Beirut weather 20.41 ° C
تاريخ النشر December 22, 2016
A A A
فخّخوا أطفالكم!
الكاتب: خليل حرب - السفير

«ما شاء الله… ما شاء الله» .. يردد الرجل المريض وهو يرسل طفلتيه الى الموت كعمل من اعمال «الجهاد»، وهو قابع في مخبأ ما.

غصة انتابت كثيرين بالأمس وهم يتابعون أهوال المشهد، ويختنقون بالتساؤلات والحيرة والذهول. لماذا لا يخرج هو لملاقاة «الكفار» كما يقول، لا نعرف. لماذا لا يغادر جبنه الى غزو عقر دار هؤلاء في دمشق، لا نعرف.

نعلم، مما شاهدنا من مجموعة فيديوهات مصورة، أنه حانق على «الكفار والروافض… والباصات الخضراء». ونعلم ايضا انه لا يشبهنا. لكن الطفلتين، فاطمة واسلام، تشبهان بناتنا. اما الخوف البادي على وجهيهما، فهو الشهادة على الانحدار الأكبر لهذا العالم الذي سمح لمثل هذا المجرم بأن يمجّد عهره بهذا الشكل.

هل منحتها الخيار لحياة افضل لتنتظر منها جوابا آخر… جواب طفلة عادية ساذجة وبسيطة… حلم بالفراشات والألوان والأغنيات؟ ثم تتذرع بخالقك لتلقّنها فن الغزو وأنت ومن هم امثالك تقبع في جحرك! أي خلق أو دين او شرف، يجيز لك ان تسأل طفلة في السابعة من عمرها: «بدّك تسلّمي حالك يقتلوكي ويغتصبوكي الكفّار»!! من أي مدرسة خرجت أنت؟ من أي قمامة فكرية جعلتك قاتلاً سفاحاً يستلذ بأشلاء ابنته!

«الباصات الخضراء» جعلتك يائسا؟ ذريعة بلهاء لتدفع بفاطمة الى حتفها. ماذا سنقول عنك وأمثالك وهم لا يدخلون التاريخ سوى بشناعة ما يرتكبون؟ أنت تجسيد لكل ما لا تقبله ثورة ولا حراك ولا مطالب تغيير. انت نقيضنا، انت نقيض الحياة، انت قابيل الاول، او اكثر جرماً منه.

ما من حراك يفترض أنه «ثوري» اساء لنفسه اكثر مما فعلته الفصائل المسلحة في سوريا بنفسها. لم تعد الشواهد قليلة. لست بحاجة الى شركات الدعاية والترويج لتدمير «سمعة»، افضل مما فعلته هذه «الثورة» بنفسها. جريمة تفجير مخفر الميدان في دمشق، لم تكن الاولى وربما لن تكون الاخيرة في مسار انحداري منذ ستة اعوام، من مطالب اكتست بنظر كثيرين في البدايات طابعا شعبيا، سقوطا نحو المذهبية والعنصرية والسادية في التلذذ في قتل الخصم وتصويره وحرقه واغراقه وتقطيعه ودهسه وشيّه! اما ان ترسل طفلتك الى موتها المحتوم، فليس بالإمكان ان يكون هناك ما هو ارذل من ذلك.

معركة حلب ضربة حاسمة في مسار مشهد الاحتراب السوري، وعلامة على تقهقر الارهاب الممول اقليميا ودوليا. عبدالرحمن شداد وزوجته «ام نمر» وهما تحثان طفلتيهما على الموت بتفخيخهما (فتموت فاطمة اشلاء وينقذ الخوف أختها إسلام)، التجلي الأخير لخسّتنا.. لسقوطنا الأخلاقي وعجز السماء امام بشاعتنا.