كتب محمد خواجوئي في “الأخبار”
في أعقاب التدريبات العسكرية المشتركة بين الصين وإيران وروسيا، والتي جرت هذا الأسبوع، عُقد اجتماع للدول الثلاث في بكين، أمس، لتنسيق مواقفها، وخاصة في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وسط ضغوط متزايدة من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وفي ختام الاجتماع الذي عُقد على مستوى نواب وزراء الخارجية، صدر بيان شدّد على «ضرورة رفع العقوبات الأميركية عن إيران واستئناف المفاوضات المتعدّدة الأطراف من أجل حل الخلافات»، مشيراً إلى أن «الدول الثلاث ركّزت على التبادلات المعمّقة لوجهات النظر حول القضايا النووية، وضرورة إنهاء العقوبات الأحادية غير القانونية كافة».
كما أكّد البيان أن «الاتصال والحوار السياسي والدبلوماسي على أساس الاحترام المتبادل هما الخياران الوحيدان الفعّالان والممكنان، بالإضافة إلى ضرورة التزام الأطراف المعنية بالقضاء على الأسباب الجذرية للوضع الحالي، والتخلّي عن العقوبات والضغوط والتهديدات باستخدام القوة». وتطرّق كذلك إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، معتبراً أنها تشكّل «حجر الزاوية في النظام الدولي لمنع انتشار الأسلحة النووية». ورحّبت كلّ من الصين وروسيا بتأكيد إيران الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي وعدم سعيها لتطوير أسلحة نووية، كما رحّبتا بالتزام إيران «بالوفاء الكامل بالتزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات الشاملة»، مؤكّدتين دعمهما سياسة إيران المتمثّلة في مواصلة التعاون مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وضرورة الاحترام الكامل لحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
ويأتي هذا الاجتماع في وقت دعت فيه الإدارة الأميركية، التي جدّدت تفعيل سياسة «الضغط الأقصی» ضد إيران، الأخيرة إلى إجراء مفاوضات معها، وذلك من خلال الرسالة التي بعث بها ترامب أخيراً إلى المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي، فیما وصف المسؤولون الإيرانيون طلب ترامب المفاوضات بأنه «خداع للرأي العام»، ورفضوا أي مفاوضات تحت الضغط. وفي هذا الشأن أكّد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أنّ «طهران لن تفاوض تحت الضغط الأقصى، لأنّ مثل هذه المفاوضات لن تحقّق مطالبها»، مضيفاً أنّ «استراتيجية إيران لمواجهة سياسة الضغط الأقصى هي المقاومة القصوى». وقال عراقجي في تصريحات لصحيفة «إيران» الحکومیة، إنّ «إيران لن تدخل في محادثات مباشرة مع أميركا إلا عندما تضمن مصالحها القومية وتكون المحادثات خالية من الضغوط والتهديدات وتحفظ عزة البلاد».
عراقجي: استراتيجية إيران لمواجهة سياسة الضغط الأقصى هي المقاومة القصوى
ونظراً إلى العلاقات الوثيقة التي تربط إيران بروسيا والصين، يبدو أن مسؤولي طهران سينسّقون سياستهم تجاه الولايات المتحدة مع حلفائهم في موسكو وبكين، أكثر مما فعلوا في الماضي. ويشكّل اجتماع بكين، إلى جانب إجراء مناورات مشتركة للدول الثلاث، إشارة إلى سعيها إلى أن تكون أكثر اتحاداً في مواجهة ضغوط ترامب. وکانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، قالت إن الهدف من المحادثات في بكين هو «تعزيز التواصل والتنسيق، بهدف استئناف الحوار والمفاوضات في وقت قريب».
وقبل يوم واحد من الاجتماع الثلاثي في بكين، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على وزير النفط الإيراني، محسن باكنجاد، بالإضافة إلى استهداف المزيد من الشركات والسفن المرتبطة بأسطول النفط الإيراني «السري»، والذي تقول واشنطن إن طهران تستخدمه للالتفاف على العقوبات. ورداً علی ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في بيان، أمس، إن هذه الخطوة تدل على «نفاق الولايات المتحدة، بعد دعوتها مراراً إلى إجراء محادثات نووية مع إيران»، مضيفاً أن العقوبات هي «دليل واضح آخر على زيف هذه التصريحات وعلامة أخرى على عداء واشنطن للتنمية».
وقبل يومين من اجتماع بكين، عقد مجلس الأمن اجتماعاً مغلقاً بشأن البرنامج النووي الإيراني، وهو ما رأى فيه بعض المراقبين بمثابة إشارة إلى الجهود الغربية التدريجية لإعادة البرنامج النووي الإيراني إلى قضية أمنية دولية. وعلى رغم نفي إيران مراراً عملها على تطوير سلاح نووي، حذّرت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، الشهر الماضي، من أن طهران تزيد بسرعة من وتيرة تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء تقترب من المستوى اللازم لصنع أسلحة نووية. ومن المتوقّع أنه إذا لم يتم حل القضايا بين إيران والوكالة خلال شهرين، فإن الدول الأوروبية المتبقية في الاتفاق النووي، ستتجه نحو تفعيل «آلية الزناد» الواردة في قرار الأمم المتحدة الرقم 2231، وهو ما يعني العودة التلقائية للعقوبات الدولية ضد إيران.