Beirut weather 14.65 ° C
تاريخ النشر January 22, 2025
A A A
كيف تؤثر المشاهد العنيفة في التلفزيون على سلوك الأطفال؟

كشفت دراسة كندية وجود ارتباط طويل الأمد بين التعرُّض لمحتوى عنيف على التلفزيون في سنٍّ مبكرة، وزيادة احتمالية السلوكيات العدوانية والمعادية للمجتمع لدى المراهقين بعد أكثر من عقد من الزمن.

وأوضح باحثون من جامعة مونتريال، في الدراسة التي نُشرت نتائجها، الاثنين، في «المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة»، أن تأثير العنف التلفزيوني لا يقتصر على التصرفات الفورية؛ بل يمتد لسنوات، مما يهدد الصحة النفسية للأطفال وقدرتهم على التكيف الاجتماعي.

علاوة على ذلك، قد تؤثر مشاهدة التلفزيون المفرطة على نمط النوم، وتقلل من النشاط البدني، مما يعزز من مخاطر السمنة والقلق. ولرصد تأثير مشاهدة العنف على سلوكيات الأطفال، اعتمدت الدراسة على بيانات من الدراسة الطولية لتنمية الأطفال في كيبيك، وشملت نحو 2000 طفل من الذكور والإناث وُلدوا بين عامَي 1997 و1998. وقامت عائلات الأطفال بالإبلاغ عن مدى تعرُّض الأطفال لمحتوى عنيف على التلفزيون عندما كانت أعمارهم بين 3.5 و4.5 عام. ثم قدَّم المراهقون تقارير ذاتية عن سلوكياتهم المعادية للمجتمع في سن 15 عاماً.

وتمَّ تعريف «العنف التلفزيوني» في الدراسة على أنه «أي محتوى يتضمَّن العنف الجسدي أو اللفظي أو الاجتماعي، الذي يسعى إلى إيذاء الآخرين عمداً». ووفق الدراسة، فإن الأطفال ينجذبون إلى المحتوى العنيف، السريع الإيقاع، الذي يضم شخصيات جذابة، مثل الأبطال الخارقين الذين يمارسون أفعالاً عدوانية ويُكافَأون عليها، مما يزيد من احتمال تعرضهم لهذا النوع من المحتوى.

وأظهرت التحليلات أن مشاهدة المحتوى العنيف في سنٍّ مبكرة تؤدي إلى زيادة السلوكيات العدوانية في المراهقة، خصوصاً لدى الذكور. وتشمل هذه السلوكيات، الاعتداء الجسدي؛ مثل الضرب أو السرقة لتحقيق أهداف معينة، والتهديدات والإهانات، والمشارَكة في معارك جماعية، واستخدام الأسلحة. في المقابل، لم تُظهر الدراسة أي تأثيرات مشابهة لدى الفتيات، وهو أمر متوقع نظراً لأن الأولاد يتعرَّضون للمحتوى العنيف أكثر.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة مونتريال، الدكتورة ليندا باغاني، إن «الدراسة تقدِّم دليلاً قوياً على أن التعرُّض المبكر لمحتوى عنيف على التلفزيون يمكن أن تكون له تأثيرات خطيرة وطويلة الأمد، خصوصاً على الذكور». ودعت، عبر الموقع الإلكتروني للجامعة، إلى إطلاق مبادرات صحية عامة تستهدف توعية الأهالي والمجتمعات حول هذه المخاطر، وتشجيعهم على اختيار المحتوى المناسب لأطفالهم بعناية. وتابعت أن الأهالي والمجتمعات لديهم دور حاسم في الحد من المشكلات المستقبلية من خلال منع الأطفال من التعرُّض للمحتوى العنيف على التلفاز، مما قد يسهم في تقليل احتمالية ظهور سلوكيات عدوانية أو معادية للمجتمع في المستقبل.

يشار إلى أن مشاهدة التلفزيون تؤثر بشكل كبير على الأطفال، حيث تعرضهم لمحتويات تعليمية وترفيهية، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تأثيرات سلبية مثل زيادة السلوك العدواني، خصوصاً إذا كانوا يتعرَّضون للمحتوى العنيف.