Beirut weather 15.77 ° C
تاريخ النشر April 29, 2024
A A A
لقاء معراب.. جعجع يُضرب من بيت أبيه!!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

في ظل المرحلة المفصلية والتاريخية التي تمر بها المنطقة، يبدو لبنان خارج معادلة المقاومة الاسلامية، هو تفصيل صغير جدا لا يرقى الى مستوى التأثير الفعلي في ما يُرسم لها وله، خصوصا أن هذه المقاومة باتت معنية بشكل أساسي في رسم تفاصيل التطورات المقبلة معطوفة على نتائج العدوان على غزة.

هذا الواقع السياسي يجعل غالبية اللاعبين في لبنان مهما علا صراخهم وإرتفعت أصواتهم ومواقفهم، على الهامش وخارج أي تأثير في اللعبة السياسية الاقليمية والدولية، وهم يُدركون هذا الأمر، لذلك فإنهم يعبرون عن ذواتهم بالتحريض الداخلي والنفخ في أبواق الفتن، وفي تعطيل إنتخابات رئاسة الجمهورية، وفي محاولات إستمالة الشارع، والتأكيد لرعاتهم الإقليميين والدوليين السابقين والحاليين أننا ما نزال على قيد الحياة السياسية.

أي مراقب للمشهد السياسي يُدرك أن هذه القوى لم تعد ذات قيمة سياسية فعلية، وأن أي حل قادم الى المنطقة في شقه اللبناني، المعني بالنقاش والتفاوض حوله هو المقاومة التي لم يُسقط تأثيرها المتنامي في الفترة الأخيرة دور الحكومة اللبنانية بصفتها الاطار الرسمي المعني بالحديث بإسم لبنان، وهذا هو المحرك للحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي الذي يقوم بدوره على أكمل وجه وتحديدا على الصعيدين الدولي والاقليمي، ولولا حراك ميقاتي على أكثر من صعيد وحضوره الوازن لدى عواصم القرار لكانت أيضا الدولة اللبنانية خارج أي تأثير على ما يجري وسيجري.

في هذا السياق، يمكن تقييم حراك رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ومحاولاته المتكررة لتكريس نفسه زعيما للمعارضة في لبنان، والتي باءت كلها بالفشل، بدءا من سعيه لركوب موجة ثورة 17 تشرين، مرورا بتسلطه على نواب المعارضة والتغيير الذين ثاروا ضده، وصولا الى لقاء معراب الأخير الذي شكل ضربة قاسية لمخطط جعجع.

واللافت أن هذا الحراك، يقوم بمجمله على شد العصب الطائفي والمذهبي والتحريض وإثارة الغرائز، وكان آخر فصوله محاولات الاستثمار في دماء باسكال سليمان، والتعاطي مع هذه الجريمة النكراء بمقاربة سياسية طائفية مع أن كل المعطيات أثبتت أنها جريمة جنائية بحتة.

أما في لقاء معراب، فقد حرص جعجع على تجميع أغلبية من الباحثين عن دور أو حضور ما بأي ثمن، وبعض هؤلاء يدركون أن القطار السياسي قد فاتهم وأن إمكانية اللحاق به أصبحت مستحيلة.

هذه اللقاءات لم تعد تسمن ولا تغني من جوع لتزعم المعارضة، وهي أشبه بطواحين الهواء ولا معنى سياسيا لها ولا ترجمة لها في المستقبل القريب، سوى التبني الواضح للرواية الاسرائيلية وطعن المقاومة في ظهرها وهي تقاتل على الجبهات.

في هذا الاطار، ترى مصادر مواكبة أن الاصرار على تنظيم مثل هذه اللقاءات لقوى مأزومة بحضورها السياسي، هو لعب في الوقت الضائع، بعدما تجاوزت تطورات المنطقة كثيرا من التفاصيل الصغيرة في المشهد اللبناني.

كما يمكن القول، إن سمير جعجع ضُرب من بيت أبيه في لقاء معراب الأخير، بعدما فشل في تأمين الحشد السياسي والنيابي له، وإقناع الحزب التقدمي الاشتراكي بالمشاركة، وحزب الكتائب الحليف الأبرز بتواجد رئيسه سامي الجميل أو أحد نوابه على الأقل بدل إرسال ممثلين عن الحزب، وكذلك أكثرية نواب المعارضة والتغييريين الذين غابوا عن سابق تصور وتصميم، فإقتصرت المشاركة النيابية على 23 نائبا من أصل 128 يمثلون مجلس النواب، 17 من القوات اللبنانية، والنواب: جميل عبود وميشال ضاهر وغسان سكاف، إضافة الى حضور يتيم للنائب وضاح الصادق، وشخصي للنائبين أشرف ريفي وفؤاد مخزومي اللذين أشارت الدائرة الاعلامية في القوات الى أنهما يمثلان كتلة التجدد، في حين أن شريكهما النائب ميشال معوض أرسل ممثلا عنه، كما إمتنع النائب أديب عبدالمسيح عن الحضور، وأكدت مصادر مقربة منه أنه لم يُرد المشاركة، وبالتالي فإن كتلة التجدد لم تحضر لقاء معراب.

والغياب الأبرز عن اللقاء كان لأركان قوى 14 آذار الذين رفض بعضهم في بيان واضح وصريح إعطاء جعجع فرصة أخذ صورة جامعة تُظهره قائدا للمعارضة، ما أنهى اللقاء قبل أن يبدأ.

كل ذلك، يؤكد بما لا يقبل الشك أن القوى المسيحية وغيرها ترفض إعطاء أي دور قيادي لجعجع على صعيد المعارضة، ما قد يضاعف من التخبط والتوتر لديه، خصوصا مع توجه المجتمع الدولي الى التفاوض والحوار ولو عبر وسطاء مع المقاومة الاسلامية في لبنان.