Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر April 5, 2017
A A A
مواجهة حامية بين المحكمة ومحامّي الأسير
الكاتب: كلوديت سركيس - النهار

وصلت المحاكمة في ملف عبرا الى مفترق جعلها أمام أحد خيارين بعد تجديد محامي الدفاع عن الموقوف الشيخ أحمد الاسير استنكافهم بمجاهرة هيئة المحكمة بهذا القرار متمسكين بموقفهم القديم وهو بت إخبار عن كيفية بدء المعارك في عبرا، لا يزال قيد النظر في التحقيق الاولي في وزارة الدفاع، وتجديد هذا الموقف مع اعلانهم تقديم إخبار ثالث اخيرا امام النيابة العامة التمييزية يؤيد الإخبار الثاني، علما أن الاخبار الاول في الموضوع نفسه أعادته النيابة العامة العسكرية الى المحكمة العسكرية للاستئناس به.

الخيار الاول هو انتظار المحكمة بت هذين الاخبارين تمهيدا لمتابعة المحاكمة في الملف الرئيسي في أحداث عبرا، وخصوصا بعدما استهمل محامون عن موقوفين آخرين المحاكمة خلال الجلسة ريثما يتم بت الإخبارين ومشاركة محامية في تقديم الاخبار الثالث. ويبدو أن هذا الخيار دونه عقبة قانونية. فالمحكمة اتخذت قرارا باللجوء في الجلسة المقبلة التي حددتها في 25 نيسان الجاري الى تعيين محامين عسكريين في حال استمرار استنكاف المحامين الى ذلك الحين، وتحت طائلة المادة 59 من قانون القضاء العسكري. وفي رأي مصادر قانونية أن نص هذه المادة يشترط للجوء اليها عدم وجود محامين وكلاء عن المتهم او المتهمين . فماذا لو تمسك الاسير بوكلائه في الجلسة المقبلة ورفض تعيين محام عسكري للدفاع عنه، وتاليا امتنع عن الاجابة عن الاسئلة التي تُطرح عليه والتزم الصمت؟. وهو أبدى في الجلسة ما يؤيد طلب وكلائه بالنسبة الى بت الاخبارات عندما سأل المحكمة عن عدم استدعاء شهود كانوا عند بدء معركة عبرا على الارض، بحسب تعبيره، ملحما الى “سرايا المقاومة”. وهذا المنحى الافتراضي يُجيب عن الخيار الثاني.

في هذه الأجواء، التأمت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن حسين عبدالله، وفي حضور ممثل النيابة العامة العسكرية القاضي هاني الحجار. وأحضر الاسير بلباسه الديني ومثل أمام منصة الاستجواب محاطا بثلاثة عسكريين، فيما تولى عدد مماثل الانتشار خارج قفص الاتهام حيث سائر الموقوفين في هذا الملف. وطوال وقوفه أمام المنصة، لم يتوجه بنظره الى رفاقه الموقوفين ولم يتفوه بالكلام إلا في أواخر الجلسة بعد تسجيل جهة الدفاع موقفها واتخاذ المحكمة قرارها باللجوء الى تعيين محامين عسكريين. وسمعت أصوات لموقوفين تقول “نحاكم على اساس اننا ارهابيون، ونحن لسنا بإرهابيين”.

جهة الدفاع عن الاسير التي حضرت للمرة الاولى بعد طول استنكاف، جاءت لتبلغ المحكمة أن اخبارا ثالثا تقدمت به، مضمونه من تقرير بثته “الجزيرة” عن احداث عبرا، وعنوانه “مًن اطلق الرصاصة الاولى؟” أظهر، بحسبها، وثائق حيًة تدعم الاخبارين اللذين سبق ان تقدم بهما الاسير. وبُني الاخباران على هذه الحلقة. وتظهر هذه الوثائق مَن قاتل في عبرا، مطالبة بتظهير الطابور الخامس الذي جعل الناس تقف وجها لوجه امام الجيش. وأكدت جهة الدفاع الاستمرار في الاستنكاف عن السير بالمحاكمة من دون مثول الدفاع، الى حين بت الاخبارين لوجود تلازم مطلق بينهما. وطالب احد وكلاء الاسير المحامي محمد صبلوح بـ”عدالة المحكمة لمعاقبة المرتكِب أيا” كان لأنه أشعل الفتيل.

ورد ممثل النيابة العامة العسكرية على موقف الدفاع. وقال: “سواء كان هناك تلازم او لا، يجب ألا يؤدي ذلك الى عدم السير بالمحاكمة، وخصوصا ان هناك تهمة موجهة الى الاسير في الملف يتسنى له فيها الدفاع عنها”.

وعلى الرد، ردَ المحامي صبلوح مشيرا الى ان “هناك مسلحين اطلقوا النار في تلك المعركة، وشوهدوا. وسمع الناس مَن أشعل الفتنة. نريد العدالة والمعاملة سواسية امام القضاء”.

وبإزاء اعلان رئيس المحكمة ان الهيئة ستمضي في المحاكمة بتلاوة التهمة الموجهة الى الاسير، أصرت جهة الدفاع عن الاخير على موقفها معلنة الانسحاب من الجلسة استنكافا. ثم تُليت التهمة الموجهة الى الاسير الذي استمع اليها صامتا. وما لبث العميد عبدالله ان عرض على المحامين عن سائر الموقوفين الموجودين في القاعة الانسحاب قبل ان تتخذ المحكمة قرارها في صدد المستجدات في الجلسة. فاستمهل المحامي محمود الصباغ اتخاذ المحكمة الاجراء الى حين بت مسألة الاخبار، متحدثا عن وجود جانب سياسي في هذه القضية. وايدته في ذلك المحامية عليا شلحة بناء على تمني موكليها عدم السير بالمحاكمة الى حين بت الإخبار الثالث الذي شاركت في تقديمه. وقالت انه سبق أن صار تقديم وثائق ومستندات موضوع الاخبار بعد توقيف الاسير، ولم تُقبل ولم تُناقش، لذا لجأ الزملاء الى الإخبار. وفي نظرها ان اي دعوى عادية تفرعت منها دعوى يقتضي انتظار نتائج تلك المتفرعة لبت الدعوى الاساسية، فكيف اذا كانت الدعوى بهذا الحجم؟
وخالفها القاضي الحجار معتبرا قانونا ان “الإخبارات لا تؤثر على سير المحاكمة. وعندما تجد النيابة العامة لزوما للادعاء تدًعي تباعا. ولكن لا يمكن ان نُعطل المحاكمة في ملف عرسال مثلا، لأن شخصا أطلق النار ولم يتم توقيفه. وفي حال صحة الإخبار يَنتج ملفان، وهي من يُقرر ضمه او لا. وعلَقت وكيلة الدفاع مشيرة الى أن الاخبارات تتعلق بالمعركة نفسها، والواقعة نفسها ايضا. وطلب القاضي الحجار رد اي طلب استمهال المحاكمة من الدفاع الى حين بت الاخبار، لانه منفصل قانونا عن المحاكمة، وخصوصا انها لن تنتهي قريبا.

بعد ذلك توقفت الجلسة لتتذاكر الهيئة، وبعودتها قررت أنه “نظرا الى الغياب المتكرر لوكلاء الاسير وانسحابهم من هذه الجلسة وانسحاب وكلاء عن مدعى عليهم ، ونظرا الى المدة الزمنية التي اتخذتها هذه المحاكمة، وبالاستناد الى نص المادة 59 من قانون القضاء العسكري، نقرر تكليف محام عسكري لكل مدعى عليه لا يمثل وكيله عنه في الجلسة المقبلة في 25 04 2017”.

وعند انتهاء تلاوة القرار علق الاسير موجها كلامه الى رئيس المحكمة: “منذ بدء المحاكمة في ملف عبرا الى حين توقفها، معقول يا حضرة القاضي وجود عشرات ومئات الشهود على الارض عند بدء المعركة، بينهم مسؤولون ولا يُستدعى واحد منهم؟ قدم المحامون وثائق الى المحكمة ولم يؤخذ بها”. فأجابه العميد عبدالله بأنه عندما تسلم مهماته رئيسا للمحكمة العسكرية لم تنطلق المحاكمة، وعندما تنطلق يمكنك دعوة مَن تريد، ونستدعيه”.
*

%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b1-%d9%84%d8%af%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a8%d8%b6-%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b7%d8%a7%d8%b1
الأسير لدى القاء القبض عليه في المطار