Beirut weather 28.54 ° C
تاريخ النشر September 14, 2018
A A A
بري ينتقل من التشاؤل إلى التشاؤم مع فسحة أمل… وتصعيد اشتراكي بوجه رئيس الجمهورية
الكاتب: البناء

وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري الحالة الحكومية بالـ «مقفلة عالآخر»، منتقلاً بذلك من «التشاؤل» كمرتبة بين التفاؤل والتشاؤم الذي أعلنه قبل أسبوعين، وجاءت صيغة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري التي قدّمها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وما تلاها من سجالات وتباينات لتنقله إلى التشاؤم، مع فسحة أمل أبقاها للتشاور الذي يُفترض أن يعود بين الرئيسين عون والحريري بعدما عادا من الخارج.

على مستوى المشاورات تقول مصادر متابعة إن الرئيس الحريري الذي عاد برؤية واقعية سياسياً من حضوره لجلسات المحكمة الدولية، وظهور محدودية جدية ما قدّمه الإدعاء العام كأدلة تضعف الدور المأمول سياسياً من المحكمة. وقالت المصادر إن هذه الواقعية التي لا يجوز إنكار خلفيتها الوطنية أيضاً، ستظهر بسعي الحريري لتثبيت حصة القوات اللبنانية عند أربعة وزراء بثلاثة حقائب ووزير دولة والسعي لتحديد نهائي لهذه الحقائب بالتراضي مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ليحصل بعدها على موافقة القوات، لأنه لا يريد التحرك مرة أخرى على جبهة القوات من دون ضمان مسبق بقبول التيار ورئيس الجمهورية بما يصل إليه. وقالت المصادر إن الحريري يعتقد بأن نجاحه على هذا المحور سيفتح الباب للعقدة الدرزية والاستعانة بالرئيس بري لحلها، وسيتكفل بتقديم عرض لرئيس الجمهورية حول العقدة السنية، وفسّرت المصادر التصعيد الذي بدأه الحزب التقدمي الاشتراكي ضد رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، تحت شعار العهد الفاشل، يأتي تحسساً من الاشتراكي لكونه سيكون الحلقة الثانية للتنازلات بعد حلحلة العقدة القواتية، ولهذا فهو يشجّع القوات على عدم التنازل تفادياً للحظة الصعبة.

في وقت يستعدّ رئيس الحكومة المكلف لجولة جديدة من المشاورات لحلحلة العقد أمام تأليف الحكومة، واصلت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري جلسات المحاكمة في لاهاي. وقالت مصادر مطلعة لــ«البناء» إن «المحكمة فقدت ثقة الرأي العام واستمرارها في عملها عبثاً وعبئاً كبيراً على لبنان واللبنانيين وعلى عائلة الرئيس الحريري أيضاً»، مشيرة الى أن «فريق المقاومة لا يعنيه مسألة المحكمة وموقفه بات معروفاً منها مهما بلغت قراراتها، فهي محكمة مسيّسة وأداة أميركية إسرائيلية للاقتصاص من المقاومة ولن تتمكن الولايات المتحدة من ابتزاز حزب الله بذلك، وكما واجه الحزب الحروب والمشاريع الأميركية في العام 2016 وفي سوريا وغيرها سيواجه اي عدوان جديد متمثل بالمحكمة».

الحريري: التعديلات لن تخرج عن التوازن!

بالعودة الى الشأن الحكومي، بدأ الرئيس المكلف سعد الحريري اتصالاته مع مختلف القوى السياسية في محاولة جديدة لتذليل عقد التأليف، وقالت أوساط الرئيس المكلف لـ«البناء» إن «التواصل مع الرئيس ميشال عون ومختلف القوى السياسية لم ينقطع»، مشيرة الى أن «الرئيس الحريري يجري اتصالات بعيداً عن الإعلام وهو يعمل على تشكيل الحكومة على قاعدة احترام التوازنات السياسية وليس فقط نتائج الانتخابات، لأن المجلس النيابي يحاسب الرئيس المكلّف وليس رئيس الجمهورية، لذلك يعمل الرئيس المكلف على إدخال بعض التعديلات التي طلبها عون لكن ضمن سقف هذا التوازن». ولفتت الى أن «الآليات الدستورية لتشكيل الحكومات معروفة، إذ إن المجلس النيابي هو الذي ينظر الى توازنات هذه الحكومة وملاءمتها للدستور ونتائج الانتخابات من خلال منح الثقة أو حجبها». ونفت المصادر أي رابط بين المحكمة والحكومة، مضيفة: «الحريري أعلن موقفه المسؤول والوطني وفصل المحكمة عن الوضع السياسي في لبنان». وعن موقف الحريري حيال أي قرارات جديدة للمحكمة قالت المصادر: «الحريري انتهج منذ سنوات سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن سياسة المحاور، وبالتالي لن ينخرط بأي محور ضد محور آخر، بل تهمه مصلحة لبنان واستقراره».

هجوم الاشتراكي على بعبدا…

في غضون ذلك، واصل الحزب التقدمي الاشتراكي هجومه على التيار الوطني الحر والعهد ورفع من سقف التصعيد والمواجهة أمس، من خلال موقف النائب وائل أبو فاعور الذي صوّب على بعبدا مباشرة، وقال في تصريح رداً على تصريحات الرئيس عون من ستراسبورغ: لا يزال البعض المستأسد بالسلطة، يعيش ثأره التاريخي ضد اتفاق الطائف وتوازناته وأركانه، وكل الذي يجري هو محاولة يائسة لتجويفه تمهيداً للانقلاب عليه». ولفت الى أن «محور الصراع الدائر حالياً، هو الحفاظ على الطائف أو دفنه كما يريد هذا البعض، وسيسجل التاريخ لهذه الولاية الرئاسية أنها رفعت منسوب الطائفية والشحن المذهبي بين اللبنانيين من قانون الانتخاب الى الخطاب السياسي، وأنها أعادت لبنان سنوات الى الوراء بعكس مسار السلم الأهلي وتضعه مجدداً أمام مخاطر الفتنة التي سعينا وسنسعى لوأدها مهما حاولوا وسنبقى أهل المصالحة وحماتها».

..و«التيار»: جنبلاط يريد تعطيل العهد

في المقابل يرفض التيار الوطني الحر هذا التهجّم العشوائي على التيار ورئيس البلاد، وأشار مصدر نيابي في التيار الوطني لـ»البناء» الى أن «الهجمات الكلامية المتتالية للاشتراكي على التيار ورئيس الجمهورية يثبت أنه يريد تعطيل العهد ويكشف الغضب الاشتراكي بعد أن تمّ إبلاغه من الرئيس المكلف بأنه من الصعوبة بمكان منحه 3 وزراء». ولفت المصدر العوني الى أن «الاشتراكي تعوّد على الاستئثار بالحكم والحصص والتفرد بالتمثيل الدرزي، وبالتالي يعمل على محاربة النهج الجديد الذي يمثله الرئيس عون ورؤيته للمرحلة المقبلة، فكيف يتهم الاشتراكي عون بالطائفية وهو من أركان الحرب الأهلية؟ وأكد بأن «الرئيس عون لن يقبل بمنح النائب وليد جنبلاط الحصة الدرزية الكاملة لأنه لن يقبل وجود أطراف معرقلة لعمل حكومة العهد الأولى وبالتالي تعطيل العهد ولن يتراجع تحت الضغوط السياسية والتهديد بحروب وعقوبات تارة وانهيار اقتصادي ومالي طوراً».

وأسف المصدر لموقف القوات اللبنانية المراوغ والمموّه، بالتهجم على التيار وتحييد رئيس الجمهورية. وهي أول من يستهدف الرئيس عون وعهده. ودعا الرئيس المكلف الى التغلب على الضغوظ الخارجية وابتزاز بعض الداخل واتخاذ خطوات جدية باتجاه حلحلة عقد تمثيل القوات والاشتراكي، موضحاً أن عدم تحديد مهلة للتأليف في الدستور يُتيح للرئيس المكلف بتضييع الوقت ما يضعنا أمام أزمة دستورية وسياسية إذا طال أمد التأليف».