Beirut weather 18.54 ° C
تاريخ النشر December 16, 2024
A A A
مستقبل سوق النفط: هل تعود الأسعار للاستقرار في 2025؟
الكاتب: باولا عطية - النهار

شهد عام 2024 أداءً متبايناً لأسعار النفط، حيث تأثرت بعدة عوامل رئيسية شملت زيادة الإمدادات، تباطؤ الطلب العالمي، والمخاوف الجيوسياسية. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، تمكنت الأسعار من البقاء ضمن نطاق معين، مع تسجيل تذبذبات ملحوظة خلال العام. تراوحت أسعار خام برنت بين 73 و76 دولاراً للبرميل، بينما ظل خام غرب تكساس الوسيط أقل من هذه المستويات. ورغم التذبذبات في النصف الأول من العام، فإن السوق شهدت استقراراً نسبياً خلال الأشهر الأخيرة. فيما لعبت التوترات الجيوسياسية دوراً مهماً في الحفاظ على حد أدنى من الدعم لأسعار النفط. القلق بشأن استقرار منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الدور الجيوسياسي لإيران، ساهم في بقاء الأسعار مدعومة على الرغم من تراجع بعض النزاعات.

وفي هذا الإطار تلفت فرح مراد، محللة أولى للأسواق المالية لدى مجموعة اكويتي، في حديثها لـ”النهار”، إلى أنّه “في عام 2024، شهد سوق النفط تغييرات كبيرة، حيث تصدرت زيادة الإمدادات المشهد، بينما تباطأ نمو الطلب بفعل عوامل اقتصادية متنوعة”، مضيفة أنّ “الدول خارج تحالف أوبك+، مثل الولايات المتحدة وكندا وغيانا، ساهمت بشكل كبير في رفع الإنتاج، مما شكل تحدياً لأوبك+ في محاولاتها لتحقيق استقرار السوق من خلال تخفيضات الإنتاج. في المقابل، ظل الطلب على النفط تحت ضغوط، حيث تأثرت الأسواق الكبرى بتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، وهو ما أثر سلباً على توقعات استهلاك النفط”.

 

وتتابع فرح “أسعار النفط شهدت تذبذباً في النصف الأول من العام، لكن الأسعار ظلت مدعومة بالمخاوف الجيوسياسية العالمية، بالإضافة إلى قرارات أوبك+ التي ساعدت في منع انهيار الأسعار. ومع ذلك، كانت الأسواق على علم بأن النمو في الطلب سيظل معتدلاً بسبب العوامل الاقتصادية”.

 

تحديات سوق النفط
في الوقت الراهن، يواجه سوق النفط مجموعة من التحديات التي قد تستمر في الضغط على الأسعار. من أبرز هذه التحديات تذكر مراد “زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة، حيث يتوقع أن يؤدي تزايد تصاريح الحفر وإصدار تراخيص جديدة إلى زيادة الإنتاج في نهاية 2024. ورغم أن هذه الزيادة قد تخفف من الضغوط السعرية، إلا أنه من غير المتوقع أن تصل إلى مستويات قياسية جديدة. فيما يتعلق بتحالف أوبك+، من المتوقع أن تعقد اجتماعات في أواخر نوفمبر وأوائل كانون الأول/ديسمبر، وهناك احتمال كبير أن يتم تأجيل استعادة الإنتاج إلى السوق حتى شباط/فبراير 2025 أو حتى الربع الثاني من العام نفسه، مما سيؤثر على توازن العرض والطلب في الأشهر المقبلة”.

 

“أما بالنسبة للتوترات الجيوسياسية، ومع تراجع بعض النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، يبدو أن الوضع قد يتصاعد من جهة أخرى، مما يجعل إيران لاعباً مهماً في هذه الديناميكيات”، تقول مراد وتتابع، “رغم أن إيران ليست من كبار منتجي النفط عالميًا، إلا أن تأثيرها الجيوسياسي يظل محورًا رئيسيًا. فهي تمر عبر مضيق هرمز نحو 20 مليون برميل من النفط يومياً، ما يمثل نحو 20% من الإمدادات العالمية. ولذلك، أي تغييرات في سياسة إيران أو خطواتها الجيوسياسية قد تؤثر بشكل كبير على تدفقات النفط، خاصة إذا قررت تقليص إنتاجها، وهو أمر يبقى غير مرجح في الوقت الحالي ولكن يبقى نقطة مراقبة هامة للسوق”.

 

توقعات 2025
مع انتقالنا إلى عام 2025، تتوقع المحللة الأولى للأسواق المالية لدى مجموعة اكويتي أن “يظل سوق النفط تحت ضغط بسبب فائض الإمدادات المتوقع. يقدر الخبراء أن الإنتاج سيظل يتجاوز الطلب بحوالى مليون برميل يومياً، نتيجة زيادة الإنتاج من دول خارج أوبك+”.

 

أما بالنسبة للطلب، فإن التباطؤ المتوقع في نمو الاقتصاد الصيني سيبقى العامل الحاسم، برأي مراد، التي اعتبرت أنّه “من غير المرجح أن يشهد الطلب على النفط قفزات كبيرة، حيث أن الاقتصادات الكبرى ستميل إلى تبني سياسات استدامة الطاقة والتحول نحو مصادر طاقة أكثر نظافة. هذا سيسهم في الحفاظ على نمو معتدل للطلب على النفط خلال العام.”

 

أما الأسعار، فمن المتوقع أن تبقى بين 73 و76 دولاراً للبرميل لخام برنت، تفول مراد، مع احتمال بقاء خام غرب تكساس الوسيط أقل من ذلك. وفي ظل هذه البيئة، من المتوقع أن تشهد الأسعار بعض الاستقرار النسبي، لكن السوق ستظل عرضة للتقلبات بسبب تحركات أوبك+ وأي تطورات جيوسياسية.

 

وتختم بأنّه “من المهم متابعة تطورات أوبك+ والقرارات المتعلقة بإعادة الإنتاج، كما أن مراقبة السياسات الاقتصادية في الصين ستظل ضرورة لفهم ديناميكيات السوق”.