Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر January 13, 2025
A A A
كباش الرئاسة الثالثة.. حضور الآخرين وغياب السنّة!..
الكاتب: عبدالكافي الصمد

كتب عبدالكافي الصمد في “سفير الشمال”

في الشّكل، تشبه الإستشارات النيابيّة الملزمة التي جرت في 23 حزيران 2022 إثر الإنتخابات النيابيّة التي جرت في شهر أيّار من ذلك العام، الإستشارات التي ستجري اليوم بعد انتخاب جوزاف عون رئيساً للجمهورية يوم الخميس الماضي، إلّا أنّ عدّة مضامين هامّة إختلفت وطرأ تغيير كبير عليها.

ففي تلك الإستشارات التي جرت قبل سنتين ونصف ذهبت الكتل النيابيّة الرئيسية إلى قصر بعبدا موحّدة في مواقفها، من كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، إلى كتلتي الجمهورية القوية واللقاء الديمقراطي والكتائب، باستثناء كتلة لبنان القوي التي تقلّص عددها من 17 عضواً إلى 13، في أعقاب خروج 4 نواب منها نتيجة خلافات نشبت بينهم وبين رئيس الكتلة والتيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، وكان ذلك الخروج أحد وجوه الإختلافات بين الإستشاراتين.

لكن أبرز تلك الإختلافات يتمثل اليوم في انقلاب المشهد والضياع الكبير والإرباك بين صفوف نواب التغيير الجدد، وعلى رأسهم النوّاب السنّة، بسبب التباين الواسع بينهم إنْ لجهة تسميتهم الشخصية التي ستكلف تأليف الحكومة المقبلة، سواء من بين صفوفهم أو خارجها، ومشاركتهم بها، ما أصاب المعارضة ككل بانقسام هدّد وحدتهم وشرذمهم، وهم الذين لا جامع بينهم إلّا تقاطع مصالح آنية وطموحات شخصية ضيقة وتحالف إنتخابي هشّ، وسط غياب تام لأيّ مشروع سياسي يرتكزون إليه.

في استشارات 2022 ذهب 16 نائباً سنياً إلى قصر بعبدا بشكل فردي، ما كشف حجم التشرذم الذي أصاب الطائفة السنّية بعد ابتعاد أركان الطّائفة عن خوض الإنتخابات النيابيّة، وتحديداً الرؤساء سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة، في حين إنضوى بقية النوّاب السنّة الفائزين في انتخابات ذلك العام في تكتلات صغيرة أو ضمن كتل نيابيّة أخرى، أو شكّل بعضهم إثر نجاحهم حالة سياسيّة محليّة وفردية.

عامها سمّى 54 نائباً ميقاتي لتأليف الحكومة، في حين سمّى 25 نائباً السّفير السّابق نوّاف سلام، وفضّل 46 نائباً عدم التسمية، في مشهد يُتوقع أن يتكرّر اليوم مع بعض التغيير في الرتوش والتفاصيل والأرقام.

وإذا كان خلال هذه الفترة قد طرأ متغيّر على المشهد النيابي السنّي تمثل في تشكيل تكتل التوافق الوطني الذي يضمّ 5 نوّاب سنّة، فإنّ ذلك لم يغُيّر من واقع حال السنّة في المجلس النيابي وتشرذمهم وانقسامهم، لا بل زاد الحال سوءاً.

أبرز ملامح السوء هذه ظهرت عندما طرح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إسمي النائبين أشرف ريفي أو فؤاد مخزومي لتأليف الحكومة، ما أثار استياءً سنّياً واسعاً رافضاً لأن يُسمّي جعجع إسم المرشّح لتأليف الحكومة، وأن يخرج من تحت “عباءته”، قبل أن يعقب ذلك إختلاف النوّاب السنّة التغييرين، ومعهم نواب المعارضة، على ترشيح أحدهم، بعد بروز أسماء عدّة لم يكتم أصحابها طموحهم في دخول “نادي رؤساء الحكومة”.

هذا الإرباك طرأ عليه متغيّر لافت برز مساء أمس قلب الأمور رأساً على عقب، تمثل في ظهور إسم السّفير نوّاف سلام مجدّداً، ما أعاد الإنقسام إلى مربعه الاول الذي كان عليه في استشارات 2022، مستكملاً مشهد الصراع، الداخلي والخارجي، على السلطة وكرسي الرئاسة الثالثة الذي يعود حُكماً للطائفة السنّية، في حين أنّ السنّة ـ كطائفة ونوّاب وقوى سياسية ـ غائبون عن المسرح أو يكادون.