Beirut weather 23.54 ° C
تاريخ النشر August 7, 2025
A A A
مأزق السلاح ومسؤولية الإنقاذ
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

اتخذت الحكومة اللبنانية خطوة مفصلية بإعلانها قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، في محاولة لإعادة ترميم سيادتها وتأكيد مرجعيتها الحصرية في قراري الحرب والسلم. لكن هذه الخطوة، التي شكّلت مطلباً داخلياً ودولياً مزمنًا، قوبلت برفض حازم من قبل «حزب الله»، ترافق مع لهجة تصعيدية لامست الخطوط الحمر، تجاه من يقف خلف القرار، ما أشاع أجواء من التوتر، وأعاد البلاد إلى قلب أزمة مزمنة تُهدد ما تبقَّى من الاستقرار الهش.
السؤال المطروح اليوم يتجاوز الكلام حول مشروعية القرار، بل يركز على كيفية تطبيقه في ظل ميزان قوى مختل، وواقع سياسي مرتبك ومتشابك، ومجتمع دولي يراقب عن كثب. فـ«حزب الله»، الذي يعتبر سلاحه جزءاً من «معادلة الدفاع الوطني» كما يراها، ما زال يرفض أي محاولة لنزع سلاحه خارج إطار «التوافق الوطني»، فيما ترى أطراف أخرى أن التوافق لم يعد ممكناً، بسبب رفض الحزب المطلق لبحث موضوع السلاح، وفي ظل محاولات إستمرار تغييب الدولة، لإثبات عجزها عن ممارسة سلطتها الشرعية على كامل الأراضي اللبنانية.
إن قرار حصر السلاح، رغم رمزيته السياسية، سيبقى حبراً على ورق ما لم يُرفق بخطوات واضحة، تبدأ بتحديد جدول زمني للتنفيذ، مع توفير الضمانات السياسية والأمنية اللازمة. ومع تأكيد الحرص المتبادل على تجنب المواجهة المباشرة بين الجيش والحزب لأنها ستكون مكلفة، داخلياً وخارجياً، ومن شأنها أن تجر البلاد إلى مزيد من الانقسام والفوضى.
في المقابل، فإن التراجع عن القرار أو تجميده سيُفقد الدولة ما تبقّى من مصداقية تجاه شعبها والمجتمع الدولي، ويُشعل الحملات السياسية والإعلامية بين الأحزاب والقوى المتناحرة الأمر الذي من شأنه أن يؤجج الإنقسامات الداخلية، ويؤخر التقدم في المسار الإصلاحي الذي قطعت الحكومة أشواطاً في تنفيذه. لذا، المطلوب اليوم موقف عقلاني وشجاع، يعتمد الواقعية السياسية، ويحرص على الحفاظ على السلم الأهلي والسير نحو استعادة الدولة.
الطريق للعودة إلى الدولة ليس سهلاً، لكن لا بد من الشروع فيه. فلبنان لا يمكن أن يستعيد عافيته الاقتصادية، ولا أن ينفتح على العالم العربي والدولي، دون معالجة جذرية لملف السلاح الخارج عن الدولة، عبر منطق التفاهم والتدرج، لا عبر المواجهة أو التحدي، ومن خلال تغليب المصالح العليا البلاد والعباد، على ما عداها من مصالح فئوية وحزبية لا تدوم.