Beirut weather 15.21 ° C
تاريخ النشر October 7, 2024
A A A
إيران تتحضّر لجولة جديدة: خطط الردّ حاضرة
الكاتب: محمد خواجوئي

كتب محمد خواجوئي في “الأخبار”

تشير القرائن إلى نيّة إسرائيل شنّ هجوم وشيك على إيران، ردّاً على الضربة الصاروخية التي وجّهتها طهران إلى الكيان، في الأول من الشهر الجاري، ووصفها رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنها «الهجوم الإيراني الأضخم على إسرائيل»، متوعّداً بأنها «لن تمرّ من دون رد». وفيما لا تزال غير واضحة طبيعة الأهداف التي ستهاجمها إسرائيل داخل إيران، يُرجّح إقدامها على ضرب القواعد العسكرية الإيرانية، أو حتى المنشآت النفطية والمراكز النووية، علماً أنه، في هذه الحالة الأخيرة، تكون إسرائيل قد ارتفعت بالتصعيد عدّة درجات.وعلى الجانب الآخر، فإنه «لا تلكؤ ولا تسرُّع» وفق الإستراتيجية التي طرحها المرشد الأعلى الإيراني، علي الخامنئي، حول المواجهة مع إسرائيل. وتمثّلت السياسة الإيرانية، منذ عملية السابع من أكتوبر، في إسناد مجموعات المقاومة، في موازاة الامتناع عن الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وعلى رغم أن السلطات الإيرانية كانت تعتقد بأن إسرائيل، وتحديداً رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، في صدد زيادة التصعيد مع الجمهورية الإسلامية، وأنه ينبغي عدم الوقوع في ذلك «الفخ»، بيد أن التطورات الأخيرة دفعت إيران إلى تنفيذ ضربة مباشرة ضدّ الكيان.
ويُعدّ هجوم الأول من أكتوبر، هو الثاني، بعد أول حصل في نيسان الماضي، حين ردّت طهران على استهداف إسرائيل قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، مستهدفة الأراضي المحتلة بالمُسيّرات والصواريخ.
وبعدها بنحو ثلاثة أشهر، اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في قلب العاصمة الإيرانية طهران، في ما اعتبرته السلطات الإيرانية، انتهاكاً لسيادة البلاد ووحدة أراضيها، وعملاً مُوجّهاً ضد أمنها القومي، ما جعلها، مرّة أخرى، في موقع الردّ. ومع ذلك، فإن مطالبة إيران بإرجاء ردّها، على خلفية بدء جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار في غزة آنذاك، شكّلت أهم الأسباب التي دفعت طهران إلى عدم الردّ على إسرائيل. لكنّ اغتيال الأمين العام لـ»حزب الله»، السيد حسن نصرالله، والذي كان بمنزلة ضربة لحليف إيران القديم، اضطرّها للردّ، لتدحض أولاً المزاعم التي تحدّثت عن أنها تخلّت عن حلفائها، وثانياً لإرباك المشروع الإسرائيلي الرامي إلى إرساء نظام إقليمي جديد. أيضاً، جاء الهجوم العسكري، هذه المرة، لإثبات «إرادتها» و»جهوزيتها» للتصدّي لإسرائيل، علماً أن إيران حاولت، من خلال ضرب المواقع العسكرية الإسرائيلية حصراً، أن توحي بأنها ردّت والتزمت في الوقت ذاته جانب الحيطة.
وفي أعقاب هجوم أكتوبر، أكّد المسؤولون السياسيون والعسكريون الإيرانيون، مراراً، أنه في حال ارتكبت إسرائيل ثانية عملاً ضدّ إيران، فإن الأخيرة ستردّ عليها بطريقة «أقوى». وأفادت وکالة «تسنیم» للأنباء القریبة من «الحرس الثوري»، أمس، نقلاً عن مصدر مطّلع في القوات المسلحة الإيرانية، بأن «خطّة الرد اللازم والقاسي على أيّ تحرك محتمل للصهاينة جاهزة تماماً، وإذا تحرّكت إسرائيل، فلن يكون هناك شك في تنفيذ الضربة المضادة الإيرانية». وأشار المصدر إلى أنه «في خطّة إيران، هناك عدة أنواع من الضربات المضادة والمحدّدة، وبحسب نوع عمل الصهاينة، سيتم اتخاذ قرار فوري في شأن تنفيذ ضربة واحدة أو أكثر»، مؤكّداً أن لدى بلاده بنك أهداف كبيراً داخل الكيان، كما «أظهرت عملية الوعد الصادق 2، وأنّنا قادرون على تدمير أيّ نقطة نريدها وتسويتها بالأرض». وفي سیاق متصل، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في أحدث تصريح له بعد زيارته لكل من بيروت ودمشق، إن «ردّنا على أيّ اعتداء يقوم به الكيان الصهيوني، سيكون واضحاً وجليّاً وأقوى. وهذا الشيء الذي أثبتناه سابقاً، وبوسعهم اختبارنا».
الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل، لا يمثّل هدفاً في ذاته بالنسبة إلى إيران

وتُعد استراتيجية «لا تلكؤ ولا تسرُّع» محاولة من جانب المرشد الأعلى الإيراني لتنظيم السياسة الإيرانية تجاه إسرائيل في الحقبة الملتهبة الحالية، إذ تستند إلى جهوزية إيران لخوض أيّ مواجهة عسكرية مع كيان الاحتلال، فيما يمكن في الوقت ذاته تلمُّس عنصر الحيطة والحذر وتحاشي العمل غير المدروس. ووصف الخامنئي، في خطابه، الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير، بأنه «قانوني» و»شرعي»، قائلاً: «لن نتقاعس ولن نتسرّع في تأدية الواجب، وما هو منطقي ومعقول وصحيح ويحظى بتأييد صنّاع القرار السياسيين والعسكريين، سيُنفذ في أوانه، وسيُنفذ في المستقبل أيضاً إن تطلّب الأمر ذلك». وعقب عملية «الوعد الصادق 2»، منح المرشد الأعلی الإیراني والقائد العام للقوات المسلحة، الخامنئي، أمس، قائد القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري، العميد أمير علي حاجي زاده، «وسام الفتح».
ويبدو أن الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل، لا يمثّل هدفاً في ذاته بالنسبة إلى إيران، بل إنها تسعى لأن يسهم إجراؤها العسكري المتدرّج ضدّ كيان الاحتلال، في تحميل السياسات العدوانية الإسرائيلية أثماناً باهظة، والحيلولة دون إلحاق مزيد من الأضرار بمحور المقاومة. وبالتزامن، تسعى إيران لإحياء استراتيجية «المقاومة الاستنزافية» في مواجهة إسرائيل، عن طريق رفد عملية إعادة تأهيل القدرة التنظيمية والنضالية للمقاومة في فلسطين ولبنان.