بكل صراحة وشفافية، اشار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن استعداده لطلب وتأمين سلاح دفاع جوي من ايران للجيش اللبناني، ومع إضافته لإشارة لافتة اخرى تستدعي التوقف والاهتمام، تتعلق بامكانية ان يكون هذا الجيش من اقوى الجيوش في المنطقة، كان كلامه واضحا لدرجة، يُستنتج منه ان تحقُّق ذلك لا يحتاج الاّ لِقبول الدولة اللبنانية به فقط.
لا شك أن اشارة امين عام حزب الله في خطابه الاخير، عن إمكانية تأمين هذا السلاح النوعي للجيش اللبناني من ايران، كانت كافية لتحريك الموضوع في أكثر من ناحية، داخلية واقليمية ودولية، لما لذلك من حساسية لدى اغلب الأطراف، والذين توزعوا بين من تفاجأ من جدية وجرأة الطرح، وبين مَنّ صُدِم من طريقة وتوقيت طرحه، ومنهم ( القليل ربما ) من رأى فيه ( الطرح ) عنصرا من عناصر بناء الاستراتيجية الدفاعية، او حتى بابا تقنيا وعمليا للشروع ببحث هذه الاستراتيجية الدفاعية … فكيف يمكن قراءة هذا الطرح وما هي ابعاده العسكرية والاستراتيجية ؟
يُعتبر سلاح الدفاع الجوي او السلاح المضاد للطائرات وللصواريخ او حتى لكل الاجسام الطائرة بشكل عام، حاجة اساسية وضرورية لكافة الجيوش والدول، بمعزل عن وضع هذه الدول لناحية وجود اوعدم وجود حالة حرب وعداء مع دول اخرى، ويُعتبر سلاحا اساسيا لحماية الوحدات والمواقع العسكرية، وايضا لحماية مرافق الدولة الاستراتيجية والحيوية، بالاضافة لكونه اكثر وسيلة تساهم في حماية الاجواء والسيادة الوطنية من الاختراق، كما وأنه اصبح سلاحا بنيويا في منظومة التجهيز والتسليح لكل الجيوش، وربما تكون سويسرا اكثر دولة تؤكد هذه المعادلة، حيث هي حيادية بالكامل وعلى علاقة متينة مع اغلب دول العالم، وخاصة المجاورة لها، وفي نفس الوقت تمتلك جيشا محترفا مكتفيا بالعتاد المناسب، مدعوما باحدث منظومات الدفاع الجوي.
من ناحية اخرى، نعيش في لبنان حالة حرب وعداء بالكامل مع العدو الاسرائيلي المحتل لفلسطين ولاراض لبنانية في مزارع شبعا، ويمارس هذا العدو بشكل شبه يومي إختراقات لِأجوائنا، مع إبقاء حركة وقدرة قاذفاته وطائراته التجسسية سيفا مسلطا على سيادتنا وعلى ثرواتنا المائية والنفطية في البر وفي البحر، بالاضافة لِأطماعه التاريخية في ارضنا وفي ثرواتنا.
ايضا، يعيش لبنان اليوم وضعا اقتصاديا مترديا وشبه منهار، وتحاول – مبدئياً – حكوماته المتعاقبة المستحيل للحصول على اموال وقروض ومصادر مالية، في الوقت الذي يملك ثروة ضخمة من النفط والغاز، هي مهددة من العدو بشكل واضح، وتحتاج الى حماية لإستخراجها ولتوزيعها. لذلك من الطبيعي ان يمتلك لبنان سلاح دفاع جوي لمواجهة كل هذه التحديات المذكورة، حماية لسيادته ولِأجوائه ولثرواته ولحدوده البرية والبحرية.
من هنا، يوجد ضرورة ماسة لامتلاك هذا السلاح النوعي كسلاح كاسر للتوازن او سلاح رادع، حيث ان امتلاك الجيش اللبناني له يجعل من مناورة اسرائيل العدوانية جوا، مناورة حذرة وحساسة وخطرة على قاذفاتها، الامر الذي يقوي من عناصر المواجهة ضد العدو بشكل عام، او عند كل حالة إعتداء تستدعي استعمال هذا السلاح بشكل خاص، وبمعنى آخر، فأن إمتلاك هذا السلاح دون إستعماله حتى، يمكن أن يحقق كسلاح رادع، نسبة كبيرة من الحماية للسيادة وللثروات الوطنية.
بمعزل عن التسهيل او الضغط الخارجي على الحكومة اللبنانية لناحية قبولها بالعرض، حيث أن مسار الامور واضح مبدئيا في هذا الاطار، اي الضغط ومحاولة المنع والتهويل، لاسباب إسرائيلية بالاساس، وبغطاء اقليمي وغربي طبعا، تبقى فكرة امكانية اعتبار طرح حصول لبنان على سلاح دفاع جوي من ايران، بطلب ورعاية ووساطة من حزب الله، أحد عناصر بناء الاستراتيجية الدفاعية، او مدخلا عمليا لبحثها، إذ يمكن القول ان دراسة الموضوع من هذه الناحية، يمكن أن تأخذ الابعاد التالية :