Beirut weather 22.99 ° C
تاريخ النشر December 2, 2016
A A A
إنتصارات حلب ترسم معالم النصر الإستراتيجي
الكاتب: عمر معربوني - بيروت برس

00cbdeed5abf38f7ffd080d1e1813c66

منذ سنتين تقريبًا كان الوضع في حلب مختلفًا عمّا هو هذه الأيام، إلّا أنّ معالم المشهد الحالي بكل متغيراته بدأت بعد سيطرة الجيش السوري على منطقة الشيخ نجار وتحرير السجن المركزي. حينها كنا امام تطور تمثل في فشل الجماعات الإرهابية بتحقيق اهدافها بدايات العام 2014 عندما اطلقت معركة “بتر الكافرين” التي استهدفت محورين اساسيين، وهما موقع المخابرات الجوية شمال مدينة حلب ومحور الراموسة جنوب المدينة.

بعد فشل الجماعات الإرهابية في المعركة المذكورة، بدأ الجيش السوري بإستثمار نتائج الفشل والتقدم نحو المدينة الصناعية وفك الحصار عن السجن المركزي لتحقيق مسألتين:

1- تغيير المشهد الميداني عبر تثبيت طوق بعيد حول الأحياء الشرقية من الجهة الشرقية لحلب، يمتد من مطار النيرب وصولًا الى نقطة ارتكاز باشكوي التي استكمل الجيش الوصول اليها بعد تحرير السجن المركزي، وهذه الخطوة تمت قبل الدخول الروسي على خط الحرب.

2- بدء العمليات في الريفين الجنوبي الغربي والجنوبي الشرقي بعد الدخول الروسي، وهي الخطوة التي منحت الجيش هامش مناورة كبير كان سببًا في دحر الهجمات الإرهابية على الكليات العسكرية وغرب حلب، وما نعنيه بالمناورة هنا هو قدرة الجيش على الحركة بعد سيطرته على مساحات واسعة.

ممّا لا شك فيه ان نتائج معركة الكليات العسكرية على الجماعات الإرهابية وما تلاها من نتائج في الريف الغربي أدّت الى خسائر كبيرة في العديد البشري للجماعات الإرهابية وكانت خاتمة سلسلة الإنهيارات المعنوية والعسكرية حتى بدء معركة الأحياء الشرقية. في المباشر، لا يمكننا عزل نتائج انتصارات الجيش السوري في الغوطة الغربية للعاصمة دمشق عبر إجبار مسلحي داريا والمعضمية وقدسيا والهامة وأخيرًا خان الشيح على المغادرة الى ادلب عما يحصل في حلب، فأغلبنا تكلمنا عن الأهمية الكبرى لأم المعارك في حلب ومدى انعكاساتها الإيجابية لصالح الدولة السورية والسلبية على الجماعات الإرهابية وداعميها ابتداءً من اميركا وصولًا الى قطر وتركيا والسعودية.

اما كيف سترسم انتصارات حلب معالم النصر الإستراتيجي، فالجواب يجب ان يكون شاملًا ومتكاملًا فأي انتصار مهما كان صغيرًا لا يمكن تجاهله كونه يندرج ضمن تراكم الإنتصارات سواء بهزيمة الإرهابيين في الميدان او من خلال إخضاعهم للتسويات، وهنا لا بد من التذكير ان كل التسويات التي حصلت لم تكن خاضعة لرغبة الإرهابيين وانما بسبب وصولهم الى مرحلة العجز عن اكمال المعركة بعد حصارهم من قبل الجيش السوري وتضييق الخناق عليهم ووضعهم ضمن حالة اللاخيار سوى خيار التسوية التي تتعدد اشكالها.

في مرحلة سابقة تكلمنا عن وصول الخطة الأميركية الرابعة التي كانت تهدف الى ربط القلمون بحرمون والتي جاءت نتائجها ايضًا عكس ما يرغب المخطط والمنفذين، حيث حرر الجيش السوري والمقاومة اللبنانية كامل المنطقة الممتدة من القصير شمالًا حتى خان الشيح جنوبًا، مع بقاء بعض البؤر الصغيرة في منطقة برزة والحجر الأسود وببيلا ومخيم اليرموك التي أعتقد انها ستدخل في التسوية سريعًا بعد حصول الإنهيارات العسكرية في داريا والمعضمية وخان الشيح وقدسيا والهامة، واخيرًا التل التي سيتم تنفيذ التسوية فيها خلال ايام ليبقى بؤر قليلة في منطقة وادي بردى وما تبقى من الزبداني التي حصلت فيها تهدئة مقابل كفريا والفوعة، وهي هدنة لن تستمر طويلًا حيث سيعمد الجيش السوري بالتأكيد بعد الإنتهاء من تحرير الأحياء الشرقية الى استئناف العمليات في اكثر من اتجاه وسيكون التوجه نحو كفريا الفوعة انطلاقًا من الجبهة الغربية لحلب اضافة الى جبهة الجنوب الغربي اتجاهًا اساسيًا منها، على ان يسبق ذلك بالتأكيد اعادة تحرير خان طومان وتل العيس كنقاط ارتكاز اساسية لا بد منها لبدء معركة ادلب التي لن تبدأ قبل تحقيق بعض الشروط الميدانية وشروط اخرى سياسية ترتبط باتصالات تجريها روسيا لحشد اكبر عدد ممكن من الدول المؤيدة للعمليات.

وعليه، فإنّ ما يحصل حتى اللحظة يرسم آفاق المراحل القادمة بشكل واضح، والمستند هو اندفاعة الجيش السوري وسلسلة الإنتصارات من حلب الى خان الشيح والغوطة الشرقية وكثافة التسويات الحاصلة في الشهرين الأخيرين. والمرحلة القادمة بالتأكيد سترسم معالم النصر الإستراتيجي، ولكنها لن تكون مرحلة الإنتهاء من الحرب بشكل كامل الا بتحقق العديد من الشروط التي تؤدي الى الحسم الميداني، إلّا أنها ستكون بالتأكيد بداية مرحلة جديدة لا تقل خطورة عن المواجهة العسكرية وهي مرحلة العمل السري للجماعات الإرهابية وهو ما تستعد له الدولة السورية ويتطلب تعاونًا كبيرًا من قبل المواطنين في كل المناطق.