“تنذكر وما تنعاد”…عبارة مؤثرة ومليئة بالوجع الذي شعر به كل من عايش الحرب الأهلية في لبنان ولكن هل تخطينا ذلك وهل بالفعل نريدها ان “تنذكر وما تنعاد” ام ان هناك من هو مستعد للعودة اليها او يؤجج كي تنعاد؟… منهم عن سابق تصور وتصميم ومنهم عن قلة وعي.
١٣ نيسان ١٩٧٥، يوم محفور بذاكرة لبنان، انها بداية الحرب الأهلية وما خلفته من ضحايا ودمار وجروح، بعضنا عايش هذه الحرب وبعضنا الاخر سمع عنها، اخبارها كلها مؤلمة وطالت كل أطياف الشعب اللبناني وأعادت بلد الارز مئات السنين الى الوراء بعدما كان درة الشرق.
كل سنة في ١٣ نيسان تتردد عبارة “تنذكر وما تنعاد” ولكن هل تعلمنا منها؟ وهل حفظنا دروسها؟ أم أننا نعيد إنتاج أسبابها بأشكال جديدة؟
تنقية الذاكرة بعد الحروب مهم جداً وكذلك اخذ العبر وفهم جذور الاحداث التي اوصلت اليها كي لا تتكرر كل بضع سنوات لاسيما ان التجارب في لبنان أثبتت أن التحريض الطائفي على انواعه، والانقسام السياسي الحاد، والخطاب المتعصب، ونكء الجراح كلّها تؤدي لا محالة الى انفجار العنف والأجرام والحقد على بعضنا البعض وهذا لا يجوز لان لبنان واللبنانيين شبعوا حتى التخمة من حروبهم وحروب الاخرين على ارضهم ويحتاجون اكثر من اي وقت الى السلم الاهلي.
في الحرب الأهلية الكل خاسر والخاسر الاكبر لبنان اما الرابح الوحيد فهو الدمار والأجرام والعنف والتهجير وقطع اوصال الوطن.
في ١٣ نيسان ٢٠٢٥ اي بعد خمسين سنة من اندلاع الحرب الاهلية تعالوا نعمل على تنقية الذاكرة الجماعية بدلاً من التخويف من الاخر، تعالوا نجعل العيش المشترك ثقافة بدلاً من رفعه كشعار من وقت لاخر، تعالوا نعالج اختلافاتنا بالحوار لا بالاقتتال فلا احد بإمكانه الغاء احد وهذا ما اثبته التاريخ وما علمتنا أياه التجارب فالوطن لا يُختصر بطائفة أو حزب او تيار او حركة بل يحتضن الجميع وعلى الجميع احتضانه والعمل في سبيل ازدهاره لا موته. فلتكن ذكرى الحرب الأهلية محطة وعي لا مناسبة انقسام، ولنتذكر دائماً: “تنذكر وما تنعاد”.