Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر October 28, 2016
A A A
ارتيابٌ في لبنان من اليوم التالي بعد انتخاب عون
الكاتب: الراي

ارتيابٌ في لبنان من اليوم التالي بعد انتخاب عون: ماذا لو لم يسمّ «الثنائي الشيعي» الحريري رئيساً للحكومة؟
ماذا سيكون موقف عون في حال عرقلة مسار تكليف الحريري وتشكيل الحكومة؟
*

عاش لبنان أمس إحدى المفارقات التي تكتسب دلالات رمزية في واقعه السياسي والاجتماعي الشديد التوتر والذي سيواكب انطلاقة «عهد العماد ميشال عون» حال انتخابه رئيساً للجمهورية الاثنين المقبل كما بات الامر محسوماً.

فقد أفاق اللبنانيون في بيروت والكثير من المناطق اللبنانية على حركة اعتصامات واسعة وإقفال للطرق العامة والاتوسترادات بفعل إضرابٍ كبير للسائقين العموميين احتجاجاً على مناقصة في مركز المعاينة الميكانيكية رُفعت بموجبها رسوم المعاينة السنوية على السيارات والشاحنات والمركبات بنِسَب ملحوظة.

ومع ان هذه الحركة الاحتجاجية بدأت قبل اكثر من شهرين واستمرّت من دون حلّ في انتظار حسْم الأمر في القضاء، فإنها اكتسبت امس دلالات سلبية للغاية اذ عاش اللبنانيون يوماً عصيباً جداً بفعل انسداد حركة السير والزحمة الخانقة وخصوصاً ان مواكب الشاحنات وصلت الى وسط بيروت وساحاتها متسببة باختناقات مرورية لساعات طويلة.

وحصل ذلك فيما كانت الحكومة تعقد آخر جلساتها قبل ظهر امس قبل انتخاب رئيس الجمهورية العتيد الاثنين المقبل باعتبار ان الحكومة تُعتبر دستورياً مستقيلة حكماً حال انتخاب الرئيس وتتحوّل الى حكومة تصريف أعمال. واذا كان الوزير الاشتراكي وائل ابو فاعور وصف الجلسة النهائية لمجلس الوزراء امس بأنها «خاتمة الأحزان»، فان أوساطاً مواكبة للاستعدادات الجارية ليوم الانتخاب الرئاسي لا تبدو واثقة من هذا التوصيف ولو ان انتخاب عون صار في حكم المحسوم ولم يعد هناك أي شكوك جدية في انه سيُصبِح الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية منذ نيل لبنان استقلاله عام 1943.

وتسبغ هذه الأوساط صورة شديدة التشكيك والتوجس مما سيأتي تباعاً من استحقاقات بعد انتخاب عون وخصوصاً بالنسبة الى عملية الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها في منتصف الاسبوع المقبل لتكليف رئيس الحكومة الجديدة ومن ثم مخاض الرئيس المكلف، الذي سيكون الرئيس سعد الحريري، في إنجاز عملية التشكيل التي يحوط بها «حقل ألغام» سياسي، بعضها من ارتدادات مسار الانتخاب الرئاسي الذي يُعتبر رئيس البرلمان نبيه بري متصدِّر جبهة الاعتراض عليه.

وتكشف الاوساط في هذا السياق انه طُرحت في الكواليس منذ ايام مسألة الاشكالية الاولى التي يمكن ان تبرز فور تكليف الحريري بتشكيل الحكومة وهي ألا يسمي الثنائي الشيعي «حزب الله» و«امل» (يتزعّمها بري) الحريري لرئاسة الحكومة، الأول بفعل موقفه الذي حدده السيد حسن نصرالله بكلامه في خطابه الأخير عن انه «لا يمانع» تكليف الحريري وهو ما فُسّر على ان كتلة الحزب ليست ملزمة تسمية الحريري ولا التزام اتفاق «تبادل الرئاسات» الذي تم بين عون والحريري. اما بري فان إمكان عدم تسميته الحريري ينطلق من انه سيصوّت ضد العماد عون في جلسة الاثنين الرئاسية ومع النائب سليمان فرنجية، ما يعزز احتمال ان يبقى في صفوف المعارضة خلال استشارات التكليف ويرجّح ان كتلته لن تسمي الحريري.

وتلفت الاوساط نفسها الى انه في حال عدم حصول ما يدفع بري الى تسمية الحريري فان الأخير سيكون امام إشكالية «ميثاقية» من منطلق ان الطائفة الشيعية لم تزكه لرئاسة الحكومة، الأمر الذي يُبحث كاحتمال جدّي من الآن.

وتنتظر هذه الاوساط المقابلة التلفزيونية التي سيطلّ عبرها الرئيس الحريري مساء اليوم لتبين توجهاته التفصيلية من الاستحقاق الرئاسي والحكومي في ظل انتخاب عون. وتقول ان ثمة حركة مشاورات واتصالات محمومة ستتصاعد بقوة في الساعات الثماني والاربعين المقبلة وخصوصاً بعد عودة الرئيس بري غداً الى بيروت من زيارة دامت أسبوعاً لجنيف، وان مسألة التسمية لن تُحسم على الأرجح الا قبيل بدء عون استشاراته النيابية لتكليف الحريري، وان رئيس البرلمان سيتخذ الموقف النهائي بعد مشاوراته مع «حزب الله» وحليفه النائب سليمان فرنجية.

وتشير هذه الاوساط الى ان من الصعوبة بمكان الإطلالة مسبقاً على عملية تشكيل الحكومة وما يمكن ان تشهده من عقبات وأفخاخ او تسهيلات قبل اتضاح الاتجاهات الشيعية في شأن تسمية الحريري، اذ ان مؤشرات التعقيد او التسهيل ستظهر اولاً في عملية التكليف، ولن يكون ممكناً للحريري القفز فوق امتناع الثنائي الشيعي عن تسميته. ولكن السؤال الذي تفرضه هذه المسألة هو عن موقف الرئيس المنتخَب اي العماد عون الذي ستغدو كل عقبة محتملة امام التكليف والتشكيل كأنها استهداف لانطلاقة قوية لعهده.
***
%d8%b9%d8%a7%d9%85%d9%84-%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d9%8a%d8%b1%d8%b4-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%af%d8%b1%d8%ac-%d9%85%d8%af%d8%ae%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b1
عامل نظافة يرش المياه على درج مدخل البرلمان في بيروت أمس (رويترز)