Beirut weather 22.99 ° C
تاريخ النشر October 3, 2024
A A A
شتاء على صفيح ساخن… ومأساة تلوح بالأفق
الكاتب: ربى أبو فاضل

 

كتبت ربى أبو فاضل في “الديار”

مأساة تلوح في الأفق في ظل تصاعد العدوان وهجمات العدو الإسرائيلي العنيفة، فحركة النزوح من مختلف البلدات الجنوبية والبقاعية وضاحية بيروت تتزايد بأرقام مرعبة، هرباً من الإجرام «الإسرائيلي»، حيث أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن عدد النازحين يقترب من المليون ، ويعتبر أكبر نزوح في تاريخ لبنان.

عائلات تركت خلفها كل ما تملك، هاربة بأطفالها من جحيم القصف، لتواجه معاناة جديدة في ظل ظروف اقتصادية يعاني منها لبنان. اتخذت العراء ملاذ لها بلا طعام ولا مياه ولا أمتعة، وبلا أي غطاء يحميها أو يصد عنها عوامل الطقس. فنحن اليوم على أبواب الشتاء، وشتاء هذا العام يختلف عن فصول الشتاء الماضية، ليس بدرجات الحرارة المتوقعة والعواصف العاتية، بل بمعركة إضافية فرضت على هؤلاء النازحين، مضيفة هماً فوق همومهم التي لا تستطيع جبال على حملها، فكيف ستكون «شتويتهم» وعلى أي نار سيمضونها؟

 

وفي جولة للديار لتفقد أحوال النازحين بعد هطول الأمطار فوق رؤوسهم فجرالثلاثاء، يؤكد رب أحد الأسر النازحة، التي افترشت الحدائق العامة مأوى بديلاً عن منزل كان يأويها أيام البرد، أنه لا شيء ينفع في الحدائق العامة « ما النا غير الحرامات، وإن استطعنا الشراب الساخن وربك يعين، جلودنا اعتادت على البرد».

المشهد مأساوي يعكس واقعهم المؤلم. ومن اتخذ مراكز الإيواء ملاذاً له لم يكن أفضل حال، فقد أكدت لنا سحر بأنهم خرجوا من المنزل ولم يستطيعوا أخذ اي شي، وقالت وعيونها غارقة بالدموع «ما فكرنا أنو النزوح ممكن يستغرق وقت طويل حتى نأخذ ثياب سميكة، طلعنا بلا ولا شي، وأصلا تيابنا صارت تحت ركام بيوتنا».

احد النازحين قال بسخرية « شتويتنا مش معروفة دافية أم باردة، بس على الأكيد رح تحمل معها للشعب العنيد والمقهور هبة باردة وهبة سخنة».

 

وفي الوقت الذي تسارع فيه الأحداث على الأرض، بات من الضروري تكثيف الجهود لتقديم المساعدات اللازمة، وتوفير المأوى للنازحين الذين يعانون من العوز في ظل هذه الأوضاع المأساوية، كما يتطلب استجابة فورية من المجتمع الدولي والحكومة اللبنانية والمجتمع المحلي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال أكد في مؤتمر صحافي يوم الأحد الماضي أن «هناك 778 مركز إيواء يشغلهم 118 الف شخص، يتم تأمين الأمورالأساسية لهم من مأوى وغداء».

فعلاً نحن أمام كارثة إنسانية إن طالت الحرب لا سمح الله أو قصرت ، فهل سيقبل الشتاء وهو فصل الخير، أقل قسوة من المعتاد، وحرارة أعلى من معدلاتها الموسمية؟ ام سيقبل حاملاً إلينا كعادته عواصف ثلجية وصقيعاً وانسداد مصارف للمياه وانهيارات طرقية؟