Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر September 11, 2024
A A A
بعد خفض رسوم الترانزيت.. التواصل مع دمشق مفتاح الحلّ!
الكاتب: عبدالكافي الصمد

كتب عبدالكافي الصمد في “سفير الشمال”

بعد ستّ سنوات من القرار الذي اتخذته السّلطات السّورية برفع رسوم العبور “الترانزيت” على الشاحنات اللبنانية، في أيلول من العام 2018، إتخذت وزارة النقل السّورية أوّل من أمس قراراً يقضي بخفض هذه الرسوم 50 في المئة على الشّاحنات اللبنانية المحمّلة بكلّ أنواع البضائع، ما أثار إرتياحاً لبنانياً واسعاً، خصوصا وسط المعنيين بقطاع النقل والتصدير، كونه سيسهم في زيادة صادرات المنتجات اللبنانية كافة العابرة الأراضي السّورية باتجاه العراق والأردن.

طبعاً هذا القرار لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة إتصالات ومتابعات من قبل الحكومة اللبنانية والمصدّرين الذين تواصلوا مع الجانب السّوري طيلة السّنوات الستّ الماضية، وتمنّوا عليه مراجعة هذا القرار وتعديله بما يتناسب مع مصلحة البلدين، إلى أن صدر أول من أمس قرار بهذا المعنى، وهو ما أكّده وزير الأشغال العامّة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة أمس، من أنّ “هذا التخفيض هو تتويج لمسار إجتماعات ونقاشات جرت مع الجانب السّوري طيلة الفترة الماضية، والذي سيكون لصالح تنشيط القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية اللبنانية، فضلاً عن إنعكاساتها الإيجابية لصالح قطاع النقل وسائقي الشّاحنات اللبنانية”.

هذا القرار السّوري أكد جملة أمور ونقاط، من أبرزها ما يلي:

أولاً: أنّ أيّ قضية أو ملف عالق بين البلدين ثبُت أنّه لا يتم حلّه إلا بالتواصل والحوار بين حكومتي البلدين، لبنان وسوريا، وأنّ إدارة الظهر من الجانب اللبناني لأيّ أزمة أو قضية عالقة مع الجانب السوري، وافتعال بعض اللبنانيين المشاكل مع الجانب السّوري تنفيذا لأجندات خارجية كما حصل في السّنوات الأخيرة، يضرّ بلبنان أكثر منه بسوريا، لأنّ سوريا هي المنفذ البرّي الوحيد للبنان، ومن دونه فإنّ لبنان يختنق، أقله إقتصادياً.

ثانياً: من شأن القرار السّوري أن يُشكّل متنفساً للإقتصاد اللبناني ويرفع من نسبة الصّادرات المحلية وينشّط قطاع النقل البرّي الذي أصيب بخسائر كبيرة نتيجة الجمود في السّنوات الأخيرة، ويخفّف أكلاف الصّادرات اللبنانية إلى العراق والأردن، ويقلّص الفترة الزمنية التي كانت تستغرقها الصّادرات اللبنانية لتصل إلى الأسواق المعنية، بعدما كان المصدّرون اللبنانيون يعمدون، مثلاً، إلى تصدير منتجاتهم بحراً إلى ميناء مرسين التركي ومن هناك ينقلونها برّاً إلى العراق.

ثالثاً: نصّ القرار السّوري على أن تجري وزارة النقل السّورية تقييماً للجدوى الإقتصادية المحققة من ذلك بعد مضي ثلاثة أشهر من بدء التطبيق، وذلك لبيان إمكانية الإبقاء عليه أو تخفيضه أو إعادة الوضع إلى ما كان عليه، وخلال هذه الفترة تقع على الجانب اللبناني مهمّة العمل لتثبيت القرار أولاً، وتخفيض رسوم الترانزيت في مرحلة لاحقة، لأنّه ليس المهم تحقيق هكذا إنجاز، بل الحفاظ عليه وتطويره، وصولاً إلى رفع الحظر الذي تفرضه السّعودية على الصادرات اللبنانية إليها وإلى دول الخليج.

رابعاً: كشف القرار أنّ أيّ أزمة بين لبنان وسوريا لا تحلّ إلا بالتواصل بين البلدين، مثلما حصل في قضية الترانزيت، وأنّ رفع البعض شعارات العداء تجاه سوريا لا يضرّ إلّا لبنان، لأنّ سوريا ليست رئة لبنان فقط، بل هي عمقه الإستراتيجي، سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، ومن دون الحفاظ على هذا العمق فإنّ لبنان سيبقى يتخبّط في أزمات لا يجد سبيلاً للخروج منها.