Beirut weather 17.41 ° C
تاريخ النشر November 12, 2016
A A A
عالم يشبه ترامب
الكاتب: سميح صعب - النهار

التطرف والشعبوية والنزعة القومية التعصبية وكره الاجانب هي سمات تجد مساحة لا بأس بها في العالم الغربي. ولم يكن انتخاب الشعبوي دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة سوى أحد تعبيراتها العارية. فقسم واسع من الاميركيين يرفض اليوم العولمة وينزع الى الانعزال داخل حدوده ولا يرى ان الولايات المتحدة يجب أن تكون شرطي العالم وأنها هي التي يجب ان تقود النظام العالمي السائد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وليست الولايات المتحدة وحدها التي ظهرت فيها هذه الاعراض. فدول أوروبا الغربية تميل أيضاً الى الانغلاق في مواجهة تحديات آتية من الشرق الاوسط وشمال افريقيا من الهجرة غير الشرعية الى الخوف من التطرف الاسلامي، معطوفة على أزمات اقتصادية متمادية منذ عام 2008. وهذا ما قاد البريطانيين الى الانفصال عن البر الاوروبي والإنكفاء داخل حدود جزيرتهم. وهذا ما سيقود اسكوتلندا لاحقاً الى تأكيد وعيها القومي بالانفصال عن المملكة المتحدة. ولن تعدم ايرلندا الشمالية وسيلة للخروج من عباءة المملكة مستقبلاً وربما ويلز. من يدري؟

وهذه كاتالونيا في اسبانيا تجهد من أجل الاستقلال عن مدريد باستفتاء تلو آخر. ولا تقل نزعة الاستقلال في اقليم الباسك عن تلك الموجودة في كاتالونيا.

والخروج البريطاني من الاتحاد الاوروبي أرسى سابقة لدى دول أخرى وعزز ميول هولندا والدانمارك وربما ايرلندا الى خيار كهذا. وتلك مآلات كانت مستبعدة داخل التكتل الاوروبي الذي أنشئ لتعزيز السلام بين دول القارة التي دفعت ملايين القتلى في الحروب التي خاضتها.

ولكن يبدو ان العالم يتغير ويتجه أكثر نحو الإنغلاق. هل هو رد فعل على العولمة التي لا تعرف حدوداً؟ أم هو رد تلقائي على الضائقة الاقتصادية وموجات الهجرة التي تزايدت في الاعوام الاخيرة بفعل حروب “الربيع العربي” فضلاً عن حربي العراق وأفغانستان؟
وهذا يعطي مؤشراً لكون بعض الأزمات التي يعانيها الغرب هي من صنعه أو انه ساهم في صنعها بطريقة أو بأخرى. فإذا بالأزمات تدق أبوابه، متسببة بتغذية اليمين المتطرف في فرنسا والمانيا وهولندا والنمسا. وكل الاحزاب المحسوبة على التيار القومي أو الشعبوي تحرز تقدماً بواسطة صناديق الاقتراع، لتكشف عن اتساع في البيئة الحاضنة لهذا التيار. والمثال الابرز على ذلك الجبهة الوطنية في فرنسا بزعامة مارين لوبن المرشحة للفوز في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية في نيسان المقبل.

وها هو ترامب صاحب الخطاب الشعبوي والمتعصب يصل الى سدة الرئاسة في كبرى دول العالم اقتصادياً وعسكرياً. ليس ذلك إلا تتويجاً لظاهرة التشدد التي تعم العالم أجمع.