Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 22, 2025
A A A
المقاومة بين ليل الأحد وصباح الإثنين
الكاتب: ناصر قنديل

كتب ناصر قنديل في “البناء”:

لا كلام قاطع عند الأميركيين والإسرائيليين حول ما بعد الستين يوماً التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار كمهلة زمنية لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان إلى ما وراء الخط الأزرق، ذلك أن التصريحات والمنشورات الإعلامية متضاربة في الجواب على سؤال ماذا عن اليوم الحادي والستين، بعضها المتفائل والإيجابي يقول إنه يفترض أن تكون قوات الاحتلال قد أنجزت انسحابها، ولا يجزم بأن ذلك ما سوف يحصل. أما البعض الثاني فيروج الى وجود حاجة إلى المزيد من الوقت لإتمام عمليات الانسحاب.

الدولة اللبنانية تؤكد على لسان رئيس الجمهورية الآتي من قيادة الجيش اللبناني على ضرورة تنفيذ الانسحاب ضمن المهلة، وتعتبر أي تلاعب بالمهلة تهديداً للاستقرار، لكنها تتصرف على قاعدة أن ليس بيدها ما تفعله إلا الشكوى والمطالبة، ولو ثبت أنها بلا طائل، وأمامها هذا الانفلات الإسرائيلي الذي نتج عنه تدمير يعادل أضعاف التدمير الذي تسببت به أيام الحرب في القرى الأماميّة، وتسبب بسقوط مواطنين لبنانيين بين شهداء وجرحى، ومثّل إهانة جارحة لكل اللبنانيين، والجنوبيون منهم، خصوصاً أن الطائرات المسيّرة والطائرات الحربية لا تزال في أجواء العاصمة وليس الجنوب فقط، والاحتمال قائم أن يأتي اليوم الأخير من مهلة تنفيذ الاتفاق ويواصل الاحتلال انتهاكاته، فماذا ستفعل الدولة؟ والجواب سوف تواصل الدولة مطالباتها للرعاة للتدخل وحماية نهوض الدولة اللبنانية الذي يهدّده العبث الإسرائيلي، وأن تتوجه الى المجتمع الدولي مطالبة بالضغط على حكومة الاحتلال للتقيد بالاتفاق.

المقاومة بصفتها القوة التي حرّرت الأرض والتي دافعت عنها قبل اتفاق وقف إطلاق النار، وافقت على صيغة الاتفاق ومهلة الستين يوماً المخالفة لنص القرار 1701، وقبلت خلال هذه المهلة بأن تكتفي بالتحذير من خطورة العبث الإسرائيلي والصمت أمامه، وتذكير المعنيين في الدولة بأن هذا النموذج الذي تقدمه الدولة خلال مهلة تطبيق الاتفاق وتنازلها عن حق الدفاع عن النفس الموازي لما يدّعيه الاحتلال تحت ذريعة هذا البند ويحوله الى مبرر للعدوان، ليس هو النموذج الذي يمكن البناء عليه بالقول إن الدولة تحمي، وإن لا حاجة لوجود المقاومة، لكن المقاومة لا تنكر أنها قبلت بالستين يوماً وصمتت عملياً خلالها، لأنها كانت تحتاج هذا الوقت لإعادة ترتيب أوضاعها بعد الضربات القاسية التي تلقتها، وأنها كانت بدرجة موازية تتفادى الحملات التي تستهدفها من الداخل اللبناني خصوصاً لتحميلها مسؤولية أي اهتزاز في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.

السؤال عن كيفية تعامل المقاومة في اليوم الحادي والستين من تاريخ الاتفاق، يبدو أنه صار محسوماً الجواب، وبعد كلام للمقاومة عن أنها تختار توقيت الردّ على الاعتداءات قبل أو بعد مهلة الستين يوماً، تكثفت التصريحات التي تقول إن اليوم الحادي والستين هو يوم للمقاومة، بعد ستين يوماً كانت للاحتلال، وإنه ما لم ينه الاحتلال سحب قواته إلى ما وراء الخط الأزرق فإن المقاومة سوف تتصرّف. وهذا يعني أن المقاومة تعافت وأنهت عملية إعادة ترتيب وتنظيم أوضاعها، وصارت جاهزة لاسترداد مهامها، وأنها تدرك ضعف المنطق الذي قد يواجهها عندما تحرّكت، بعدما صار واضحاً أن الاحتلال يتمادى عندما لا يجد من يتصدى لعدوانه، وما تشهده الأراضي السورية خير دليل، حيث لم تقم الحكومة الجديدة في سورية بأي خطوات تستفز الاحتلال، بل إن الاحتلال اعتبر أن ما حدث في سورية من توجيه ضربات لمحور المقاومة مكاسب تحققت لحسابه، دون أن يمنعه ذلك من التصرف بعدوانية مفرطة بحق سورية، سواء عبر القصف المتواصل لمقدرات الجيش السوري، أو عبر إطلاق وحداته العسكرية العنان للتوغل في الأراضي السورية.

الاثنين غير الأحد، هذا ما تؤكده المقاومة، واليوم الحادي والستين غير اليوم الستين، وهذا الكلام المتصاعد على ألسنة قيادات حزب الله قد يتوّجه كلام واضح وتحذيري للأمين العام لحزب الله قبل نهاية المهلة، وثمّة احتمال كبير أن يؤدي هذا الكلام إلى ردع الاحتلال عن البقاء، فيخرج جماعة التطبيل والتزمير للقول إن انضباط الاحتلال بالمهلة عائد إلى تحذيرات أميركية، وإن بقي ولم ترد عليه المقاومة يقولون ولماذا السلاح، وإن بقي وقامت بالمقاومة بالردّ فسوف يقولون إن ما تفعله المقاومة هو واحدة من مغامراتها التي تعرّض لبنان للخطر.

حكاية المقاومة مع هؤلاء هي الحكاية ذاتها لجحا وابنه وحماره مع محاولة إرضاء المنتقدين بدلاً من فعل اللازم!