Beirut weather 19.41 ° C
تاريخ النشر November 8, 2016
A A A
المطران بو جوده:” الكنيسة عاشت منذ القديم معرّضة للإضطهادات

لمناسبة عيد الملاك ميخائيل، تراس راعي ابرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداسا احتفاليا في كاتدرائية الملاك ميخائيل في منطقة الزاهرية في طرابلس، عاونه فيه النائب العام على الابرشية المونسنيور بطرس جبور، خادم الرعية المونسنيور بولس القطريب، والكهنة شكري الخوري، فادي منصور، جوزيف غبش، سيمون ديب، جورج جريج، وراشد شويري، ولفيف من كهنة الابرشية. حضر القداس رئيس بلدية سبعل الشيخ حبيب طربيه، نائب رئيس جمعية ملح الارض السيدة جوزيان طربيه، وحشد من المؤمنين.
بعد الانجيل المقدس القى المطران بو جوده عظة قال فيها:” نحتفل اليوم بعيد القديس ميخائيل رئيس الملائكة الذين هم، كما يقول عنهم تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة، أرواح تعاين وجه الله كلّ حين وتقوم على خدمة العلي، ويحدّثنا عنها الكتاب المقدّس في عهديه القديم والجديد فيقول إنّ أسماءها ليست أسماء علم بالمعنى المتعارف عليه تقليدياً، بل إنّ الأسماء التي أُعطيت لها هي أسماء وظيفيّة إن أستطعنا القول. فالنبي أشعيا في الفصل السادس من نبوءته يقول أنّها تحيط بعرشه لكي تمجّده بإستمرار: رأيتُ السيّد الرب، يقول أشعيا، جالساً على عرش عالٍ رفيع وأطراف ثوبه تملأ الهيكل، من فوقه السارافيم قائمون ولكل واحد ستة أجنحة، بإثنين يستر وجهه وبإثنين يستر رجليه وبإثنين يطير. وكان واحدهم ينادي الآخر ويقول:” قدّوس، قدّوس، قدّوس الرب القدير، الأرض كلّها مملؤة من مجده”.
اضاف بو جوده:” أمّا أسماء الملائكة التي وردت في الكتاب المقدّس والتي هي كما قلنا أسماء وظيفيّة فهي أسماء من أُعطوا مسؤوليّات محدّدة من قبل الرب وإعتبروا رؤساء لكل الملائكة وهي جبرائيل وميخائيل وروفائيل.  فإسم جبرائيل يعني قوّة الله، وهو الذي يرسله الرب ليبرهن عن جبروته وقوّته ويكلّفه بنقل رسائله إلى البشر، إنّه ذلك الذي بشّر زكريا مثلاً بأنّه بالرغم من تقدّمه بالسّن هو وزوجته أليصابات، فإنّهما سيعطيان الحياة لمن سيعلن رسمياً مجيء المسيح الموعود، وهو يوحنا المعمدان الذي سيدعو الناس للتوبة ويقول لهم مشيراً إلى يسوع الآتي ليعتمد على يده: هذا هو حمل الله، هذا هو الحامل خطيئة العالم”.
وقال:” أمّا روفائيل فهو الذي يكلّفه الرب بالإهتمام بالمصابين بالأمراض والعاهات فيشفيهم منها بإسم الرب. ويروي لنا سفر طوبيا البار أنّ الله أرسله ليرافق طوبيا في رحلته، ليتزوّج فتاة من عشيرته، ولم يكشف عن إسمه إلاّ فيما بعد حين قال لطوبيا ولأبيه: إنّ أعمال الرب من الكرامة إعلانها، فحين كنتَ تصلّي أنت وسارة كنّتك كنتُ أنا أرفع صلاتك إلى الواحد القدوس، وحين كنتَ تدفن الموتى كنتُ معك أيضاً، وحين كنتَ تنهض باكراً وتترك طعامك وتدفن الموتى، لم يكن عملك الصالح هذا خافياً عليّ، بل كنتُ فيه معك. والآن أرسلني الرب لأشفيك أنت وسارة كنّتك، فأنا رافائيل أحد الملائكة السبعة الذين يرفعون صلوات القديسين ويخدمون أمام عرش الواحد القدوس”.
وتابع بو جوده يقول:” أمّا رئيس الملائكة ميخائيل فإنّ إسمه يعني: من مثل الله. وهو الذي يُعتبر رئيساً للملائكة الذين يختارهم الرب للدفاع عن المؤمنين بإسمه والمهدّدين من قبل الأرواح النجسة ومن الشرير. والكتاب الذي يعطينا عنه أهم المعلومات هو كتاب رؤيا القديس يوحنا، في الفصل الثاني عشر الذي يكلّمنا عن المخاطر التي أخذت تهدّد الكنيسة الناشئة من جراء الإضطهادات التي قامت ضدّها من الإمبراطوريّة الرومانيّة. فيقول لنا القديس يوحنا أنّ التنين، وهو حيوان أسطوري يرمز إلى قوّة الشّر، وله سبعة رؤوس وعشرة قرون ويجرّ بذيله ثلث كواكب السماء، وقف أمام المرأة التي توشك أن تلد، أي الكنيسة، حتى إذا وضعت ولدها إبتلعه. لكنّ حرباً نشبت في السماء، إذ أنّ ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، فألقي التنين الكبير، الحيّة القديمة، ذاك الذي يقال له إبليس والشيطان، مضلل المعمورة كلّها، ألقي إلى الأرض وألقي معه ملائكته. ثمّ سمعتُ صوتاً جهيراً في السماء يقول: الآن حصل خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه، فقد ألقي منهم إخوتنا، الذي يتّهمهم نهاراً وليلاً عند إلهنا أنّهم قد غلبوه بدم الحمل، وبكلمة شهادتهم، ولم يفضّلوا حياتهم على الموت، فلذلك إفرحي أيتها السماوات، وإفرحوا يا سكّانها.
واردف قائلا:” إنّ إحتفالنا بعيد القديس ميخائيل اليوم هو إحتفال بإنتصار الرب على كل أعدائه، وهو بالتالي إنتصارنا نحن أيضاً لأنّنا آمنّا بإسم الرب، وبإسم مسيحه. كما أنّ في ذلك دعوة لنا لنبقى ثابتين بإيماننا راسخين فيه واثقين بأنّ الرب لن يتركنا مهما تراكمت علينا الأخطار. فهو الذي يحفظنا ويدافع عنّا، كما دافع عن الكنيسة منذ نشأتها، كما ورد في سفر الرؤيا. إنّ الكنيسة قد عاشت منذ القديم وهي معرّضة للإضطهادات لأنّ أعداءها كثر ولأنّ الكثيرين من أبناء العالم يسعون دائماً لجعل أنفسهم آلهة مكان الله ويريدون أن يسيطروا على العالم لأنّهم يمثّلون قوّة الشّر. وقد إعترف المسيح في الإنجيل بأنّ الشيطان غالباً ما يكون أركون هذا العالم لأنّنا نحن الذين نفسح له في المجال للسيطرة علينا وإستعبادنا. فهو قد حاول السيطرة على المسيح بالذّات عندما جرّبه وقال له أنّه يعطيه السلطان على جميع ممالك الدنيا ومجدها، إن هو جثا له ساجداً… فكان جواب يسوع: إذهب يا شيطان، فإنّه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد. وإنّنا اليوم، في عالمنا ومجتمعنا المعاصر معرّضون جميعاً لهذه التجربة إذ أنّ الإغراءات التي تعرض علينا كثيرة، وهي تأتينا بأشكال جذّابة في معظم الأحيان، فنستسلم لها بسهولة، ولا نجابهها كما جابهها المسيح وكما يدعونا إلى مجابهتها.
وختم بو جوده يقول:” إنسان اليوم، بعد أن بلغ درجة عالية من التقدّم والرقي على جميع الأصعدة، العلميّة والثقافيّة والفكريّة، أصبح معرّضاً للإستعباد من قوّة الشّر، أي الشيطان الذي يحاول السيطرة على الكنيسة وأبنائها. ولذلك فعلينا أن نضع دائماً ثقتنا بالرّب وأن نبقى في حالة إصغاء لكلامه ولتعاليمه وهو بالتأكيد سيرسل إلينا ملائكته، وبصورة خاصة رئيس الملائكة ميخائيل كي يدافع عنّا ويقينا من كل المخاطر. فلنضع ثقتنا بالرّب ولنطلب منه بشفاعة رئيس الملائكة ميخائيل أن يقوّينا كي نستطيع الثبات في إيماننا ونبقى شهوداً له في هذا العالم الذي يبقى بأمسّ الحاجة إليه.
وفي ختام القداس بارك المطران بو جوده، مع الكهنة، المبنى الجديد الملاصق للكاتدرائية، والذي اعيد تاهيله من جديد كي يكون مخصصا للشبيبة، ولابناء هذه المنطقة، وكي يشكل نقطة تلاقي بين ابناء الابرشية والجيل الناشيء”. ثم كانت جولة للجميع في ارجاء المبنى.