Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر January 10, 2025
A A A
أنصار إسرائيل ساخطون: مخطّط عزل المقاومة لا يعمل
الكاتب: ريم هاني

كتبت ريم هاني في “الأخبار”

في خضمّ حرب الـ66 يوماً بين حزب الله وإسرائيل، سارعت الإدارة الأميركية إلى التعبير عن رغبتها في استغلال الحرب الدائرة للضغط في اتجاه انتخاب رئيس للبنان وفق شروطها، بشكل يقوّض دور الحزب على الساحة السياسية اللبنانية. بيد أنّه مع انتهاء الحرب، وفي حين كانت جميع المؤشرات تنذر باقتراب انتخاب المرشح جوزف عون لمنصب الرئاسة، كانت الإشارات القادمة من واشنطن توحي بأنّ مساعيها السابقة فشلت في «إخضاع» المقاومة وليّ ذراعها في الداخل اللبناني، وسط «تهويل» إسرائيلي بإمكانية احتلال لبنان واستئناف القتال مع المقاومة، بعد الفشل في «إقصاء» الأخيرة من المعادلات السياسية.

وفي هذا السياق، كتب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر، مقالاً نشره «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، قبل يوم واحد من الجلسة الانتخابية، رأى فيه أنّه فيما سيكون اختيار رئيس «ذي عقلية إصلاحية» بمثابة «خطوة أولى» جيدة، إلا أنّه «من دون جهود متضافرة لتوطيد النكسات التي تعرّض لها حزب الله، فإنّ المنظمة ستعيد ببساطة فرض قبضتها الفتاكة»، على حدّ تعبيره. وفي حين أنّ «السيناريو الأمثل»، يتمثّل في أن يمكّن وقف إطلاق النار «وتضاؤل مكانة حزب الله» «السلطة في بيروت من ممارسة سيادتها على الجنوب، ثمّ على جميع أنحاء الدولة»، بحسب شينكر، إلا أنّه من غير الواضح ما إذا كانت الدولة «ستستفيد» من الفرصة المشار إليها؛ إذ إنّ الحكومة نشرت الجيش في الجنوب، لكنها سترفض، على الأغلب، توجيه قواته لـ»تفكيك البنية التحتية العسكرية لحزب الله بشكل استباقي ومصادرة أسلحته»، فيما لا يزال من الصعب تصور تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تقضي بـ»نزع السلاح» في الشمال، بما يتماشى مع قرار «مجلس الأمن» الرقم 1559.

يرى شينكر أنّه لا يزال من الصعب تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق ونزع سلاح حزب الله

ويردف المسؤول الأميركي أنّ السياسيين اللبنانيين يتخوّفون من «اشتعال حرب أهلية»؛ والأهم، أنّهم يدركون أنّه وعلى الرغم من نهاية نظام بشار الأسد، فإنّ «الحزب سيعيد تشكيل نفسه». وعلى الرغم من أن إسرائيل ساهمت في «تدهور قدرات حزب الله إلى حد كبير»، فإنّ ما يقدّر بنحو 15 ألفاً من أعضائه لا يزالون مسلحين ببنادق من طراز «AK- 47»، وقذائف «آر بي جي» وصواريخ كورنيت المضادة للدبابات، كما أنّه بالنظر إلى «تاريخ الاغتيالات الواسعة النطاق للمنظمة، فإنّ صدى تهديدها لا يزال يتردّد».
وبناءً على ما تقدّم، ولتشجيع القيادة اللبنانية، بل «إجبارها» على اغتنام «الفرصة التي يتيحها تراجع حزب الله بعد حربه مع إسرائيل»، قد تضطر واشنطن إلى جعل المساعدة الاقتصادية والعسكرية مشروطةً بـ»أداء القوات المسلحة اللبنانية، في ما يتعلق بفرض قرارات الأمم المتحدة»، جنباً إلى جنب فرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين «المتمرّدين».
من جهتها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن بول سالم، نائب رئيس «معهد الشرق الأوسط»، قوله إنّ حزب الله أدرك أنّه «لا يزال قوياً، إنما سيتعين عليه تقديم بعض التنازلات»، لتأمين «مساعدات خارجية ضخمة وواسعة النطاق، جنباً إلى جنب الدفع باتجاه دولة شرعية، يمكن أن ينطوي ضمنها، ويحمي نفسه داخلها». كما نقلت عنه أنّ «الحجر الأساس» لتحقيق مثل تلك الأهداف، يتمثّل بـ»انتخاب رئيس».

وتزامناً مع عملية انتخاب الرئيس الجديد، كانت وسائل إعلام العدو تروّج لإمكانية «احتلال لبنان» واستمرار «القتال فيه»، وتحث صنّاع السياسة في واشنطن على فعل كل ما يلزم لحماية «أمن إسرائيل»، وإن كان من خلال إشعال «حرب أهلية» لبنانية جديدة. وفي هذا السياق، أجرت صحيفة «هآرتس» العبرية مقابلة مع درور دورون، محلل الشؤون اللبنانية السابق في مكتب رئيس وزراء الاحتلال، أكّد فيها أنّ حزب الله «وافق على وقف إطلاق النار مع علمه مسبقاً أنه لن يقوم أي كيان لبناني بفرضه، تماماً كما حدث سابقاً مع قرار الأمم المتحدة 1701».

وعليه، يتوقع المسؤول الإسرائيلي أن يستمر القتال في لبنان وإن «بكثافة منخفضة»، لافتاً إلى أنّه من الصعب «رؤية الجيش الإسرائيلي ينسحب إلى الحدود الدولية في الظروف الحالية، بل من المرجّح أن ينشئ منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان». وسيعمل حزب الله، طبقاً للمصدر نفسه، على مقاومة ذلك المخطط، «وسط درجة عالية من الشرعية الداخلية»، مع عدم جرأة الحكومة الرسمية على معارضته، «خوفاً من أن يُنظر إليها على أنها متواطئة مع إسرائيل»، في تكرار للوضع الذي استمر لمدة 18 عاماً منذ «حرب لبنان الأولى»، قبل انسحاب جيش الاحتلال من الأراضي اللبنانية.
ولدى سؤاله عن «حلول» أخرى محتملة، ردّ دورون بالقول إنّ «الحل الوحيد لتغيير الوضع يكمن في الانتخابات الرئاسية؛ فإذا تم انتخاب مرشح شجاع مناهض لحزب الله مثل العماد عون، فمن المحتمل أنه بدعم أميركي قوي، سيحاول إجبار حزب الله على الانسحاب إلى شمال الليطاني»، زاعماً أنّه من المرجّح أن يؤدي السيناريو المشار إليه إلى «انفجار داخلي في لبنان».