Beirut weather 16.88 ° C
تاريخ النشر December 21, 2024
A A A
اللاجئون السوريون بين النزوح والعودة: لا قرار بحلّ الأزمة!
الكاتب: محمد علوش

كتب محمد علوش في “الديار”

منذ ما يزيد عن 20 عاماً لجأ أبو عمار إلى لبنان من سوريا من اجل العمل، ومع بدء الحرب السورية عام 2011 لجأت عائلته إلى لبنان وسكنوا جميعاً في الجنوب، بينما بقي أخوة لأبو عمار في إدلب السورية.

في الحرب الإسرائيلية على لبنان اتصل أبو عمار الذي نزح إلى منطقة جزين ببعض اللبنانيين من القرية التي يسكنها عارضاً عليهم النزوح إلى إدلب، وهو المكان الذي لم يكن يستطيع التوجه إليه بسبب عدائه من النظام ومع المسلحين الذين كانوا يسيطرون على أراضيه. سقط النظام فقرر أبو عمار العودة إلى سوريا، لمتابعة شؤون أملاكه وبناء حياة جديدة.

تشكل هذه الحالة صورة فردية عن النازحين السوريين الذين قرروا العودة إلى سوريا مع سقوط النظام، فبحسب معلومات “الديار” تصل أعداد السوريين المغادرين للأراضي اللبنانية باتجاه سوريا إلى حوالي الألف يومياً خلال الأيام الماضية، ولكن هذا لا يعني أن حل أزمة النازحين وُضعت على السكة الصحيحة لعدة أسباب كما تؤكد مصادر متابعة لهذا الملف.

السبب الأول بحسب المصادر هو موقف الجهات الدولية المعنية بملف اللجوء السوري، وتحديداً مفوضية شؤون اللاجئين، فهي لا تزال تعتبر أن أزمة اللجوء لا تُحل سوى بتأمين العودة الآمنة والكريمة وضمان حرية العائدين، وهي تعتبر أن النظام السوري بسقوطه قد يعني بالنسبة لكثيرين سقوط الشرط الأمني الذي كان يمنع العودة لكن لا يزال هناك امور تتعلق بضمان الحرية والعودة الكريمة، وهذا لن يتحقق قبل أن تنتهي الفوضى في سوريا من جهة ومعرفة ما إذا كان لدى العائدين مكاناً للعيش.

وتُشير المصادر إلى أن المفوضية أكدت للمسؤولين اللبنانيين أنها لن تقدم مغريات للسوريين من اجل البقاء في لبنان لكنها ترفض إجبار أحد على العودة، وتؤيد العودة الطوعية حتى أنها أكدت استعدادها لدعم عودة من يريد من خلال تمكينه من الاستقرار في سوريا.

السبب الثاني هو بحسب المصادر غياب المتابعة الجدية للحكومة اللبنانية لملف اللاجئين السوريين، إذ يبدو أن الحكومة الحالية سلّمت بأن لا قرار بحل هذه الازمة، لا قبل سقوط النظام ولا بعد سقوطه، ويبدو انها تتركه للحكومة المقبلة، إذ تؤكد المصادر أن لبنان الرسمي رغم كل الاجراءات التي قام بها بمعالجة أزمة اللجوء السوري في لبنان بقي عاجزاً عن تخطي الفيتوات الخارجية التي منعت العودة والحل، مشيرة إلى أن الحكومة المقبلة معنية بشكل أساسي بالبحث عن حلول مع الدول الاوروبية والولايات المتحدة الأميركية.

السبب الثالث هو وجود لجوء سوري جديد إلى لبنان من لون طائفي معين، ففي الأيام الماضية التي تلت سقوط نظام بشار الأسد في سوريا دخل لبنان عشرات الآلاف من السوريين من الشيعة والمسيحيين بسبب خوفهم وقلقهم من مستقبل الوضع في سوريا بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على البلد، وترى المصادر أن الحكومة اللبنانية، بعد رفضها بداية، أدخلت السوريين إلى لبنان وهم توزعوا في البقاع بشكل أساسي، مشيرة إلى أن هؤلاء لن يعودوا في وقت قريب قبل التأكد من المستقبل السوري، وبالتالي هو ملف جديد يُضاف إلى ملف اللجوء السوري.

يقول المسؤولون السوريون الجدد أنهم بصدد الطلب من كل السوريين خارج سوريا للعودة إليها، ولكن لا يكفي القول في هذا الملف فالعودة تتطلب شروطاً أهمها القرار الخارجي المؤيد، الرغبة الداخلية السورية الحقيقية وتقبّل الجميع، وانطلاق قطار إعادة الإعمار بما يحسن الوضع الاقتصادي السوري.