Beirut weather 12.99 ° C
تاريخ النشر December 4, 2024
A A A
إيران ترفع السقف في وجه تركيا: مستعدّون لإرسال قوات إلى سوريا
الكاتب: محمد خواجوئي

كتب محمد خواجوئي في “الأخبار”

أعلنت السلطات السياسية والعسكرية في الجمهورية الإسلامية، بالإجماع، «دعم إيران الكامل» لسوريا، في مواجهة الجماعات المسلّحة المتطرفة. وشدّد مستشار المرشد الأعلی الإیراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، على أنّ «على أميركا، الصهاينة، والدول الإقليمية – سواء كانت عربية أو غير عربية – أن يعلموا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستواصل دعمها المطلق للحكومة السورية حتى النهاية». وفي حوار خاص أجراه، أمس، مع وكالة «تسنيم» القریبة من «الحرس الثوري»، قال ولايتي: «اليوم، عدد حلفاء سوريا أكبر من عام 2011 (بداية الحرب في سوريا). فإلى جانب إيران، هناك روسيا، وحزب الله اللبناني – الذي أصبح أقوى من أيّ وقت مضى -، والحشد الشعبي العراقي – الذي يُعدّ قوّة مدهشة -، والحوثيون الأبطال في اليمن، والأعزّاء الفلسطينيون. جميعهم متّحدون في دعم وحدة أراضي سوريا وحكومتها الحالية». ورداً على سؤال حول دور تركيا في هذه المعركة، أشار وزير الخارجية الإيراني الأسبق، إلى أن «تركيا أصبحت، للأسف، أداةً في يد أميركا والكيان الصهيوني… لم نتوقّع أن تقع تركيا، التي لديها تاريخ طويل في الإسلام، في الفخّ الذي أعدّته لها أميركا والصهاينة».
وهذه هي المرّة الأولى التي يتّهم فيها مسؤول إيراني، تركيا علناً بالتورّط في الأحداث الأخيرة في سوريا؛ إذ، وفي الأيام الأخيرة، وصف مسؤولون إيرانيون تحرّكات الجماعات المسلحة في سوريا بأنها «خطة أميركية – صهيونية» لمهاجمة المقاومة، لكنّ وسائل إعلام إيرانية مختلفة نشرت، في الأيام الأخيرة، مقالات تنتقد فيها سياسات تركيا في دعم الجماعات المسلحة، وتتّهمها، بالتعاون مع إسرائيل، بإضعاف الحكومة السورية.
ومع ذلك، توجّه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى أنقرة بعد دمشق، يومَي الأحد والإثنين، والتقى كلّاً من الرئيس السوري بشار الأسد، ووزير الخارجية التركي حاقان فيدان. وکتب عراقجي، في رسالة نشرها باللغة الإنكليزية على منصة «إکس» أمس: «جميعنا متّفقون على أنه لن يستفيد أحد من حرب أخرى في سوريا، وأن الصراعات ستؤدي إلى انتشار الإرهاب في كامل المنطقة المحيطة بسوريا». وأكّد أن «إيران تقف إلى جانب الشعب والحكومة والجيش في سوريا، في الحرب ضدّ الإرهاب، ومستعدة للمساعدة والدعم في تخفيف التوترات الإقليمية، من خلال الحوار والدبلوماسية».
وفي إشارة إلى زيارة عراقجي إلى تركيا، أفاد الناطق باسم الخارجية الإیرانیة، إسماعيل بقائي، بأنه «تم نقل رسالة إيران الواضحة إلى تركيا في شأن دعم طهران الحاسم لسوريا ضدّ الإرهاب». وقال بقائي، على هامش الاجتماع الـ28 لمجلس وزراء «منظمة التعاون الاقتصادي» في مشهد: «خلال هذه الرحلة، اطّلع وزير الخارجية عن كثب على آخر التطورات في هذا المجال، وأُجريت محادثات صريحة ومهمّة للغاية في تركيا، خلاصتها أن جميع دول المنطقة، وخاصة جيران سوريا، ستتوصّل إلى نتيجة مفادها أن الإرهاب هو مرض معدٍ». وشدّد على أن «الإرهاب لا يتوقّف عند أيّ نقطة، فإذا لم تتعاون الدول وتشارك في التعامل مع هذه المشكلة، فمن المؤكد أن جميعها ستعاني منه».

عراقجي: جميعنا متّفقون على أن أحداً لن يستفيد من حرب أخرى في سوريا

واستمراراً لجهود إیران الدبلوماسیة في شأن سوریا، أجرى كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة، علي أصغر خاجي، مساء الإثنین، محادثات مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، عبر الفيديو كونفرانس. وبحسب ما أفادت به وکالة الجمهوریة الإسلامیة للأنباء، «ناقش الجانبان في هذه المحادثات آخر التطورات المتعلقة بسوريا، خاصة في ظلّ هجمات الجماعات الإرهابية في هذا البلد. ودان خاجي هذه العمليات الإرهابية، واعتبر أنها تتماشى مع عدوان الكيان الصهيوني على المنطقة وسوريا، وتأتي كذلك في إطار الأهداف التوسعية لتغيير التوازن في المنطقة، وأكّد أن الشعب السوري والمقاومة لن يسمحا بتحقيق هذه الأهداف الشريرة». كذلك، شدّد كبير مستشاري وزير الخارجية على «ضرورة الوقف الفوري لهذه الهجمات العسكرية التي تشنها الجماعات الإرهابية»، منبّهاً إلى دور المجتمع الدولي ومسؤوليته في محاربة الإرهاب. ومن جانبه، شرح بيدرسن الإجراءات والاتصالات التي قام بها مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى الجهات الفاعلة في القضية السورية، وأعرب عن قلقه حيال تزايد التوترات في سوريا، مؤكداً ضرورة تسوية الخلافات بالطرق السلمية.
من جهته، أعرب الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في مقابلة صحافية، عن قلقه من «انهيار مسار أستانا، لأنه ليس هناك بديل سهل له»، مؤكداً أنه «إذا طلبت سوريا من إيران إرسال قوات إليها، فسندرس الطلب». وكان بزشكيان أشار إلى أن محور محادثاته الهاتفية التي أجراها مع رؤساء الدول المجاورة أخيراً، هو أنه «يجب عدم السماح للإرهابيين بإشعال الحرب وإراقة الدماء مرّة أخرى في المنطقة»، مؤكداً، في مقابلة مع التلفزیون الإیراني، مساء الإثنین، أن «إيران لم تسعَ أبداً إلى الحرب. لقد حاول الصهاينة منع اتفاق إيران مع العالم من خلال خلق الصراعات في المنطقة». وتابع: «ما فعله الإرهابيون في سوريا مخالف لقرار مجلس الأمن، وعلى دمشق أن تقدّم شكوى إلى مجلس الأمن، ويجب إدانة الدول التي تساعد الإرهابيين». وأضاف: «من المفترض أن يتمّ عقد اجتماع مع الدول المؤثّرة لحلّ مشكلة سوريا، وسأعقد اجتماعاً مع الرئيس الروسي في شأن التطوّرات في سوريا في المستقبل القريب».
وفی سیاق متّصل، أکّد الناطق باسم «الحرس الثوري»، العميد علي محمد نائيني، أمس، أن «الفتنة الإرهابية في سوريا، أميركية وصهيونية بالكامل لإضعاف عقبة المقاومة»، و»لکن من المؤكد أن الجيش السوري ذا الخبرة في مساعدة جبهة المقاومة الكبرى، سيغيّر كل حسابات العدو والصهاينة».
إعلامیّاً، کتبت صحيفة «آرمان ملي»، وبقلم الدبلوماسي السابق عبد الرضا فرجي راد، أن «التطورات السريعة في سوريا جاءت نتيجة إعادة تنشيط الفصائل المسلحة والمعارضة للنظام السوري في إدلب بعد فترة من الهدوء النسبي». وأضاف الكاتب أن «الجماعات استغلّت انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، وتراجُع نفوذها في سوريا، وكذلك ضعف محور المقاومة نتيجة الحرب مع إسرائيل». ورأى أن «إسرائيل تلعب دوراً رئيسياً في التصعيد عبر دعمها لجماعات المعارضة المسلّحة»، وذلك «بهدف قطع خطوط الإمداد بين سوريا وحزب الله»، فضلاً عن «سعي إحدى دول الجوار (تركيا) لتعزيز نفوذها في سوريا عبر تقوية الجماعات المعارضة، ومحاولة فرض ترتيبات جديدة تشمل التعامل مع القضية الكردية التي تمثّل نقطة حسّاسة في المنطقة». وتابع الكاتب: «ترى الدول المتدخلة في سوريا أن ضعف الحكومة المركزية يتيح لها تحقيق أهدافها، بما في ذلك الاستيلاء على مناطق كحماه وحمص، كما أن هناك احتمالاً لتصاعد الصراع ليصبح ثلاثي الأطراف بين الكرد والقوات الحكومية والجماعات المسلحة، خاصة في ظلّ الدعم الأميركي للكرد، وتوتّر علاقاتهم مع الجماعات الأخرى».