Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر February 1, 2020
A A A
“صفقة” ترامب تعزز ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة في لبنان
الكاتب: حسين عزالدين - العالم

فتح مشهد تداعيات صفقة ترامب المشؤومة عدة ابواب من الاسئلة حول موقع وموقف لبنان من احتمالات معركة جيو سياسية تأخذ بمسارها مصير وجود اللاجئين الفلسطينين في المخيمات اللبنانية مرورًا بكم النازحين السوريين الذي تعمل دول المباركة لخارطة طريق الادارة الاميركية في المنطقة ضم هذا الملف الى ما يشبه الصفقة اسوة بالملف الفلسطيني حسب ما يرى العديد من المراقبين.

فبعد 71 عاما على احتلال الكيان الاسرائيلي لأرض فلسطين، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن “حلّه” للصراع، والذي ينص على إعلان انتصار اسرائيل على كل باقي العرب، وإعلان يهودية القدس، كعاصمة للأخيرة، وتقديم “الفتات” لسلطة فلسطينية لا تملك القدرة على إدارة شؤون أحد. هي ما سمي “صفقة القرن” أو كما يصفها بعض الشعب العربي بصفقة العار.

وتقول المراجع المتابعة ان قمّة الوقاحة، أن يتحدّث الرئيس الأميركي عن القوانين الدولية، وثقافة السلام، وهو رئيس الدولة التي أجهضت حوالي 30 قرارا أمميًّا صادرا عن الأمم المتحدة، تؤكّد كلّها حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى أرضهم التي هُجّروا منها والتعويض عليهم لما فاتهم.

وقمّة الوقاحة أن تُكتب صفقة سلام بين طرف اسرائيلي محتل وغاصب وقاتل على الطاولة، وطرف فلسطيني غير موجود، ولكن هذه الصفقة التي تعني الفلسطينيين أولا، تعني كل العرب، مسلمين ومسيحيين، وتعني لبنان بشكل خاص، كونه الحاضن لآلاف الفلسطينيين اللاجئين.

في 10/12/1969 وبعد مناقشة التقرير السنوي لمدير وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، صوتت الجمعية العامة على القرار رقم 2535/ب (الدورة 24) الذي جاء فيه “إن الجمعية العامة إذ تقر بأن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين نشأت عن إنكار حقوقهم الثابتة التي لا يمكن التخلّي عنها والمقررة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تعود وتؤكد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين”.

وقبل هذا التاريخ كان القرار الأهم في هذه القضية، القرار رقم 194 الصادر بتاريخ 11 كانون الأول عام 1948، والذي تحدث في الفقرة 11 عن حقّ العودة وحقّ التعويض، حيث تقرّر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات للذين يقرّرون عدم العودة إلى ديارهم، وعن كلّ مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة”.

72 عاما من الرفض للقرارات الدولية، تُتوّج اليوم بصفقة تنص على توطين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، وهنا في لبنان عندما نتحدث عن توطين وعن خطره، نكون نتحدث عن الخطر الذي حاول اللبنانيون إبعاده منذ انتهاء مرحلة الحرب اللبنانيّة، بوصفه “وثيقة” وفاة للكيان اللبناني، وهذا الرفض يحظى بإجماع اللبنانيين، رغم أن هذا الإجماع بحاجة الى ترجمة فوريّة اليوم، بحسب مصادر سيّاسية رفيعة المستوى.

تشير المصادر الى أنّ “التخويف” الذي مارسه دبلوماسيون أجانب طيلة عام ونصف العام حول ما يسمى “صفقة” القرن المفترضة، وضرورة القبول بتوطين الفلسطينيين في لبنان، لم يعد حبرًا على ورق، لأنّ الإعلان عن الصفقة هو بداية مرحلة جديدة في المنطقة ينبغي التعاطي معها بطُرق مختلفة.

تؤكّد المصادر أن لبنان الرسمي والشعبي سيرفض عروض التوطين ولو كانت بالمليارات، والدول الراعية للصفقة ستصرّ عليه وتحاول فرضه، وهذا الواقع يستوجب بدء عمليات هجومية على قاعدة أن “أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم” والبدء يكون من ملفّ النازحين السوريين .

تشير المصادر الى أنّ الملفّ السوري لا ينفصل عما يجري حاليًا، ورفض الدول الغربيّة عودتهم الى بلادهم أساسه ما يجري اليوم، كاشفة أن توطين الفلسطينيين لم يعد مطروحًا لوحده بل الى جانبه توطين النازحين السوريين، وأولى عمليّات الرد تكون من خلال التواصل المباشر مع الحكومة السوريّة لخروج النازحين السوريين من لبنان بشكل فوري، لافتة النظر الى أنّ الكلام عن رفض التوطين اليوم لا يكفي، بل يحتاج لاقتران الأقوال بالأفعال، ومن كان سابقًا يرفض التواصل مع الحكومة السوريّة لعودة النازحين ويتبنّى وجهة النظر الأميركيّة بشأنهم، عليه أن يُعيد النظر، ويُثبت أنه لا يعمل “جنديا” في حرب فرض التوطين على لبنان.

تعلم المصادر أن لبنان بوضعه الاقتصادي الحالي قد يكون ضعيفًا مقابل الضغوط التي ستُمارس عليه، ومن الشقّ المالي تحديدًا، ولكن لا يوجد أمام اللبنانيين سوى حلّ المواجهة، لأنّ تغيير الكيان يعني انتهاء لبنان، ومن يظن نفسه مستفيدًا من هذا الواقع سيجد نفسه أول الخاسرين. فهل نصمد بظل ما نمر به من أزمات ماليّة وبالتالي نفوّت فرصة تطويع لبنان لمصلحة المشروع الصهيو اميركي بالابقاء على جهوزية ثلاثية رأس حربتها مقاومة وجيش وشعب.