Beirut weather 23.16 ° C
تاريخ النشر July 11, 2025
A A A
“السوبرمان”.. سمير جعجع!
الكاتب: غسان ريفي

كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”

خيبة أمل، لحقت برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع جراء المواقف الإيجابية غير المنتظرة تجاه الرد اللبناني على المقترح الأميركي من قبل مبعوث الولايات المتحدة السفير توم باراك، والتي خالفت كل توقعاته ومحاولات التهويل والتهديد التي عمل مع نوابه ومن يدورون في فلكه على إشاعتهما بهدف الضغط على رئيسيّ الجمهورية والحكومة جوزاف عون ونواف سلام وإظهار العهد ضعيفا وغير قادر على مقاربة سلاح المقاومة وفق نظرة القوات اللبنانية.

في مقابلته التلفزيونية أمس، أعلن جعجع غير ما يضمر، ما أوقعه في كثير من التناقض، حيث أكد إستمرار دعمه للعهد والحكومة، لكنه لم يتوان عن إستهدافهما بشتى الطرق وإتهامهما بالضعف وصولا إلى إعلانه الصريح أن “الدولة في ظل هذا العهد والحكومة غير موجودة ولا تستطيع القيام بأبسط الأشياء، وتعمل على تقزيمنا”، فضلا عن إنتقاده اللاذع لآليات التعيينات، وللبطء في إتخاذ القرارات، محاولا التفريق بين الحكومة وبين وزراء القوات الذين يسعون لتلبية تطلعات اللبنانيين، مؤكدا أننا “لا نستطيع أن نكمل في ظل هذا الوضع”، في إشارة إلى إمكانية إستقالة وزراء القوات من الحكومة في حال لم تبادر إلى سحب سلاح المقاومة أو وضع جدول زمني له، وإمتلاكها قرار السلم والحرب، وهذا ما سبق وأعلنه النائب القواتي جورج عقيص.

وبدا واضحا أن رضى جعجع على العهد والحكومة مرتبط بزج الجيش اللبناني بحرب مع المخيمات الفلسطينية لسحب سلاح الفصائل بالقوة، وكذلك مع المقاومة واذا أمكن مع شريحة واسعة من الطائفة الشيعية، ما يعني إستدراج لبنان إلى توترات داخلية أو إلى حرب أهلية جديدة لا يمكن لأي من اللبنانيين تحمل تداعياتها الكارثية.

كلام جعجع، يؤكد بما لا يقبل الشك، أن ما يطمح اليه هو ضرب عهد الرئيس جوزاف عون وإنهائه قبل أن يبدأ، ما يعيد إلى الأذهان معارضة القوات لوصول عون إلى رئاسة الجمهورية والضغط الذي مورس عليها دوليا وعربيا للتصويت له، وسعيه لتسمية القاضي نواف سلام رئيسا للحكومة لضرب عهده، قبل أن يخيب ظنه بقدرة سلام على المواجهة.

واللافت، أن جعجع لعب دور “سوبرمان” لجهة إظهار قوته وقوة حزبه الذي “لا يحتاج إلى شد عصب ولا يمكن أن يتبدل لا قبل الانتخابات ولا بعدها”، في حين أنه في وقت لم يمر عليه الزمن تحالفت القوات اللبنانية مع القوميين السوريين الاجتماعيين في الانتخابات البلدية والاختيارية في الكورة، وكذلك مع الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر في بيروت، أما الطامة الكبرى فكان التناقض الكبير بين جعجع ووزير الخارجية المحسوب عليه يوسف رجي، حيث مارس رئيس القوات “عنترياته” بضرورة أن يكون لبنان ندا للمجتمع الدولي وأن يوقف “الشحادة” وأن لا “يتبكبك” أمامه، في حين أن رجي وفي مقابلة لم يمر عليها أسبوع، قال: “إن الدبلوماسية تحتاج إما إلى قوة عسكرية أو إلى قوة إقتصادية، ولبنان لا يملك شيء منهما، لذلك ليس أمامنا إلا أن نبكي عند أصدقائنا الأميركيين لمساعدتنا على حل أزماتنا بما في ذلك الانسحاب الإسرائيلي”.

كل ذلك، يؤكد أن جعجع يقع تحت تأثير أكثر من خيبة أمل لجهة موقف توم باراك الذي أشاد برئيس مجلس النواب نبيه بري، وأكد أن “حزب الله هو من أكبر الأحزاب السياسية ولا توجد قوة تستطيع إنهائه، وأن لا جدول زمنيا لسحب السلاح”، أو لجهة إقتراع المغتربين الذي لا يسير وفق تطلعاته في مجلس النواب، فضلا عن الحديث المتنامي حول إستطلاعات رأي تشير الى أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بات يتمتع بشعبية كبيرة في الشارع المسيحي توازي أضعاف شعبيته وشعبية القوات.

وبما أن “اليائس يلجأ دائما إلى الشتائم”، فقد فشّ جعجع خلقه بالزعيم وليد جنبلاط معتبرا أن “لديه سلاحا لم يتخل عنه هو لسانه”، وكذلك بالتيار الوطني الحر، معتبرا أنه يُدرّس كيفية خداع الناس وتزوير الوقائع، قائلاً: “يخرب بيتهم، ما أكذبهم.. هم أسياد الكذب، وأبرع من مارس الخداع في الحياة السياسية”.