Beirut weather 13.54 ° C
تاريخ النشر May 18, 2024
A A A
أيّ حسابات أملت على الخماسية الانتقال إلى رفع السقف؟
الكاتب: سابين عويس

كتبت سابين عويس في “النهار”:

هل أرادت السفيرة الاميركية ليزا جونسون ان تؤكد، عبر صدور بيان استثنائي عن اجتماع سفراء اللجنة الخماسية في مقر السفارة الاميركية في عوكر، الموقع المتقدم لبلادها، وربما القيادي لتحرك دول مجموعة الخمس، أم ان توقيت البيان الذي أتى بمضمون على درجة عالية من الاهمية، يؤشر إلى ان السفراء قرروا الانتقال من مرحلة الاستطلاع والرصد لمواقف القوى السياسية وكتلها النيابية إلى مرحلة العمل على تحقيق الاهداف المرجوة من تحركهم والآيل إلى تسهيل انتخاب رئيس جديد للبلاد؟

بحسب مصادر ديبلوماسية أوروبية على اطّلاع على تحرك السفراء، ان هؤلاء وصلوا إلى اقتناع بضرورة الانتقال إلى مرحلة الدفع في اتجاه انجاز عملية الانتخاب. من هنا، تبنّى البيان صياغة أكثر حزماً في التعامل مع الاستحقاق، فوضع وإنْ بطريقة ديبلوماسية، مهلة لهذا الاستحقاق، معطوفة على الاسباب المهمة التي تتطلب وجود رئيس للبلاد في المرحلة المقبلة. فإلى جانب التأكيد على “حراجة الوضع وتداعياته الصعبة التدارك على اقتصاد لبنان واستقراره الاجتماعي بسبب تأخير الإصلاحات الضرورية”، رأى البيان انه “لا يمكن للبنان الانتظار شهراً آخر، بل يحتاج ويستحق رئيساً يوحد البلد ويعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه ويشكل تحالفاً واسعاً وشاملاً في سبيل استعادة الاستقرار السياسي وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. كذلك، فإن انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق ديبلوماسي مستقبلي بشأن حدوده الجنوبية”. إذن، فإن الاستحقاق الداهم بالنسبة إلى سفراء الخماسية لا يقتصر على التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للشغور في موقع الرئاسة، وانما على حفظ موقع لبنان على طاولات المفاوضات المقبلة في شأن الوضع في الجنوب وتطبيق القرار الدولي لمجلس الامن 1701.

لقد تمت صياغة العبارة المتعلقة بمهلة أيار بعناية فائقة، لئلا يُساء فهمها، ولئلا تحمّل السفراء اي تبعات في حال لم تنجز عملية الانتخاب، ولكي يتظهر أن هناك امرا مستحقا في فترة محددة، تقول المصادر، في اشارة منها إلى ان المهلة وُضعت لتذكير القوى اللبنانية التي أبدت استعدادها للنزول إلى البرلمان بمسؤوليتها بالتزام موقفها. واذا كان التفسير المعطى للمهلة انها لحثّ القوى السياسية على القيام بدورها، أو الضغط عليها في هذا الاتجاه، فإن المصادر تؤكد انه كان لا بد للجنة من ان تصل، بنتيجة مشاوراتها، إلى وضع إطار زمني لتحركها المقبل، بحيث لا تبقى في إطار المشاورات.

“لا أحد يفكر بلبنان”، تضيف المصادر، مؤكدة ضرورة ان يدرك اللبنانيون اهمية تحرك اللجنة الخماسية لمساعدتهم. ولا تغفل التذكير بأن الأزمة مسؤولية اللبنانيين انفسهم، وإنْ كانت العوامل الخارجية لها تأثيرها، ولكن المسؤولية الاولى تقع على عاتقهم.

يحرص السفراء على اظهار وحدة موقفهم وكلمتهم، خصوصاً بعد بروز تباينات في الإعلام، يرفض هؤلاء الاعتراف بها، كما حصل اخيراً مع السفيرين السعودي والمصري، أو مع المقاربة القطرية، حيث يشكو سفراء من ان الموقف القطري ليس واحداً، اذ في الوقت الذي يلتزم السفير القطري بالمبادىء الخمسة التي وضعها السفراء لتحركهم وأبلغوها الى رئيس مجلس النواب نبيه بري في اولى جولاتهم، تبدو حركة الموفد القطري الامني في مكان آخر، حيث يجري التسويق لاسم محدد. على هذه التباينات، تتشدد المصادر بالقول ان الموقف الرسمي الذي يتم التعامل معه هو الذي ينبثق من تحرك السفراء، وهذا هو الاهم.

ليس أكيداً ان المهلة التي وضعها السفراء، وهي على مسافة اقل من اسبوعين، يمكن ان تنتج رئيساً، ولكن الاكيد انطلاقاً مما يجري التسويق له ديبلوماسياً، ان هناك دفعاً كبيراً في اتجاه تقديم الحل الديبلوماسي على الحل العسكري في الجنوب. وهذا الخيار تقوده باريس، وقد تكون واشنطن التي كانت تقارب الموضوع من منطلق ان لا كلام قبل وقف النار في غزة، قد بدأت تقترب منه. فبحسب المصادر الديبلوماسية الأوروبية نفسها، تحسنت العلاقة الفرنسية – الاميركية اكثر بعد تحوّل أمكن تلمّسه منذ نحو شهرين تقريباً في المقاربة الاميركية. من هنا، يبدو التعويل اكبر على امكان إحداث خرق ما على الجبهة الجنوبية، في ما لو جاء الرد الإسرائيلي مقبولاً على الورقة الفرنسية المعدلة، والجواب اللبناني عليها، والموجود اليوم على طاولة تل ابيب لإبداء الرأي. حتى الآن لا جواب، ولكن التعامل مع الطرح المعدل يبدو اكثر واقعية وعقلانية، بما يشي بإمكان إطلاق المفاوضات. وتعلّق المصادر اهمية على الورقة الفرنسية التي تقدم خياراً ديبلوماسياً من شأنه ان يحرج تل ابيب ويمنعها، إذا قررت اللجوء إلى خيار الحل العسكري والذهاب إلى الحرب، من القول إنها لم تكن تملك خياراً آخر!