Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر January 23, 2021
A A A
كيف أعاد غوارديولا مانشستر سيتي للمنافسة على لقب الدوري؟
الكاتب: الشرق الأوسط

حقق مانشستر سيتي انتصاره السادس على التوالي في الدوري الإنكليزي الممتاز عقب فوزه على ضيفه أستون فيلا. ورفع سيتي، الذي يملك مباراة مؤجلة، رصيده إلى 38 نقطة متفوقاً بفارق الأهداف على ليستر سيتي. لكن مانشستر يونايتد استعاد القمة بتغلبه على مضيفه فولهام ليرفع رصيده إلى 40 نقطة. وهذا الفوز التاسع على التوالي لسيتي في المسابقات كافة، ضمن مسيرة من دون خسارة امتدت 16 مباراة. وأبدى جوسيب غوارديولا، مدرب سيتي، سعادته بالانتصار السادس على التوالي لفريقه في الدوري. وقال المدرب الإسباني «لا يوجد فريق فاز بخمس أو ست مباريات على التوالي، لكننا ما زلنا في الدور الأول للدوري. تتبقى الكثير من المباريات، لكن الشيء المهم هو هذا الشعور الجيد. «قدمنا أداءً جيداً للغاية مرة أخرى، أمام فريق قوي. كان المنافس خطيراً، ويكفي أن تنظر لنتائجه هذا الموسم. هذا انتصار كبير».

الأمور بالنسبة لمانشستر سيتي تغيرت تماماً عن الأسابيع القليلة الماضية عندما كان سيتي يحتل مركزاً في وسط جدول الترتيب. وبالتالي، ينبغي الإشادة بالمدير الفني للسيتيزنز، غوارديولا، الذي أعاد فريقه إلى المنافسة بقوة على اللقب بعدما كان يبدو بعيداً قبل أسابيع عدة. كما يجب الإشارة أيضاً إلى أن التدعيمات التي ضمها مانشستر سيتي قد لعبت دوراً كبيراً في هذا الصدد، وخير مثال على ذلك التعاقد مع المدافع البرتغالي روبن دياش، الذي يقدم مستويات استثنائية وأعاد الصلابة والقوة إلى خط دفاع الفريق بالكامل وساعد باقي المدافعين، وخاصة جون ستونز، على العودة إلى مستواهم السابق، رغم أن دياش لا يلعب في المركز الذي تم التعاقد معه لكي يلعب فيه في الأساس (اللعب كقلب دفاع جهة اليسار وليس اليمين).

وعلى الرغم من ذلك، كانت التعاقدات الأخرى التي أبرمها الفريق في الآونة الأخيرة أقل فاعلية، ولا يزال الفريق في حاجة إلى التعاقد مع ظهير أيسر ومحور ارتكاز ومهاجم صريح، وربما جناح. ومع ذلك، لا يزال مانشستر سيتي فريقاً قوياً وجيداً للغاية، لكنه ليس جيداً وفقاً لمعايير الأندية العملاقة. وعندما تعادل مانشستر سيتي على ملعبه أمام وست بروميتش البيون قبل شهر تقريباً من الآن، كان من المنطقي أن نسأل عما إذا كان الفريق الحالي هو أسوأ فريق تولى غوارديولا تدريبه! لكن منذ ذلك الحين، استعاد الفريق عافتيه وحقق انتصارات متتالية، بما في ذلك الفوز على تشيلسي خارج ملعبه في الدوري، والفوز على مانشستر يونايتد في كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة، وهو ما يؤكد على أن الفريق قد عاد لتقديم أفضل مستوياته.

وتجب الإشارة إلى أن الموسم الحالي ليس موسماً عادياً بأي حال من الأحوال، وبالتالي لا يجب أن نطبق عليه القواعد المعتادة للحكم على الأمور. كما أن عدم حصول الأندية على الفترة اللازمة للاستعداد للموسم الجديد وضغط المباريات قد لعبا دوراً كبيراً في تحديد طرق اللعب التي تعتمد عليها الأندية، خاصة في ظل معاناة اللاعبين من الإرهاق وانتشار الإصابات. كما أن خوض مباراتين كل أسبوع قد جعل الأمر أكثر صعوبة على الأندية التي تعتمد على الضغط الشرس والمتواصل على المنافسين؛ نظراً لأن اللعب بهذه الطريقة يصيب اللاعبين بالإرهاق الشديد.

وكانت النتيجة قاسية في بداية الموسم، حيث تعرضت أندية مانشستر يونايتد وليفربول ومانشستر سيتي للخسارة بأكثر من خمسة أهداف في المباراة الواحدة. لكن بعد هذه الغزارة التهديفية الكبيرة في الشهر الأول من الموسم، عاد معدل الأهداف للانخفاض إلى 2.75 هدف في المباراة الواحدة – أكثر من معدل الموسم الماضي بـ0.03 هدف؛ وأقل من الموسم قبل الماضي بـ0.07 هدف في المباراة.

وحتى الأندية التي كانت تلعب بطريقة تعتمد على الضغط العالي على حامل الكرة بدأت تتخلى عن اللعب بهذه الطريقة. هذا لا يعني أن نقول إن عجلة التطور الخططي والتكتيكي قد تراجعت لعقد من الزمان، لكن ذلك يعني أن كل فريق بات يلعب في حدود إمكاناته ووفق الظروف الحالية. وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن معدل الضغط في الدوري الإنكليزي الممتاز قد تراجع بنسبة 23 في المائة تقريباً في موسم 2018 – 2019. وكان ليفربول ومانشستر سيتي يلعبان بطريقة مكّنت كل منهما من حصد ما يقترب من 100 نقطة، وهي أرقام مذهلة تعكس قوة الفريقين وذكاء وفاعلية الطريقة التي يلعبان بها. وإذا استمر مانشستر يونايتد في جمع النقاط بالمعدل الحالي، فإنه سوف يحصد 80 نقطة بنهاية الموسم. ومن الناحية الواقعية، من المحتمل أن يتطلب الأمر حصد عدد من النقاط أكثر من ذلك بقليل لكي يتمكن الفريق من الفوز بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز، خاصة أن الفريق الجيدة سوف تستعيد توازنها في النصف الثاني من الموسم، لكن يجب أن ندرك أن هذه أوقات غير عادية على الإطلاق، وهو الأمر الذي يجعل هذا الموسم بمثابة اختبار قوي لقدرة المديرين الفنيين على التكيف والبحث عن حلول غير تقليدية.

ومن الواضح أيضاً أن الحظوظ والتوقعات تتغير بسرعة كبيرة، وبالتالي لم يعد من المهم التخطيط على المدى الطوير والقدرة على غرس فلسفة معينة داخل اللاعبين. وفي هذا الصدد، يجب أن نشير، على سبيل المثال، إلى أن الطريقة التي لعب بها غوارديولا أمام ليون الفرنسي في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي كانت تعكس مدى قلقه من ضعف مانشستر سيتي أمام الهجمات المرتدة السريعة.

وبالتالي، كان السؤال المهم هو: كيف يتمكن غوارديولا من تقوية المنطقة أمام المدافعين الأربعة من دون التأثير على شراسة طريقة الضغط العالي ومن دون تقييد حركة نجم الفريق كيفن دي بروين؟ من المؤكد أن مانشستر سيتي سيواجه اختبارات قوية للغاية – أمام ليفربول، ثم أمام توتنهام، ثم في مباريات دوري أبطال أوروبا – لكن الطريقة التي تفوق بها مانشستر سيتي على مانشستر يونايتد الذي سبق وأن تغلب عليه ثلاث مرات الموسم الماضي، تشير إلى حدوث تغيير طفيف في الدور الذي يلعبه إلكاي غوندوغان، الذي أصبح يلعب محور ارتكاز.

وهناك تغيير آخر، أشار إليه غوارديولا قبل مباراة فريقه أمام برايتون عندما قال «كنا نركض أكثر من اللازم. عندما لا تكون الكرة معك يتعين عليك أن تركض للحصول عليها، لكن عندما تكون مستحوذاً على الكرة فيتعين عليك المشي أو الركض بسرعة أقل، وأن تبقى متمركزاً في مكانك الصحيح وتدع الكرة هي التي تجري، وليس أنت”. وكان العامل الرئيسي في تبني منتخب ألمانيا الغربية لطريقته المثيرة للفضول من كرة القدم الشاملة في السبعينات من القرن الماضي يتمثل في المباريات التي خاضها في ليون خلال كأس العالم عام 1970. ففي ظل درجة الحرارة الشديدة، كان اللاعبون يحصلون على بعض الراحة من خلال الوقوف في ظل المدرجات، وقد تعلم اللاعبون كيف يلعبون وهم يقفون في الظل من خلال التمرير السريع والذكي. ومن الواضح أن بعض العوامل الخارجية يمكنها أن تشجع على التغيير.

وكان غوارديولا يعتمد في طريقة اللعب مع برشلونة على عاملين مهمين، هما الضغط والاستحواذ على الكرة، حيث كان الفريق يستعيد الكرة من المنافس من خلال الضغط المتواصل، ثم يحتفظ بها لأطول فترة ممكنة من خلال التمرير والتحركات الذكية داخل الملعب.

وعلى مدار العقد الماضي، ومع صعود المدرسة الألمانية في التدريب، تحوّل التركيز في كرة القدم الحديثة على مستوى النخبة إلى كيفية استعادة الكرة أكثر من الاستحواذ عليها. لكن خلال الشهر الماضي، وفي ظل الظروف التي تجبر الجميع على بذل مجهود بدني أقل، تراجع الأمر مرة أخرى ولم تعد الأندية تعتمد على الضغط العالي والمتواصل كما كان في السابق.

ولعل ما يساعد مانشستر سيتي هو أن وجود رحيم سترلينغ ناحية اليمين وفيل فودين ناحية اليسار – كما حدث في مباراتي مانشستر سيتي أمام تشيلسي ومانشستر يونايتد – يساعد الفريق على توسيع الملعب وفتح مساحات بين دفاعات الفرق المنافسة. إنها خطوة إلى الوراء إلى الطريقة الهولندية التقليدية، حيث يصبح التمرير أسهل وأكثر أولوية من أي شيء آخر. قد يبدو ترك الكرة هي التي تقوم بالعمل بمثابة حكمة تقليدية قديمة، لكن من الواضح أنها آتت ثمارها تماماً مع مانشستر سيتي، الذي أصبح أكثر فاعلية في الآونة الأخيرة.