Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 16, 2025
A A A
سنة ٢٠٢٤ كانت كارثية على التجارة بتدني النشاط بنسبة ٨٠ في المئة
الكاتب: جوزف فرح - الديار

رئيس جمعية تجار بيروت وأمين عام الهيئات الاقتصادية نقولا شماس له نظرته الثاقبة بالنسبة لواقع الأمور حاليا وهو يبني الآمال الكبيرة على قسم رئيس الجمهورية الذي يعتبره خطابا استثنائيا وهو يبشر اللبنانيين بأن ورشة الاصلاح قد بدأت لا سيما أن العناوين السيادية التي وردت في خطاب القسم هي نفسها التي طالما نادت بها الهيئات الاقتصاديه. كما يشدد على أن الاقتصاد اللبناني اذا حرر من قيود السياسة سيدهش العالم لما للقطاع الخاص من عبقرية وقدرة واقدام.

جاء ذلك في حديث شماس على الشكل الاتي:

ماذا يعني وجود الرئيس جوزاف عون في رأس الجمهورية اللبنانية للهيئات الاقتصادية وماذا تأمل منه أن يحقق؟

ان انتخاب الرئيس عون وخطاب القسم الذي تلاه في مجلس النواب تعتبره الهيئات الاقتصادية وكل الجمعيات الأخرى استثنائيا وقد نال استحسان كل اللبنانيين والمجتمع الاقتصادي. ان العناوين السيادية التي جاءت في الخطاب كمثل “الدولة القوية والقادرة”، “دولة المؤسسات “، “الحقوق والواجبات “، “كل اللبنانيين سواسية أمام القانون”،”الحياد الإيجابي “، “العلاقات النديه مع سورية”، “حصرية السلاح “، “اللامركزية الإدارية الموسعة”، “العودة إلى الحضن العربي “، “استقلالية القضاء “، “مكافحة الفساد والمافيات وتبييض الأموال” هي عناوين حملت لواءها الهيئات الاقتصادية منذ سنوات طويلة وهي ليست على صلة مباشرة بالاقتصاد لكنها تشكل المدماك الأساسي الذي يقف عليه الاقتصاد. إذن هذه هي البنية التحتية الاقتصادية أما بخصوص البنية الفوقية الاقتصاديه فقد قال الرئيس كلاما مهما جدا عن حماية الاقتصاد الحر وانا أضيف هنا مفهوما آخر هو تحرير الاقتصاد لأن الاقتصاد اللبناني مقيد ومكبل منذ سنوات طويلة من الطبقة السياسيه والاعتبارات السياسية . اذا ترك الاقتصاد اللبناني دون ذلك سيدهش العالم حقا بما يملك من عبقرية وقدرة وشجاعة واقدام في القطاع الخاص لكن السياسة كانت دائما تحبط الاقتصاد لذا تحريره أمر مهم جدا بالإضافة الى الحرية التي تكلم عليها الرئيس. اذن علينا تحرير الاقتصاد من القيود السياسية ومن البيروقراطية والتدخلات الداخلية والخارجية ولهذا اعتقد ان العنوان الابرز هو تحرير… في الخلاصة نحن سنكون إلى جانب العهد الجديد وحكومته الجديدة إذ ان”اهل مكة ادرى بشعابها”. لقد كان وقع الحرب الأخيرة قويا علينا كلنا وقد قربتنا من بعضنا حيث تقربت على المستوى الشخصي من التجار وكذلك فعل غيري من رؤساء الجمعيات كرئيس جمعية الصناعيين وغيره . لقد ذهبت إلى النبطية بدعوة من رئيس جمعية تجار النبطية ممثلا رئيس الهيئات الاقتصادية وليس فقط بصفتي التجارية انما بطلب من رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير حيث عاينت الواقع بأم العين. أن هذا السوق هو سوق تاريخي يعود إلى ايام المماليك وقد تم هدمه وتدميره بالكامل . ان عملي هذا يبرز أهمية تقربنا من بعضنا بعضا ومن قربنا من الواقع على الأرض وقد تعرفنا بشكل كبير الى التحديات المقبلة.

. التحديات والمعالجة

ما هي هذه التحديات وكيف ستعالجونها؟

ان اول التحديات هو التحدي المالي إذ إن المشكلة الأساسية في لبنان هي العجز في المالية العامة وهي تعود الى سنوات طويلة مضت مما رتب على الدولة مديونية جعلت خدمة الدين أثقل وزادت العجز وراكمت المديونية . ان هذه الدوامة هي التي خنقت لبنان الذي يحتاج بشكل دائم إلى عملة صعبة لسد العجز . إذن إن الأزمة المالية هي الأساس وحتى اليوم لم تقم الدولة باي شيء لمعالجتها إنما قامت فقط بتخفيف النفقات وجباية ايراداتها على سعر الصرف الفعلي. إن الجهود المالية كبيرة لكن المعالجة لم تتم بعد بالعمق المفروض. أيضا يجب إعادة هيكلة القطاع العام الذي يرتب كلفة باهظة على لبنان. نحن نعلم أن الرواتب ما زالت متدنية مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة في العام ٢٠١٩ لكن يجب تخفيف حجم القطاع العام وتحسين الرواتب اي عدد أقل ورواتب أعلى وهذا الأمر يشكل تحديا كبيرا وبابا لتخفيض العجز في القطاع العام وموازنة الدولة . أيضا يوجد موضوع النقد الذي يشكل هاجسا للبنانيين لذا عندما تستقر الأمور وتعود الثقة وتتم إعادة الهيكلة المالية والاقتصادية المطلوبة فليس ضروريا تثبيت سعر الصرف إنما المفروض الاتجاه إلى سعر صرف عائم مما يخفف من أعباء تكوين الدولار والاحتياط. أيضا يوجد التحدي الانمائي والاعمار الذي استجد خلال السنة الماضية والذي سيكلف ١٠ مليار دولار . للحقيقة ان الهيئات الاقتصادية هي أول من أعلن هذا الرقم إذ يوجد من جهة الكلفة الاقتصادية ومن جهة أخرى يوجد الأضرار التي لم نصل بعد فيها إلى تحديد الرقم النهائي إذ لم يحصل بعد مسح شامل على الحافة الأمامية فالعدو الاسرائيلي لا يزال موجودا على الحافة الأمامية لكن الدراسة التي قام بها البنك الدولي جاءت دقيقة جدا فقد رصد الموضوع بالاقمار الصناعية وقد استعمل تقنيات كهرومغناطيسية الكتروميكانيكية، وقد تبين أنه يوجد ١٠٠٠٠٠ وحدة سكنية على الأقل قد تضررت كليا او جزئيا، وقد قال البنك الدولي إن ٧٥% من الأضرار هي سكنية وبالتالي لن يستقر المجتمع الا اذا عادت الناس إلى بيوتها لهذا يأتي تحدي الاعمار والإنماء في الطليعة. لقد قال البنك الدولي ان قطاع التعليم والقطاع البيئي والانمائي والصحي قد تم ضربه خلال الحرب وقد تضرر ولكي يعود الاقتصاد للنمو وإثبات الوجود يجب معالجة ذلك أيضا. ثم يأتي الموضوع الاقتصادي الصرف ويرى البنك الدولي أن الهيئات الاقتصادية هي اللاعب الابرز في هذا الموضوع إذ ان اقتصادنا هو اقتصاد حر وبين يدي القطاع الخاص ومن هنا أهمية القطاع الخاص ودوره الحيوي. إن المساعدات التي ستأتي إلى لبنان ستكون على شكل استثمارات أكثر منها كمنح كما أنه ما عاد من الممكن حدوث استثمار عاطفي.

مشاركة الهيئات الاقتصادية

الا تحبذون مشاركة بعض أعضاء الهيئات الاقتصادية في الحكومة الجديدة لتنفيذ ما تطالبون به؟

أجل يجب أن تكون ملائكة الهيئات الاقتصادية حاضرة في الحكومة . لقد قلت في أكثر من مناسبة انه يوجد ١٨عضوا في الهيئات يمثلون كل الشرائح وهم منتخبون ويملكون الشرعية، كما يوجد في غرفة التجارة أكثر من ١٠٠٠٠ عضو . نحن لدينا المشروعية خصوصا ان لدينا انتخابات كل اربع سنوات وتوجد محاسبة . ان وجودنا هو بإرادة القطاعات والشركات التي نمثلها وليس بارادتنا الشخصية .

لقد قال أحدهم انه يوجد ١٨عضوا ويجب اختيار أحد منهم في الحكومة. انا اتوقع ان تتمثل الهيئات الاقتصاديه وليس لدي اي معطيات بهذا الخصوص لكن نظرا لدقة المرحلة وخطورتها حيث توجد تراكمات عديدة ومشروع إعادة اعمار إلى جانب تحديد هوية لبنان الاقتصادية.

هل تعتبرون أن انتخاب الرئيس عون هو حد فاصل بين معاناتكم كتجار وما تتكبدونه من خسائر وبين تطلعاتكم الايجابية للمستقبل؟

بكل تأكيد. لقد كانت سنة ٢٠٢٤ سنة كابوسية على القطاع التجاري وقد وصل القطاع إلى مرحلة الذروة في التراجع وتحديدا ما بين ١٧ أيلول و٢٧ تشرين الثاني إذ حلت بنا الكارثة الكبرى وقد تدنى النشاط بنسبة ٨٠% برقم وسطي حتى ان بعض المحافظات بلغت درجة ١٠٠%. لقد كنا جميعا في أزمة وقد بلغت نسبة التراجع حد٨٠% لكننا حرصنا على ابقاء أجور العمال على حالها وخارج البحث واخترنا تحمل الواقع رغما عنا . لكن لو ازدادت الأمور تراجعا كنا سنضطر الى اتخاذ التدابير اللازمة بهذا الخصوص لحماية مؤسساتنا. انا اود هنا أن اشكر الاتحاد العمالي العام ووزير العمل لاقتناعهما برؤيتنا بخصوص زيادة الأجور وقد نصحنا بالتريث حتى انتهاء الحرب .

ما هي تطلعاتكم للمستقبل؟

انا انتظر أن يدخل لبنان عصره الذهبي إذ اننا منذ العام ٢٠٠٥ نعاني عمليا لذا من الضروري استعادة الثقة خصوصا ان كل الناس اليوم تثق برئيس الجمهورية الذي يبدأ عهده برصيد هائل على هذا المستوى وانا على يقين أنه سيصرفه بنجاح كما استثمره بنجاح عندما كان قائدا للجيش الذي يعتبر درع الوطن . ان الرئيس سيثتثمر رصيده هذا بنجاح مثمر للمجتمع والاقتصاد اللبناني كله. اننا كقطاع تجاري لا نطلب شيئا لأنفسنا “يسوانا ما يسوى الناس” وفي حال تحسن المزاج العام ستعود الناس لتصرف بحرية وتنفق كما السابق على السلع المعمرة كالسيارات مثلا .

ماذا عن القطاع المصرفي؟

رشة المصارف هي ورشة كبرى ولدينا خارطة طريق واضحة ومعروفة بهذا الشأن. كما علينا قراءة حكم مجلس شورى الدولة لمعرفة أين ذهبت الأموال. يقول الحكم أن الحكومة أعفت مصرف لبنان من التزاماته الدولارية تجاه المصارف التجارية وهو غير قادر على رد موجباته للمصارف اي أن الودائع هي في مهب الريح ، كما يقول مجلس الشورى ان المسؤولية الكبرى تقع على الدولة اللبنانية لذا عليها هي أن ترد الأموال فهي المسؤولة عن تبديدها. لقد اهدرت الدولة الودائع على الدعم وتثبيت سعر الصرف وعلى الكهرباء وتسديد اليوروبوندز… إذن علينا وضع خارطة طريق بالتعاون مع صندوق النقد الدولي الذي لا يمانع شطب الودائع وقد وقفت الهيئات الاقتصادية ضد هذه الفكرة وعارضناها بشدة . اننا حريصون على الودائع وهي ستعود لكي تتكون من خلال النمو الاقتصادي . لقد قال الرئيس عون انه لن يتهاون في موضوع الودائع ونحن كهيئات لن نتهاون بالامر ونشدد على ذلك .

كثيرون يشددون على أن الهيئات الاقتصادية تتكلم كثيرا لكنها لا تفعل شيئا لذا ما الذي تقوم به هذه الهيئات حاليا؟

هذا كلام ظالم . لقد عملت الهيئات الكثير من الأمور.

ماذا فعلت؟

عندما بدأت الحرب قصدت الهيئات الاقتصادية رئيس الوزراء الذي أوجه له التحية اليوم لحسن ادارته أثناء تلك الفترة وطالبناه ببعض الإجراءات التي استجاب لها، كما نحييه للكلام السيادي الذي قاله إزاء التدخل السافر من الخارج في الداخل اللبناني. لقد ذهبنا اليه مع مجموعة من المطالب وبعضها مالي حيث طالبنا بابقاء بعض السيولة لدى المؤسسات لا سيما بعد تراجع أعمالها بحوالى٨٠ %، كما طالبنا بتمديد المهل وقد استجاب فورا لذلك رغم أن المجلس الدستوري عاد فابطل القرار لكن رئيس الوزراء يومذاك قام بواجبه مشكورا. لقد طلبنا ايضا من مصرف لبنان ان يضع سيولة اضافية في يد المودع وقد تجاوب مع طلبنا هذا، كما طالبنا ببعض الإجراءات لتسهيل مقاصة الشيكات. وفي موضوع الضمان الاجتماعي طالبنا باطالة مدة براءة الذمة وقد تم التجاوب ايضا مع هذا المطلب بالإضافة الى امور تتعلق بالمرفا والجمارك . لقد تم التجاوب مع كل مطالبنا.

لكن اجتماعكم مع ممثلي الكتل النيابية لم ينتج منه شيء، لماذا؟

لأن الكتل النيابيه لم تجتمع. لقد احيلت الموازنة إلى لجنة المال والموازنة التي لم تجتمع بسبب ظروف الحرب.

مصير موازنة 2025 ؟

ما مصير موازنة العام ٢٠٢٥ برأيكم؟

لقد أصبح معروفا انها اذا لم تصدر حتى تاريخ ٣١ كانون الثاني من مجلس النواب وهي برأيي لن تصدر بسبب عدم دراسة الحكومة لها التي يحق لها بالتالي إصدارها بمرسوم وسيشكل ذلك اشكالية كبيرة لأن الأرقام فيها أصبحت غير واقعية . لقد اطلعت الهيئات الاقتصادية على هذه الموازنة في وزارة المالية وتأكدت أنه لا يوجد فيها ضرائب جديدة وهذا أمر أساسي يسجل لوزارة المالية التي حرصت على زيادة التحصيل وتحسين الجباية وهذا ما كنا نطالب به منذ سنوات وقد نزل المفتشون والمراقبون في الوزارة إلى الأرض وجالوا على الأسواق والمحلات ومن ليس لديه رقم مالي معلق على واجهة محله انذروه بأنه سيقفل ويختم بالشمع الأحمر. لقد لمسنا جدية كبيرة في الأمر لكن الحرب اندلعت واوقفت كل شيء. نحن نعتبر الآن ان تقدير الإيرادات عالية نسبيا وان النفقات منخفضة لذا تحتاج الميزانية إلى مراجعة .

كيف ستتم المعالجة، هل بمزيد من الضرائب؟

لن نقبل ذلك إذ باستطاعتنا زيادة الإيرادات بالجباية والنشاط الاقتصادي. اننا نركز دائما على الضرائب بينما اذا تحسن النشاط الاقتصادي تلقائيا سيتحسن المردود الضريبي على القيمة المضافة والجمارك وارباح المؤسسات وسواها .

توجد كلمتان من ثلاثة أحرف على درجة كبيرة من الأهمية وهما اساسيتان جدا: ثقة ونمو.  ان الثقة والنمو هما القادران على إخراجنا من الأزمة الاقتصاديه تدريجيا وعلى مراحل.

هل من إنجازات معينه لجمعية تجار بيروت ؟

لقد حققت الجمعية مجموعة من الانجازات أبرزها بشأن وقف استرجاع الضريبة على القيمة المضافة على المطار بسبب الاضطرابات النقدية وقد شكل ذلك مشكلة إذ زادت اسعار السلع بنسبة ١١% وقد عملنا مع وزارة المالية على استرداد المال وتحريك العجلة السياحية والتجارية التي تفعل عمل أكثر من ١٠٠٠ نقطة بيع في لبنان. لقد استجابت وزارة المالية لطلبنا لأنها اقتنعت ان كل دولار ترده للسائح سيضخ بالسوق او الاقتصاد اللبناني ٧ دولار . لقد اقتنعت الوزارة بهذه الحجة واثبتت انها ذات نظرة اقتصادية وليس فقط ضريبية. لقد استفاد من هذه الخطوة القطاع التجاري خصوصا في فترة أعياد الميلاد ورأس السنة وسنعمل بها في المواسم اللاحقة مستقبلا.