Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر November 15, 2024
A A A
تعيينات جديدة من خارج «الصندوق»: ترامب يُطلق حقبة «أميركا أولاً»
الكاتب: ريم هاني

كتبت ريم هاني في “الأخبار”

في «استعراض» واضح للقوة، يستكمل دونالد ترامب، تباعاً، تسمية أعضاء فريقه القادم، فيما طالب الرئيس المنتخب أخيراً، أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بالسماح له بـ«اختيار» الأسماء التي ستدير الحكومة، بنفسه، بدلاً من التصويت عليها. وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فإنّ ترامب حثّ، بوضوح، الأعضاء الجمهورييين في المجلس على «التنحي جانباً»، عندما يتولى منصبه، حتى يتمكن من اختيار مسؤوليه، محاولاً حتى إغراءهم بـ«المناصب التي يرغبون في تبوئها في المجلس»، للتصويت على الأسماء المقترحة «على الفور». واللافت، أنّ الشخصيات «غير الاعتيادية» التي اختارها ترامب، كانت ذات يوم تنتمي إلى فريق «المحافظين الجدد»، وبعضها حتى إلى الحزب الديموقراطي، ولم تغير سياساتها إلا حديثاً، لتصبح مدافعة شرسة عن «العقيدة الترامبية»، ما يُنذر بطيّ صفحة كاملة في تاريخ الولايات المتحدة، وانطلاق حقبة جديدة من الحكم.
وفي جردة سريعة على اختيارات ترامب الأخيرة، طلب الأخير من نائب فلوريدا، مايك والتز، أن يكون مستشاره للأمن القومي، علماً أنّ والتز، خدم 27 عاماً في القوات الخاصة للجيش الأميري، المعروفة أيضاً باسم «القبعات الخضراء»، وفي «الحرس الوطني الأميركي» قبل تقاعده، ثمّ نال عضوية الكونغرس في عام 2018، مكان رون ديسانتيس. وبينما كان والتز، في البداية، يدعم على نطاق واسع المساعدات الأميركية لأوكرانيا، فقد انتقد، أخيراً، ما وصفه بنهج «الشيك على بياض»، داعياً الدول الأوروبية إلى تحمل المزيد من «عبء» تلك المساعدات. كما يُعرف المسؤول الأميركي بأنّه من أكبر المناهضين للصين في الكونغرس. كذلك، انتقى ترامب بيت هيجسيث، مضيف قناة «فوكس نيوز» والمحارب المخضرم في حربي العراق وأفغانستان، ليكون وزير دفاعه المقبل، وهو اختيار «خارج عن القاعدة» لهذا المنصب، علماً أنّ هيجست كان مؤيداً مخلصاً لترامب خلال ولايته الأولى، ودافع عن علاقات الأخير مع رئيس كوريا الشمالية، كيم يونغ أون، وأجندة «أميركا أولاً»، بما فيها سحب القوات الأميركية من دول الخارج. كما رحب، عام 2020، باغتيال قائد «فيلق القدس» الإيراني، الجنرال الشهيد قاسم سليماني. وبالحديث عن الاختيارات الخارجة عن المألوف أيضاً، وقع اختيار الرئيس المنتخب أيضاً على نائب فلوريدا، مات غايتسز لمنصب المدعي العام، الذي سيساعد في «قيادة تنفيذ أجندة ترامب وتوجيه أي جهود للتحقيق مع أعداء الرئيس المنتخب وملاحقتهم قضائياً»؛ والنائبة الديمقراطية السابقة، تولسي غابارد، للعمل كمديرة للاستخبارات الوطنية، علماً أنّ ترامب أكد، مراراً، أنّه يعتزم «تطهير» الجيش والمناصب البيروقراطية من المعارضين له. ويخضع غايتس حالياً، وهو شخصية مثيرة للانقسام في أوساط الجمهوريين، ومقرب من ترامب، لتحقيق «لجنة الأخلاقيات» في مجلس النواب، بتهمة «تورطه في سلوك جنسي وتعاطي المخدرات بشكل غير مشروع، وقبول الهدايا المشبوهة، وتقديم امتيازات خاصة للأفراد الذين تربطه بهم علاقة شخصية، والسعي إلى عرقلة التحقيقات الحكومية»، فيما ينفي، من جهته، أياً من تلك المزاعم. أما غابارد، فكانت، ذات يوم، عضوة ديموقراطية في الكونغرس عن ولاية هاواي، وترشحت، حتى، للرئاسة عن الحزب الديموقراطي عام 2020، قبل أن تترك الحزب بعد عامين، وتصنف نفسها على أنّها «مستقلّة»، وتصبح من أشد المؤيدين لترامب. كما كانت غابارد من أشد المنتقدين للتدخل العسكري الأميركي في سوريا، وفي عام 2017، التقت، سراً، بالرئيس السوري، بشار الأسد، وبررت ذلك، لاحقاً، بضرورة لقاء كل الشخصيات «التي نحن بحاجة إليها»، بهدف التوصل إلى «حل سلمي». أيضاً، ألقت باللوم على إدارة بايدن لفشلها في منع الحرب في أوكرانيا. وستشرف المسؤولة، التي خدمت في الحرس الوطني التابع للجيش لأكثر من عقدين وعملت في العراق والكويت، على مجتمع المخابرات الأميركية بحكم منصبها الجديد، من دون أي خبرة استخباراتية سابقة.

يعكس تعيين كل من بومبيو ووالتز تحديداً «التهميش» الأوسع للمحافظين الجدد على امتداد الحزب الجمهوري

وفي أعقاب الخيارات التي اتخذها ترامب، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى أنّ المسؤولين الذين عينهم الرئيس المنتخب، من مثل والتز ووزير الخارجية، مارك بومبيو، لم يعودوا يدعمون، أخيراً، التدخلات الأجنبية أو يدفعون في اتجاه تغيير الأنظمة، ويتبنون، في المقابل، لغة «أميركا أولاً»، ورؤية ترامب لعالم تكون فيه الأولوية لـ«عقد الصفقات» على حساب «الأيديولوجيا». وعليه، سينتهي المطاف بالرئيس المنتخب، غالباً، مع فريق سياسة خارجية مكون من الموالين الشديدين له، فيما يعكس تعيين كل من بومبيو ووالتز، تحديداً، «التهميش» الأوسع للمحافظين الجدد على امتداد الحزب الجمهوري، بعد «كارثة» حرب العراق، وصعود تيار «أميركا أولاً». أمّا هيجسيث، فكان قد قال في حديث إلى «نيويورك تايمز»، منذ أربع سنوات، إنّ «الكثير من المسؤولين الأميركيين الذين كانوا متشددين جداً ويؤمنون بالقوة العسكرية الأميركية، عارضوا بشدة توصيف ترامب للحروب»، مستدركاً بأنّه «إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا، فلا شك في أننا بحاجة إلى إعادة توجيه جذري لتلك الحروب». وتساءل: «ما مقدار الأموال التي استثمرناها، وكم عدد الأرواح التي استثمرناها، وهل جعلتنا بالفعل أكثر أماناً؟ هل لا يزال الأمر يستحق كل هذا العناء؟».