربح والخسارة. هذه الذهنية المريضة هي التي أفرغت كلمة «تنمية» من معناها، وحوّلتها إلى مادة للابتزاز بدل أن تكون حقاً وطنياً جامعاً.
من هنا، فإن جلسات الأربعاء ستكون امتحاناً حقيقياً للحكومة: إما أن تخرج منها بخطة زمنية واضحة ومعلنة، تحفظ المشاريع من براثن التعطيل، وخاصة بالنسبة للكهرباء ،أو أن تنزلق مجدداً إلى لعبة تقاذف المسؤوليات التي يعرفها اللبنانيون عن ظهر قلب.
النجاح هنا لن يكون فقط في إقرار المشاريع، بل في ضمان تنفيذها على الأرض، في طرابلس كما في النبطية، في البقاع كما في بيروت، بلا تمييز أو انتقاء سياسي.
إن اللبنانيين الذين سئموا المسرحيات السياسية لا ينتظرون خطباً أو وعوداً جديدة، بل يريدون رؤية ورش العمل تُفتتح، والحجارة تُرصّ، والمشاريع تُنجز في مواعيدها. فهل تلتقط الحكومة هذه الفرصة، وتثبت أنها قادرة على إخراج التنمية من أقبية المزايدات، أم أن جلسات اليوم ستتحول إلى مناسبة جديدة لتدوير الكلام وتبديد الوقت؟