Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر January 8, 2025
A A A
اليوم الرئاسي غداً… فهل يخرج الدخان الأبيض من مجلس النواب؟
الكاتب: كمال ذبيان - الديار

غدا يوم الحسم الرئاسي، الذي يتطلع اليه اللبنانيون ومن يواكبهم من دول في انجاز انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة 13 لمجلس النواب، الذي التأم في 14 حزيران 2023 ،ولم يتمكن من اتمام الاستحقاق. وهذا ما ترك الشغور الرئاسي يدخل شهره الثالث بعد العامين وهي فترة باتت تقارب تلك التي سبقت انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية في 31 تشرين الاول 2016 ومع مرور عامين ونصف العام على الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية.

وقبل 24 ساعة من جلسة الانتخاب، فان الضبابية ما زالت تحيط باسم المرشح لرئاسة الجمهورية، الذي عليه ان يحظى بتوافق داخلي، اي بتأمين انتخابه بـ 86 صوتا او اكثر من الدورة الاولى، ويلقى تأييدا خارجيا، لا سيما من الدول الخمس المعنية بالملف الرئاسي وهي: اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، والتي انبثقت عنها “لجنة خماسية” من السفراء ممثلي هذه الدول في لبنان، والتي لم تتمكن هي ايضا من التوصل الى حل توافقي حول اسم مرشح تؤيده اكثرية نيابية، اذ تسربت معلومات بان اميركا تريد قائد الجيش العماد جوزاف عون، وفرنسا ترغب بالمصرفي سمير عساف، والسعودية تريد من يحمل مواصفات رجل الاصلاح ومحاربة الفساد ، ولم تدخل مصر في لعبة الاسماء.

واعلنت كتل نيابية من تؤيد كمرشح لرئاسة الجمهورية، فسمت “كتلة اللقاء الديموقراطي” برئاسة النائب تيمور جنبلاط قائد الجيش العماد جوزف عون، وسبقهما “الثنائي الشيعي” حركة “امل” وحزب الله بتأييد رئيس “تيار المرده” سليمان فرنجيه، الذي تنافس مع المرشح الوزير السابق جهاد ازعور، الذي تقاطعت على اسمه المعارضة مع “التيار الوطني الحر”.

فبعض الكتل النيابية لم يحسم موقفه بعد ولا اسم مرشحها، وسيكون هذا اليوم مزدحما بالاجتماعات واللقاءات والاتصالات، وينتظر هؤلاء كلمة السر التي تكون خارجية، وتصدر في الربع الساعة الاخير من موعد الجلسة، التي ستعقد في دورات متتالية اذا لم يتأمن في الدورة الاولى ثلثي اصوات مجلس النواب 128 .

وقد بدأت بعض الكتل تتجه نحو تأييد قائد الجيش، الذي هو امام امتحان دستوري قبل انتخابه حيث تكثر التفسيرات والاجتهادات الدستورية حول هذا الموضوع، اذ يعود البعض الى جلسة انتخاب الرئيس الاسبق ميشال سليمان وكان قائدا للجيش فنال عدد الاصوات التي تفوق ما يحتاجه لتعديل المادة 49 من الدستور، التي تمنع على موظفي الفئة الاولى الترشح لرئاسة الجمهورية ، اذا لم يكونوا استقالوا قبل عامين من تاريخ الانتخاب.

فانتخاب رئيس الجمهورية غدا ، معلق على تفاهم خارجي، فازدحم الموفدون من الدول الخمس المعنية بالملف الرئاسي خصوصا، واللبناني عموما، ومن الذين حضروا الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان، الذي كلف بالوضع اللبناني وجاء تعيينه بدلا من الموفد السابق نزار علولا عشية جلسة الانتخاب، فاتى الى بيروت في اول مهمة له وارادها بعيدا عن الاعلام، اذ لم يظهر في اي لقاء عقده مصورا او حضرته وسائل الاعلام، لانه اراد من زيارته استطلاع الآراء.

وكان الاستحقاق الرئاسي البند الاول على طاولة بن فرحان في محادثاته مع الاطراف السياسية والكتل النيابية، ولوحظ ان لقاءاته كانت محدودة ولم تشمل كل المرجعيات، حيث لم يتناول اسما او اكثر تؤيده السعودية، بل طرح مواصفات تراها المملكة بانها تساعد لبنان على الخروج من ازماته، باستكمال تطبيق اتفاق الطائف الذي له علاقة مباشرة بإصلاح النظام السياسي، لجهة تكوين السلطة من خلال قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، وانشاء هيئة وطنية للبحث بالغاء الطائفية، وتحقيق اللامركزية الإدارية، وتنفيذ الانماء المتوازن، وكلها بنود لم تتحقق، مما اوقع لبنان في هذا التدهور الاقتصادي والانحطاط السياسي، وتفشي الفساد وانتشار المحسوبية والمحاصصة، حيث تعطل بناء الدولة في لبنان وقيام مؤسسات فعلية فيه، إضافة الى عوامل خارجية ساهمت في ان يكون لبنان ساحة لصراع محاور ولعبة امم.

من هنا، فان الموفد السعودي ركز على المواصفات، ومن تنطبق عليه يحظى على تأييد السعودية. الآن ما يهمها هو ان يكون لبنان متقدما ومزدهرا، وفق ما نقل عن الامير يزيد من التقوه، واكد ان مهمته لا تنتهي مع انتخاب رئيس للجمهورية، بل ان لبنان هو دائما في اهتمامات المملكة منذ عقود، وما اتفاق الطائف الا احد انجازاتها الذي اوقف الحرب الاهلية، ورسم خارطة طريق لاصلاح دستوري وسياسي واداري.

فالضبابية هي التي تسود انتخاب رئيس للجمهورية قبل يوم من الجلسة ، التي ستكون مفصلية في ان يخرج منها الدخان الابيض، ويكون للبنان الرئيس 14 للجمهورية ، وتبدأ معه عملية انتظام المؤسسات الدستورية، وسيكون تشكيل حكومة جديدة بتسمية رئيسها من الكتل النيابية، استحقاقا لا يقل اهمية عن انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يكن تشكيل الحكومات بالامر السهل فكان يقضي اي رئيس مكلف اشهرا للتوصل الى تقديم حكومته لمجلس النواب لنيل الثقة، فكانت تتداخل العوامل الطائفية والمذهبية والحصص الوزارية لجهة الحقائب السيادية منها والخدماتية، وبات وزير المالية شيعيا بحكم العرف لا الدستور كما وظائف اخرى.