Beirut weather 28.41 ° C
تاريخ النشر September 28, 2024
A A A
حرب الشمال: الاقتصاد الإسرائيلي سيخسر 50 مليار دولار
الكاتب: ماهر سلامة

كتب ماهر سلامة في “الأخبار”

وفق «معهد دراسات الأمن القومي» في الكيان الصهيوني، فإن كلفة الحرب الموسّعة في شمال فلسطين ستكبّد الاقتصاد الإسرائيلي انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 10% في عام 2024، أي ما يعادل 50 مليار دولار. والخسائر تُترجم في أكثر من شكل، من بينها العجز المالي للحكومة الإسرائيلية، إذ بلغت كلفة عملية الهجوم الجوّي يوم الإثنين الماضي فقط، نحو 650 مليون شيكل (167 مليون دولار) بحسب قناة كان العبرية. بحسب الدراسة التي أُعدّت في نهاية آب الماضي بعنوان «تداعيات استمرار الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي – ثلاثة سيناريوهات»، فإن الضرر يتضمّن توقّف الحركة الاقتصادية بشكل أساسي، أي إغلاق المصالح والتوقّف عن العمل بسبب التهديد الأمني أولاً، وما يتبع ذلك من تضرّر نسب التوظيف وغيرها، والخسائر الماديّة في الأملاك والأصول. وهذه أضرار قد تكون مركّزة بسبب استهداف المراكز الاقتصادية مثل المصانع وغيرها بشكل مباشر. أيضاً، هناك ضرر متعلّق بتدفّق رؤوس الأموال، والاستثمارات إلى القطاع الخاص الإسرائيلي. وأخيراً، هناك الضرر الواقع على الماليّة العامّة، لما للحرب من أكلاف مباشرة على إنفاق حكومة العدوّ لتمويل آلة الحرب وإيواء النازحين لديها.
تشير الدراسة إلى ثلاثة سيناريوهات للضرر الاقتصادي الذي يمكن أن يلحق بإسرائيل:
1- استمرار الحرب في غزّة مع الجبهة الشمالية كما كانت عليه.
2- حرب موسّعة في الشمال تمتدّ لشهر واحد.
3- توقّف الحرب فوراً.
ما يهمنا هو سيناريو توسّع الحرب الذي حصل بالفعل منذ بضعة أيام. وفق التقرير فإن ضرراً كبيراً سيصيب الناتج المحلّي الإسرائيلي، مقدّراً بأنه في حال كانت حرباً «شديدة التوسّع تسبّب أضراراً في البنية التحتية، قد ينكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024»، إنما في حال «تمكنت إسرائيل من تحييد جزء كبير من التهديدات وتقليل الأضرار، فقد ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2%». ويمرّ التقرير أيضاً على الضرر المتوقّع على الموازنة العامّة الإسرائيلية، التي تمّ تعديلها مرتين أصلاً هذه السنة، مشيراً إلى «ارتفاع العجز بشكل كبير إلى نحو 15% من الناتج المحلّي، وذلك لتمويل الحرب ودعم الاحتياجات اليومية، بما في ذلك إمدادات الغذاء والشراب، والنقل، والملاجئ». ومن الطبيعي أن يواجه الارتفاع في عجز الموازنة ارتفاعاً في مستويات الدين العامّ، لأن تغطية عجز الموازنة تكون عادة عبر الاستدانة. لذا، يلفت التقرير إلى أن «الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي إلى جانب الإنفاق الحكومي الضخم من شأنهما أن يؤديا إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يراوح بين 80% و85%».
في حالة الحرب الموسّعة في الشمال يُصبح خفض نسبة الدين إلى الناتج في إسرائيل مهمة صعبة قد تستغرق أكثر من 10 سنوات

وفي ما يتعلق بالعواقب الاقتصادية الطويلة الأجل للحرب في الشمال، يتحدّث التقرير عن عدّة انعكاسات؛
أولاً، إن أي زيادة في نسب المخاطر الاقتصادية، تؤدّي إلى ارتفاع كبير في كلفة الفوائد على الدين العام الإسرائيلي. فعلى سبيل المثال «تؤدي الزيادة الدائمة بمقدار نقطة مئوية واحدة في سعر الفائدة على الدين العام، إلى كلفة إضافية تزيد عن 10 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار) سنوياً».
ثانياً، في حالة الحرب في الشمال «يُصبح خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الموصى به، وهو 60%، مهمة صعبة قد تستغرق أكثر من عقد من الزمن». هذا يعني أن بعض انعكاسات الحرب على كيان العدو ستمتدّ إلى 10 سنوات. كما أنه في «آخر مرة تجاوز فيها الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل نسبة 80%، حصل ذلك أثناء الانتفاضة الثانية عندما وصلت إلى 93% في عام 2003. وكان خفض هذه النسبة بطيئاً، رغم سنوات عديدة من النموّ المتسارع، ولم تصل إلى 60% إلّا في عام 2017».
يمكن ترجمة التوقعات الموجودة في هذا التقرير على أرض الواقع. فعلى سبيل المثال، قبل توسّع الحرب في الشمال تضاعفت التدفقات الخارجة من المصارف الإسرائيلية إلى المؤسسات الأجنبية بين أيار وتموز الماضيين، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت 2 مليار دولار في الفترة المذكورة، بحسب مجلّة «ذي إيكونوميست».
وبحسب «ذي إيكونوميست»، تعاني سوق العمل في إسرائيل من قلة الموارد البشرية، إذ يبلغ معدل البطالة 2.7% فقط، وتكافح الشركات لملء الوظائف الشاغرة، في المقابل، رُفض منح تصاريح لنحو 80 ألف عامل فلسطيني بعد السابع من تشرين الأول الماضي، ولم يتم استبدالهم قط، والنتيجة أن صناعة البناء شهدت انكماشاً بنسبة 40% عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي، ما يعوق بشكل كبير بناء المنازل والإصلاحات، «وإذا تزايد حجم هجمات حزب الله، فإن نقص عمال البناء سيصبح مشكلة أكبر». ما تحدّثت عنه «ذي إيكونوميست» يُنذر بما يمكن أن يحدث للاقتصاد الإسرائيلي، نظراً إلى الضرر الذي تعرّض له أصلاً من استمرار حالة الحرب في الأشهر الـ11 الماضية. في حين أن تقرير «معهد دراسات الأمن القومي»، يتحدّث عن أضرار حرب تمتد لمدّة شهر فقط. لذا من البديهي أن يكون السؤال: هل يستطيع العدو تحمّل حرب استنزاف طويلة الأمد في لبنان؟