Beirut weather 24.65 ° C
تاريخ النشر August 1, 2025
A A A
السلاح بين شرّين الأصغر والأكبر ..!
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

الأول من آب ليس يوم الجيش الوطني وحسب، بقدر ما أصبح عيد كل لبناني، يؤمن بأن الدولة هي الملاذ الأول والأخير، وبأن الشرعية هي الضمان الأساسي للأمن والإستقرار، وبأن الشراكة الوطنية هي الكفيلة بتحقيق المساواة والعدالة بين المواطنين، بعيداً عن أساليب الهيمنة على القرار الوطني من طائفة معينة على بقية الطوائف، وبعيداً عن إستقواء فئة بالخارج ضد الفئات الأخرى، الشركاء في الوطن.
التمسك بالدور الوطني للجيش اللبناني يتجاوز معايير القوة العسكرية المحضة، ولا علاقة له بمقاييس القوة والضعف في الامكانيات المتوفرة للمؤسسة العسكرية عدداً وعِدّةً.

والقول بأن الجيش اللبناني غير قادر على حماية الحدود، والدفاع عن الأرض، بسبب عدم توفر الإمكانيات اللوجستية والبشرية اللازمة، هو مردود ومرفوض بكل الإعتبارات الوطنية، لأن توازن القوة مع العدو الإسرائيلي يحتاج إلى تحقيق بعض التوازن مع الدولة الأميركية الأعظم في العالم، وهذا أمر شبه مستحيل في الظروف الدولية الراهنة.
كما أن القول بأن سلاح حزب الله هو لحماية الأرض والتصدي للعدو الصهيوني، والدفاع عن البلدات الحدودية وأهاليها، لم يعد مقنعاً بعد الكوارث التي حلت بالمناطق الجنوبية وأهلها، من تدمير شبه كامل، وإصرار صهيوني على عدم السماح للأهالي بالعودة إلى قراهم، أو تركهم يرممون منازلهم المتضررة. فضلاً عن توسيع رقعة الإحتلال، عبر التمركز في التلال الخمس، والإستمرار في الإعتداءات اليومية على مختلف المناطق اللبنانية.
المفارقة الأبرز أن ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة بقيت مجرد شعاراً للإستهلاك الداخلي، ولم تأخذ طريقها إلى التنفيذ العملي، بسبب غياب الحد الأدنى من التنسيق بين الجيش والمقاومة، في كل المراحل السابقة، التي شهدت تفرداً من الحزب بإتخاذ قرارات
الحرب والسلم، سواء بالذهاب إلى سوريا للدفاع عن النظام السابق، أو التسرع بإعلان حرب الإسناد، التي تطورت إلى حرب شاملة أطاحت قواعد الإشتباك السابقة، وأوقعت خسائر إستراتيجية في بنية الحزب القيادية، وفي تركيبته العسكرية.
خطاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس، وما سبقه من إعلان رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام من دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد يوم الثلاثاء المقبل لمناقشة
بند حصر السلاح بالدولة اللبنانية، كما ورد في البيان الوزاري، يُشير إلى أن فترة السماح للعهد الجديد بمعالجة ملف السلاح بالحوار قد إنتهت، وأن على الدولة أن تتخذ من الخطوات العملية ما يؤكد على جدّية التعامل مع هذا الملف البالغ الحساسية، داخلياً وخارجياً، وفي مقدمة الخطوات المطلوبة إتخاذ قرار على مستوى مجلس الوزراء، وبحضور وزراء من الثنائي الشيعي، يقضي بتسلم الدولة كل سلاح غير شرعي، سواء كان لبنانياً أم فلسطينياً، وذلك وفق
آلية تنفيذية واضحة.
مضمون خطاب عون، والقرار المتوقع صدوره عن مجلس الوزراء بخصوص سلاح حزب الله، قد يعتبره البعض شراً لا بد منه، ولكن في مطلق الأحوال يبقى الشر الداخلي الأصغر أهون على البلد من الشر الخارجي الأكبر، وما يحمله من تهديد للإستقرار الأمني والإجتماعي.