Beirut weather 23.41 ° C
تاريخ النشر August 18, 2023
A A A
معالجة أزمة الكهرباء مرحليّاً بعد تأمين 7 ملايين دولار لـPRIMESOUTH…
الكاتب: سلوى بعلبكي - النهار

عوداً على بدء. هي ما غيرها، أزمة الكهرباء والفيول ومعهما فواتير الصيانة وثمن قطع الغيار. عود تظنّه ما رحل، يسكن في رأس لائحة الأزمات “المستدامة” وجداول التمويل الطارئ والضروري والمستعجل.

وعد الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، بعدما وعدوه بتحسين الجباية والخدمات، بتمويل شراء الفيول العراقي للكهرباء، ودفع فواتير الصيانة للمعامل. ذهب سلامة وتغيّرت بعده استراتيجية الصرف والسحب، والاتكال على مصرف لبنان.

الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، يعرف دقة الحاجة لإبقاء الشبكة والمعامل قيد العمل، لكنه متمسّك بالأولويات، وبضرورة حماية استقرار سعر سوق الصرف، بـ”رمش العين”، لأن الخبز أولى، والدواء والبنزين، وبقايا القيمة الشرائية للرواتب والأجور.

ليس من الحكمة بنظره في ظل الظروف الحالية، التوجّه الى السوق مباشرة، وشراء كمية ضخمة من الدولارات، لزوم طلب كهرباء لبنان، لأن ذلك سيتسبّب حكماً بقفزات جنونية للدولار، وليس في الوارد أيضاً، وممنوع وفق منصوري منعاً باتاً، استعمال باقي الاحتياط من العملة الصعبة، لتأمين الطلبات، فما العمل؟

جبايات كهرباء لبنان بالليرة، لكن فواتيرها بالدولار، و”دست” الدولارات الذي كان يغرف المسؤولون منه ساعة يشاؤون نضب، وحامل التوقيع يرفض بشدة تنفيذ الطلبات، ويتصلب بموقفه حماية لما بقي، منعاً للانزلاق الخطِر أكثر إلى القعر. فمن أين سيأتي أهل الدولة بالدولارات لإنعاش بقايا الكهرباء؟ السبل الروتينية مقطوعة، ولم يبق غير اللجوء إلى أرانب الحلول، التي كانت تخرج من أكمام المسؤولين فجأة، ومعها الحلول الموقتة، لكل مشكلة وتمويل وخلاف.

أرنب الـSDR هو الحل؟ أم دولارات المساعدات التي تملكها وزارة المال؟ أم بعض عائدات المرافق بالدولار؟ أو ربما من كل أرنب “فخذ”؟ الجواب رهن رئاسة الحكومة، ووزارتي المال والطاقة، وقدرتهم على برمجة تنسيق مفيد، يصل بالأزمة الى الانفراج الموعود، لتأمين الحد الأدنى من الخدمة الكهربائية للمواطنين، خصوصاً في الظروف المناخية الحارة التي يمر بها لبنان.

وزير الطاقة وليد فياض يؤكد لـ”النهار” أن “لدى مؤسسة كهرباء لبنان فائضاً من الأموال بالليرة”، مستغرباً في الوقت عينه “إخلال” مصرف لبنان بآلية لتحويل إيرادات المؤسسة من جباية فواتير الكهرباء بالليرة اللبنانية (Fresh LBP) إلى دولارات (Fresh Dollars)، وهي آليّة موضوعة من “المركزي” ووفق قرار مجلس الوزراء رقم 15 تاريخ 26/5/2023. وقال “إن لم يرد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري تنفيذ هذه الآلية، فليرسل الى وزارة الطاقة كتاباً في هذا الصدد بغية دفع ما هو متوجب للشركات بالليرة اللبنانية، أو فليعمد الى تزويدنا بالآلية المقترحة منه للسير بها”.

فياض يؤكد أنه يريد التعاون مع مصرف لبنان لإنجاح مهمته ومهمتنا معاً لكونها مصلحة مشتركة، “مهمة “المركزي” ثبات النقد، فيما يهمنا كوزارة تأمين التغذية للمواطنين بأقل كلفة ممكنة”. وهذا الامر برأيه “يصب في مصلحة انخفاض الحاجة الى تأمين للدولار لا زيادته، على اعتبار أن المولدات تؤمّن الكيلوواط ساعة بـ50 سنتاً، فيما تؤمنها مؤسسة الكهرباء بين 15 و25 سنتاً، بما يوفر نحو مليارين ونصف مليار دولار سنوياً”.

وأكد فياض أنه منفتح على كل الحلول التي يقترحها مصرف لبنان إن كان بالدفع بالليرة، أو تقسيط المبالغ بالدولار، ولكن “على الأقل، فيلتواصل معنا حاكم مصرف لبنان بالإنابة لوضع الحلول أو تعديلها”.

على مقلب مقدمي الخدمات، أكدت مصادرهم لـ”النهار” أنهم منفتحون على التعاون مع وزارة الطاقة ومصرف لبنان ولا مشكلة في تقسيط الأموال المستحقة لهم، وأوضحت أن اللبنانيين متعاونون جداً وخصوصاً حيال دفع ما يجب عليهم من فواتير “لا مشكلة تُذكر في جباية فواتير الكهرباء، وليس هناك من معضلة على الرغم من تفاوت الجبايات بين منطقة وأخرى”، مؤكدة أن نسبتها لم تتغير مع اعتماد التعرفة الجديدة للكهرباء مقارنة بالتعرفة السابقة.

وإذ لفتت الى أن ثمة تأخراً في إصدار الفواتير من مؤسسة كهرباء لبنان، فثمة مناطق تسدّد ما عليها عن شهر كانون الاول 2022 ومناطق أخرى تسدد فواتير شهري كانون الثاني وشباط، فيما مناطق أخرى لم تصلها بعد فواتير شهر كانون الأول 2022، بيد أنها أشارت في المقابل إلى أن “عمليات الجباية تأخذ مسارها الصحيح”.
وفي سياق آخر، كشفت المصادر أن “ثمة نسبة كبيرة من المشتركين يلجؤون الى خفض قدرة ساعاتهم أو تجميدها، وفي بعض المناطق التي تشهد استخدام الطاقة الشمسية بكثرة يلجأ المشتركون الى إلغاء الاشتراك لخفض التكاليف”.
ولعل ما شهدته المناطق اللبنانية من انقطاع للتيار كلياً، شاهد على “المهزلة” التي يعيشها اللبنانيون، إذ أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أول من أمس توقف معملي دير عمار والزهراني عن العمل وانقطاع التغذية الكهربائية عن المشتركين، وذلك بعد إنذار تلقته من شركة PRIMESOUTH المشغلة لمعملي دير عمار والزهراني بتوقيف هذين المعملين وتسليمهما إلى المؤسسة بسبب عدم قبضها لمستحقاتها بالعملة الأجنبية.
وسبق للمؤسسة أن طلبت من مصرف لبنان تحويل 10 ملايين دولار لحساب الشركة بموجب عقد تشغيل وصيانة معملي دير عمار والزهراني، وفقاً للآلية الموضوعة من جانب مصرف لبنان لتحويل إيرادات المؤسسة من جباية فواتير الكهرباء بالليرة اللبنانية (Fresh LBP) إلى دولارات (Fresh Dollars)، ووفق قرار مجلس الوزراء رقم 15 تاريخ 26/5/2023، ولكن لم يُسدّد هذا المبلغ إلى المشغل لتاريخه. وتقدّر قيمة الإيرادات بحسب هذه الآلية بـ/37,252,551/ دولاراً لغاية منتصف نهار 16/8/2023 في حساب مؤسسة كهرباء لبنان المفتوح لدى مصرف لبنان، وعدم تحويل المبلغ يحول دون إمكان تسديد بعض متوجّبات المؤسسة المالية المترتبة بالعملة الأجنبية ويؤثر سلباً على سلامة الاستثمار وحسن سير المرفق العام”.

وبما أنه كان يُفترض تحويل 10 ملايين دولار من أصل 85 مليون دولار مستحقة للشركة، ومع رفض مصرف لبنان تحويل المبلغ بالدولار، كما رفض تسليمهم المبلغ بالليرة اللبنانية حتى لا يصار الى شراء الدولار بالمبلغ، بما يؤدي الى زعزعة في سوق الصرف، تعهّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدفع 7 ملايين دولار لشركة “برايم ساوث” المشغلة لمعملي دير عمار والزهراني من الـSDR مقابل تشغيل فوري للمعامل، وذلك بعد رفض الحاكم بالإنابة لمصرف لبنان وسيم منصوري الدفع من أموال الاحتياط الإلزامي.

وكانت مصادر مصرف لبنان قد أكدت أن ثمة خيارين، الأول تحويل أموال جباية مؤسسة الكهرباء من الليرة الى الدولار عبر شراء مصرف لبنان دولارات من السوق بشكل تدريجيّ لا يؤثر على السوق، على أن تُقسّط الأموال لمقدّمي الخدمات بعد الاتفاق مع وزارة المال. أما الخيار الثاني، فيتجلى في استخدام الدولة جزءاً من الأموال الباقية من الـSDR وتُقدّر بنحو 120 مليون دولار.

وأكدت المصادر أن لا قدرة لمصرف لبنان على أن يتحمّل وحيداً تأمين الدولارات لرواتب القطاع العام وحاجات القوى العسكرية والأمنية وأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، إضافة الى ما تطلبه مؤسسة الكهرباء من دولارات. فالمطلوب من المركزي تأمين نحو 85 مليون دولار لتسديد الرواتب و35 مليون دولار للمواد الطبّية والأدوية السرطانية والمزمنة، عدا عن تأمين حاجات القوى الأمنية من مازوت وغيرها، فيما الطلب منه تأمين مبلغ يفوق 200 مليون دولار للكهرباء، سيشكل عبئاً إضافياً عليه، ولا سيما أن مؤسسة الكهرباء تطلب منه تحويل كافة الأموال إلى دولار وهذا يفوق قدرته، ولن يتمكن من ذلك إلا بالتدريج لأن تأمينه بسرعة سيؤدي إلى زعزعة سوق الصرف.