Beirut weather 18.31 ° C
تاريخ النشر January 15, 2025
A A A
التعاون للإنقاذ أم البقاء بين الإنقاض؟
الكاتب: صلاح سلام

كتب صلاح سلام في “اللواء”

ما أن بدأ اللبنانيون يتنفسون الصعداء، إرتياحاً لإطلالة خيوط فجر جديد، مع إنتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، وتكليف القاضي الدولي نواف سلام تشكيل الحكومة العتيدة، حتى عادت غمامات الحذر والقلق تخيّم على الأجواء السياسية، بسبب ما يعتبر «هواجس» الثنائي الشيعي من المتغيرات السريعة لبنانياً وإقليمياً، وإنعكاساتها على مراكز القوى الداخلية، وعلى توازنات المعادلة الوطنية.
لا بد في البداية من التسليم بأن الإنتخابات الرئاسية حصلت حسب الأصول الدستورية في مجلس النواب، عبر الدورتين المتتاليتين، حيث أسفرت الأخيرة عن فوز العماد عون بالرئاسة، وإقتراع كتلتي الثنائي الشيعي له.
كما أن الإستشارات النيابية الملزمة في القصر الجمهوري لتسمية الرئيس المكلف، قد جرت في أجواء ديموقراطية سليمة، صحيحة وصحية، حيث كانت المنافسة نظيفة بين مرشح الثنائي الرئيس نجيب ميقاتي، ومرشح المعارضة القاضي نواف سلام، وكانت المفاجأة بإحراز الثاني تلك النسبة العالية من الأصوات، بخلاف كل التوقعات التي سبقت يوم الإستشارات.
ويبدو أن الثنائي صُدم بحجم الأصوات التي صبّت لمصلحة مرشح المعارضة،
وإعتبر أن «كلمة سر» ما ، قلبت النتائج، وخرجت عن «التفاهمات» التي أحاطت بإنتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية.
وبعيداً عن السجال حول وجود التفاهمات، أو الصفقة الرئاسية أو عدم وجودها، ثمة عتب على رئيس كتلة نواب حزب الله الذي إعترض بطريقة فظة على النتائج الديموقراطية التي أسفرت عنها الإستشارات النيابية. ثم بدأت التسريبات المعهودة حول مصدر «كلمة السر»، ووَصَف ما حصل خروجاً عما تم الإتفاق عليه مع الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان.
ورغم البيان المُعد بعناية وطنية الذي أذاعه الرئيس المكلف بعد الإجتماع الثلاثي في بعبدا، والذي أكد فيه على يديه الممدودتين للحوار وللتعاون لإطلاق مسيرة الإصلاح وإعادة الإعمار، ومعالجة كل الهواجس، بعيداً عن أساليب التحدي والإقصاء، فوجئت الأوساط المعنية بإعلان مقاطعة الثنائي للإستشارات غير الملزمة التي يبدأها اليوم الرئيس سلام في مجلس النواب. مما يُعتبر، بشكل أو بآخر تصعيداً ضد خطوات العهد الأولى، وإشارة لتوتير الأجواء مع دول الخماسية، لا سيّما السعودية.، بحجة الخوف من الإطاحة ببنود التفاهمات الأخرى، وفي مقدمتها قواعد تشكيل حكومة العهد الأولى، وجغرافية تطبيق القرار ١٧٠١، وملء الشواغر في الإدارات العامة.
ولكن من حق كل لبناني غمرته مشاعر الفرح والتفاؤل في الأسبوعين الأخيرين أن يتساءل:
– هل البلد قادر على تحمل مضاعفات عرقلة، أو تعطيل، إنطلاقة العهد الأولى؟
كيف نستطيع تحييد علاقاتنا مع الأشقاء والأصدقاء عن خلافاتنا الداخلية؟
مَن يضمن إذا لبنان أضاع اليوم هذه الفرصة النادرة، بتأمين التغطية العربية والدولية لعمليات الإصلاح وإعادة الإعمار، أن مثل هذه الفرصة ستتكرر غداً؟
بلد الأزمات أمام مفترق حاسم: إما التجاوب مع الأيدي الشقيقة والصديقة الممدودة لإنتشالنا من جحيم الإنهيارات والتعاون للإنقاذ، وإما البقاء بين الأنقاض والركام الإقتصادي والمالي والعمراني، والآفاق المسدودة أمام الحلول المطلوبة.