Beirut weather 18.41 ° C
تاريخ النشر August 6, 2024
A A A
الركود الأميركي المحتمل يثير فزعاً عالمياً ويضرب الأسواق
الكاتب: هدى علاء الدين

كتبت هدى علاء الدين في “لبنان الكبير”

شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابات أمس الاثنين، بحيث تراجعت المؤشرات الرئيسية في يوم غير معتاد منذ سنوات. ويعود السبب الرئيسي لهذا الانهيار إلى مخاوف متزايدة من حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، مدفوعة بتباطؤ غير متوقع في سوق العمل الأميركي.

فقد أثارت بيانات الوظائف والتصنيع الأضعف من المتوقع في الولايات المتحدة قلق المستثمرين من أن الاحتياطي الفيدرالي قد فات الأوان لبدء خفض أسعار الفائدة، ما قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بأكبر اقتصاد في العالم.

أبرز التداعيات
انعكاس منحنى العائد: لأول مرة منذ تموز 2020، تراجع سعر العائد على سندات الخزانة الأميركية أجل عامين أقل من سعر العائد على السندات أجل 10 سنوات، بسبب المخاوف من احتمال أن يقوم مجلس المصرف المركزي بخفض الفائدة بصورة حادة، بهدف منع تباطؤ الاقتصاد الأميركي، الذي يُعتبر أكبر اقتصاد في العالم.
انهيار “وول ستريت”: شهدت أسهم “وول ستريت” انخفاضاً حاداً، حيث هوى مؤشر “ناسداك” التكنولوجي بنسبة 6.4 في المئة، وهو أكبر انخفاض يومي واحد منذ بداية جائحة كورونا. كما تراجع مؤشر “داو جونز” الصناعي بأكثر من 1100 نقطة، منخفضاً بنسبة تصل إلى 3.1 في المئة، وهو أكبر انخفاض له منذ أيلول 2022.
تراجع الأسواق الأوروبية: هوى المؤشر الرئيسي للأسهم الأوروبية “ستوكس 600” بنسبة 2.2 في المئة، مسجلاً أدنى مستوى له منذ أكثر من ستة أشهر، بحيث أدى الخوف من تباطؤ أكبر اقتصاد في العالم إلى إلحاق الضرر بالأسهم العالمية، مع تصدر أسهم الطاقة والمرافق الانزلاق السوقي على نطاق واسع. وأغلق المؤشر منخفضاً بنسبة 2.2 في المئة، لكنه ارتد عن أدنى مستوى له خلال اليوم. وسجل أشد انخفاض له على مدار ثلاثة أيام منذ حزيران 2022، وأغلق تحت مستوى 500 نقطة الرئيسي ليوم ثانٍ على التوالي.
ضعف الدولار: انخفض الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى له في سبعة أشهر تقريباً مقابل سلة من العملات الرئيسية، وتعرض لضغوط بيع حادة مقابل اليورو والين الياباني.
تراجع العملات المشفرة: شهدت قيمة البتكوين انخفاضاً حاداً إلى أقل من 50 ألف دولار، بحيث شهد الانهيار المفاجئ خسارة أول عملة مشفرة في العالم حوالي 10 في المئة من قيمتها في أقل من ساعتين.
الركود يلوح في الأفق
وأدت مجموعة متداخلة من العوامل إلى الانهيار المالي الذي شهدته الأسواق العالمية مؤخراً، ويمكن تلخيصها على النحو التالي:

تقرير التوظيف الأميركي: شرارة الانطلاق
أشار التقرير الذي صدر يوم الجمعة إلى تراجع في وتيرة خلق فرص العمل، ما يشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وكان ارتفاع معدل البطالة مؤشراً إضافياً على ضعف سوق العمل، بعدما ارتفع من 4.1 في حزيران إلى 4.3 في تموز، ما زاد من المخاوف بشأن الركود. ودفع هذا التقرير المستثمرين إلى إعادة تقييم توقعاتهم حول مسار الاقتصاد الأميركي، الأمر الذي أدى إلى زيادة التقلبات في الأسواق.

سياسة الاحتياطي الفيدرالي المشددة:
أدت سياسة رفع أسعار الفائدة التي ينتهجها الفيدرالي إلى زيادة تكاليف الاقتراض للشركات والأفراد، ما قد يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. ويخشى المستثمرون أن يكون الاحتياطي الفيدرالي قد رفع أسعار الفائدة بصورة مفرطة، ما قد يدفع الاقتصاد إلى الركود.

مخاوف الركود الأميركي
تشير البيانات الاقتصادية الأميركة إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، الأمر الذي يزيد من المخاوف بشأن حدوث ركود يؤدي إلى انخفاض أرباح الشركات، ما يقلل من جاذبية الاستثمار. وتزيد المخاوف من الركود من التقلبات في الأسواق المالية وعدم اليقين الاقتصادي. ورفع الاقتصاديون في بنك “غولدمان ساكس”، احتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة العام المقبل من 15 في المئة إلى 25 في المئة.

تدفق الاستثمارات نحو الملاذات الآمنة
لجأ المستثمرون إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب والين الياباني والفرنك السويسري، ما أدى إلى ارتفاع قيمتها. ونتيجة لذلك، هبطت أسهم المصارف الأميركية، ويشعر المستثمرون بالقلق على نحو متزايد منذ ضربت أزمة الثقة القطاع العام الماضي ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع أسعار الفائدة.

مسار المركزي الياباني
أدى رفع أسعار الفائدة اليابانية في 31 تموز إلى جعل الرهانات على الين الرخيص أقل ربحية. وقد أدى تفكيك هذه الصفقات إلى تسريع الانخفاض عبر الأسهم العالمية. وعليه، خسر مؤشر “نيكي” الياباني يوم الاثنين على انخفاض بنسبة 12 في المئة.

الأسواق تترقب
أعادت التقلبات المالية الأخيرة إلى الواجهة مخاوف الأزمات السابقة، ما دفع المستثمرين إلى التساؤل عن مدى استعداد الاحتياطي الفيدرالي لتقديم الدعم العاجل. وتشير التوقعات الحالية إلى احتمال قوي بنسبة 60 في المئة لقيام المصرف المركزي الأميركي بتخفيض طارئ لسعر الفائدة خلال الأيام القليلة المقبلة، ما يعكس حالة الترقب الحادة التي تسود الأسواق.