Beirut weather 16.41 ° C
تاريخ النشر January 13, 2025
A A A
100 يوم على عملية الشمال | المقاومة باقية… وفعّالة
الكاتب: يوسف فارس

كتب يوسف فارس في “الأخبار”

تمثّل العملية البرية التي تشنها قوات الاحتلال في شمال قطاع غزة، وتحديداً في مخيم جباليا، والتي أنهت 100 يوم، أمس، واحدة من أكبر العمليات العسكرية الممتدّة منذ بداية الحرب، إذ لم يستخدم جيش الاحتلال هذا النسق الميداني المكثّف سوى في مدينة رفح التي لم يغادرها منذ أن اجتاحها في مطلع أيار الماضي. وفي مخيم جباليا ومدن شمال القطاع، تلخّص الهدف الإسرائيلي، إلى جانب تدمير وهدم المخيم والمدن والبلدات الحدودية المحاذية للسياج الفاصل، في تحطيم البعد الرمزي الذي تحمله تلك المناطق.

فعلاوة على القيمة التاريخية للمخيم الذي مثّل نقطة البداية لكل الأحداث الوطنية الكبرى، فإن المعطى الميداني يشير إلى أن جيش الاحتلال انسحب من جباليا بعد عمليتين برّيتين سابقتين شديدتي الشراسة، تحت النار، من دون أن يستطيع تحقيق أهدافه المعلنة أو المضمرة، في كسر إرادة القتال وتصفير الاشتباك. وأمام تراكم الفشل، جاء تطبيق «خطة الجنرالات» على نحو أكثر شراسة ودموية وتدميراً، بهدف تحويل محافظة شمال القطاع، وفي القلب منها مخيم جباليا، إلى «عبرة ونموذج» يبقى شاهداً حياً على الثمن الذي سيدفعه من يفكّر في قتال وإيذاء إسرائيل، وعلى اعتبار أن انكسار المقاومة في جباليا، يعني بالضرورة سقوطها وانهيارها في مناطق الشمال كافة. وإلى جانب جباليا، تظهر مدينة بيت حانون، التي وخلافاً لجميع مناطق القطاع، لم تشهد على مدار 15 شهراً من الحرب، يومَ هدوء واحداً. فقد بدأت منها الحرب ويبدو أنها ستنتهي فيها.

ونَزح أهلها في اليوم الثاني لـ»طوفان الأقصى»، نتيجة القصف الجوي المكثّف الذي بدأ في أحيائها. وامتد التوغّل البري الأول الذي دمّر 90% من منازلها لما يزيد عن أربعة أشهر متواصلة، قبل أن ينسحب منها جيش الاحتلال في كانون الأول من العام الماضي. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت أحياء المدينة إلى أرض قتال وميدان لأكبر الكمائن النوعية. وفي خلال الأيام الثلاثة الماضية، استطاعت بيت حانون أن تُظهر بالتجربة العملية كيف «يغرق جيش الاحتلال في وحل غزة»، حيث انعكست الخسائر البشرية في عديد جيش الاحتلال، والتي تمثّلت بمقتل 11 جندياً وضابطاً وجرح 50 آخرين، مقالات مطوّلة من النواح وتقاذف الاتهامات بالفشل والمطالبة بوقف الحرب من قبل الكتّاب الإسرائيليين.

وكانت المقاومة نفّذت خمس عمليات مؤثّرة في شمال القطاع وتحديداً في بيت حانون، وفق الإعلام العبري، أكبرها أول أمس، تمكّنت خلالها من استهداف عدد من سيارات الجيب المكشوفة وغير المحصّنة التابعة للاحتلال بعبوات شديدة الانفجار، ما أدّى إلى مقتل أربعة جنود وإصابة سبعة آخرين. وفي اليوم نفسه، نقل الإعلام العبري معلومات عن وقوع «حدث أمني صعب جداً»، رجّحت صفحات المستوطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، أنه ناتج من تفجير المقاومين نفقاً بقوة راجلة تجاوز عدد أفرادها الـ 30 جندياً. والجمعة، كانت المقاومة تمكّنت من تفجير دبابتين بعبوات شديدة الانفجار تسبّبت إحداها بانفصال برج دبابة «ميركافا» واندفاعه لعدة أمتار.

الخسائر البشرية المتزايدة في الجنود تنعكس نواحاً وتقاذفاً للاتهامات بالفشل

وأشارت نتيجة التحقيقات الأولية التي استبق العدو بها بيانات المقاومة عن تفاصيل تلك المقتلة، إلى ما يلي:
– نفّذت المقاومة عملية استهداف سيارات جيب القيادة في منطقة تمّ تمشيطها وتأمينها طوال أسابيع؛ ولذا، يتحرّك فيها الجنود والضباط بعربات مكشوفة وخفيفة غير مصفّحة.

– استخدمت المقاومة عبوات شديدة الانفجار، ربما صُنعت من مخلّفات الصواريخ والقنابل الإسرائيلية التي لم تنفجر.

– في عملية تفجير دبابة الـ»ميركافا» التي أودت بحياة قائد سرية وأصابت نائبه، استخدمت المقاومة عبوات أرضية مزروعة على أعماق كبيرة وتحتوي متفجّرات قياسية مغايرة للمواد التقليدية التي تمتلكها.

– يستطيع مقاومو بيت حانون التنقل والوصول إلى نقاط الاشتباك والالتحام من خلال أنفاق طويلة ومتعدّدة لم يستطع جيش الاحتلال تدميرها والوصول إليها.

وبناءً على ما تقدّم، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه في بداية الحرب، كانت التقديرات الاستخباراتية تشير إلى أن شبكة الأنفاق التي بنتها المقاومة في غزة لا تتجاوز الـ150 كيلومتراً. أما اليوم، فتراوِح التقديرات لهذه الشبكة ما بين 700 و800 كيلومتر. وانتقدت «القناة 14 العبرية»، من جهتها، أسلوب عمل الجيش في شمال القطاع، قائلة إنه «فشل فشلاً ذريعاً، بعد أن أعادت حركة حماس بناء نفسها، وتوسّع نطاق إطلاق النار في اتجاه الجنوب»، مضيفة أن «عدد الإصابات في صفوفنا يزداد بشكل كبير مع كل أسبوع يمر». أما صحيفة «إسرائيل اليوم»، فقد تساءلت عن الهدف الحقيقي للقتال في غزة؟ وكتبت: «ما الذي يُراد تحقيقه؟ الجنود الذين يخاطرون بحياتهم في غزة يستحقون إجابة واضحة». وبدوره، اعتبر المحلّل العسكري لصحيفة «معاريف»، آفي أشكنازي، أنه «لم يعد لدى إسرائيل ما تفعله في أي جزء من غزة، لا في الشمال، ولا في الوسط، ولا في الجنوب. يجب على إسرائيل أن تُبرم فوراً صفقة تبادل وتنهي الحرب».