Beirut weather 24.1 ° C
تاريخ النشر July 28, 2019
A A A
كلٌّ «يغني على ليلاه»… المناكفات والخلافات تهدد بتطيير ايجابيات الموازنة…
الكاتب: حسن سلامه - الديار

بعد اقرار الموازنة، ولو انها لم تأت على مستوى ما هو مطلوب من اجراءات لمعالجة الازمات المتفاقمة خاصة على الصعيد المالي الاقتصادي، الا ان اكثرية اللبنانيين ومعهم الجهات المعنية في العالم، راهنوا على اطلاق عملية ما هو مفترض من خطوات لتنفيذ بنود الموازنة، من حيث الحد من الاتفاق وزيادة الواردات بما يفضي الى تخفيض العجز الذي اعتمد نظرياً وهو بحدود 7،6 بالمئة، اضافة الى البدء بالخطوات الضرورية لتسييل قروض «سيدر» الى مشاريع على مستوى البنى التحتية وتحريك عمل الحكومة سعياً لمعالجة حملة واسعة من الازمات، الى تجهيز موازنة العام المقبل ليتم اقرارها في موعدها الدستوري. وما يفترض ان تتضمنه من اصلاحات جدية، بدءا من مواجهة الهدر والتهرب الضريبي والجمركي.
الا ان ما هو منتظر من توجهات في مختلف الملفات التي يعاني منها الوضع الداخلي مرشح لمزيد من الازمات، وفق مصدر نيابي مطلع – على خلفية المماحكات السياسية المستعصية على الحلول بين اكثرية القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وعلى خلفية عدم وجود توجه فاعل لوقف حال «الهريان» وما هو قائم من كميات عنوانه تقاسم الحصص والتنفيعات داخل ادارات الدولة، حتى في حال تجاوز تداعيات حادثة قبرشمون والسجال حول المسار القضائي بما خص التحقيق بما حصل، او بافتعال ازمة حول حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية.
والواضح قبل الانطلاق لهذه «الورشة» الحكومية النيابية، في اعادة «الروح» الى مجلس الوزراء دخل خلال الساعات الماضية بمزيد من الضبابية والتأزم، بعد سقوط كل المبادرات حول المخارج الممكنة على الصعيد القضائي لحادثة الجبل، حتى ان مجلس الوزراء اصبح اشبه بجهتين متعارضتين حول المسار القضائي لانهاء تداعيات ما حصل في قبرشمون وما كان يتم تداوله من احتمال عقد جلسة للحكومة الاسبوع الطالع يسبقها اتفاق حول الاليات القضائية للحادثة بات في خبر كان، الا اذا دعا رئيس الحكومة سعد الحريري لعقد جلسة لمجلس الوزراء، ومعنى ذلك ان انعقاد الجلسة في هذه الحالة، قد تفضي الى نتائج سلبية، في حال عدم الخروج بتوافق حول الاطار القضائي لحادثة قبرشمون، ليس اقلها انقسام الحكومة، وربما التعطيل الطويل او حتى لجوء الرئيس الحريري الى «قلب الطاولة» في حال شعوره ان الابواب مقفلة امام الحلول، وبالتالي عودة مجلس الوزراء لعمله الطبيعي، كما ان موضوع المادة 80 من قانون الموازنة بحسب المصادر يرجح ان ترفع التوترات بين مكونات الحكومة، حتى ولو وقع رئيس الجمهورية على قانون الموازنة وجرى نشره في الجريدة الرسمية، في ظل توجه تكتل لبنان القوي لرفع مشروع قانون يطالب فيه بالغاء الفقرة التي تحفظ حق الناجحين في مجلس الخدمة المدنية والتي ادرجت في المادة 80 من قانون الموازنة خصوصاً ان هناك لغطاً وانقساماً كبيراً حول ما اذا كانت الهيئة العامة لمجلس النواب اقرت هذه الفقرة وهو ما تؤكد عليه كتل التنمية والتحرير والمستقبل واللقاء الديموقراطي، بينما يتحدث نواب ووزراء تكتل لبنان القوي عن ان هذه الفقرة جرى شطبها عبر ما تنسبه للرئيس نبيه بري بهذا الخصوص، وبالتالي حتى لو وقع الرئىس عون على قانون الموازنة «فالكباش» لن يتوقف بعد الموقف الذي اعلنه رئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل واعتباره ان اقرار الفقرة المتعلقة بالناجحين في مجلس الخدمة المدنية فيها اخلال بالتوازنات والتفاهمات والاتفاقات.
وحتى لو افضت الاتصالات الى معالجة تداعيات حادثة قبرشمون والمادة 80 من قانون الموازنة، فكل الوقائع والمواقف من الملفات المطروحة تؤشر على صعوبات ضخمة تعيق تحريك العمل الحكومي بشكل جدي وبالتالي معالجة جملة الملفات المطروحة. فكل طرف وفريقه «يغني على ليلاه»، داخل الحكومة وهو ما تؤكد عليه غياب الانجازات في الاشهر السابقة وفي المرحلة المقبلة من خلال الاتي:
1- لا شيء يشير الى امكان تناغم عمل الحكومة بين اطرافها بما يتيح الانكباب على مواجهة المخاطر التي تواجهها البلاد، فمتى لو جرى تجاوز حادثة قبرشمون، فالخلافات كبيرة بين معظم مكونات الحكومة في كل تفصيل وملف يحتاج الى معالجة.
2- لا وضوح او جدية حتى الان، لاعداد خطة اصلاحية شاملة بدءا من القضايا الاجتماعية، الى الملفات المالية والاقتصادية وانتهاء بمواجهة الهدر وكل ما له علاقة بهدر المال العام والتهرب الضريبي والجمركي وكارثة ملف النفايات الذي اطل من جديد، مع غياب الحلول الجدية لهذه المشكلة تعبير فاضح عن العجز بمعالجة اي ملف من الملفات الاساسية الذي يتم تأجيل الحلول له، بسبب الخلافات بين اطراف السلطة.
3- بعد اقرار الموازنة في مجلس النواب، فكل المعنيين يقرون ان الرسوم والضرائب سترتد مزيداً من الانكماش في الوضع الاقتصادي وفي مقابل استحالة تخفيض العجز الى التقدير النظري في الموازنة وهي نسبة 59،6 بالمئة.
ولذلك، تشير المصادر الى عشرات الملفات المماثلة التي تدور الحلول لها في الحلقة المفرغة، ما يفي عملياً ان استمرار الواقع الحالي لن ينتج عنه سوى توليد المزيد من الازمات ومزيد من «الهريان» مع ما يعنيه ذلك من دفع البلاد نحو الانهيار.