Beirut weather 21.41 ° C
تاريخ النشر October 27, 2016
A A A
الدستور يحسم الجدل… وبري يخلط الاوراق
الكاتب: زينب زعيتر - البلد

ما بين الدورة الاولى والثانية لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية المقبل، جدل لا يزال يحتكم لنقاش دستوري يفترض أكثر من سيناريو لجلسة الاثنين المقبل لانتخاب الرئيس، وخصوصاً لجهة ما يتعلق بتأمين نصاب الثلثين او الاكثرية المطلقة المطلوبة، على الرغم من انّ رئيس المجلس نبيه بري حسمها، مانعاً اي مجال للاثارة او اللغط، مؤكداً اننا سنكون امام جلسة بدورتين اذا لم يفز مرشح بالدورة الاولى.

دستورياً، تُعتبر الدورة الاولى قد أُنجزت قبل سنتين ونصف السنة، عندما التأم مجلس النواب في جلسة اولى لانتخاب رئيس للجمهورية، نال اثرها رئيس حزب “القوات” سمير جعجع 48 صوتاً وحصل مرشح “اللقاء الديمقراطي” النائب هنري حلو على 16 صوتاً، في مقابل 85 ورقة بيضاء، وذلك كما تؤكد مراجع دستورية، ما يفترض الانتقال المنطقي للدورة الثانية نهار الاثنين المقبل، خلافاً لما يصرّ الرئيس بري على تأكيده باقفال محضر الدورة السابقة، على الرغم من انّ رفع الجلسات لا يعدّل في ترقيم الدورات، ولا وجود لنص قانوني يفيد بالمدة الزمنية التي تفصل ما بين الدورة الاولى والثانية.

اعراف سياسية
لا جديد في الجدل القانوني، وهي مسألة تطبعت بحكم كل المراحل السياسية التي أتت متماهية مع الحاجة الى القراءة السياسية قبل الدستورية لمختلف الملفات. واليوم أصبحنا أمام سنتين ونصف من الفراغ الرئاسي، وما قبلها الكثير من الاستحقاقات، تأرجحت المواد القانونية خلالها على دستور معلّق بأحكام غير مطلقة، بفعل اجتهادات واعراف سياسية، قلبت منطق الدستور تماشياً مع عناوين المراحل السياسية المختلفة، وذلك بشكل انتقائي على مدى سنوات طويلة.

وفي كل مرة يعود الجدل الدستوري والقانوني الى الواجهة، على الرغم من وضوح المواد القانونية، وخصوصاً تلك التي تتطرق الى آلية انتخاب الرئيس، فتنص المادة 49 من الدستور، على انّه ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي. وتدوم رئاسته ست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزاً على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح.

الاكثرية المطلقة
وبذلك، فانّه من الطبيعي ان تبقى الجلسة مستمرة لغاية انتخاب الرئيس، وقد تحققت الدورة الاولى منها في 23 نيسان 2014، بحيث لا يجوز للمجلس مباشرة اي عمل قبل انتخاب الرئيس، امّا الاستثنائي فهو الفراغ، ورواج نوع من الاجتهادات على الرغم من وجود النصوص الصريحة في الدستور. وعليه بحسب المرجع الدستوري والوزير السابق ادمون رزق، فانّ “الدورة الاولى قد جرت، وكان الفوز بالرئاسة يحتاج الى اكثرية الثلثين في الدورة الاولى، وبالتالي يمكن انتخاب الرئيس في الدورة الثانية وما يليها بالاكثرية، اي بالنصف زائدا واحدا.. لذا، فانّ الدورة الاولى قد حصلت ولم يذكر الدستور جلسات بل دورات، وبالتالي فانّ الدورات الثانية وما تليها تنعقد بالاكثرية العادية، ولكن بشرط حصول المرشح على الاكثرية المطلقة نفسها لضمان الفوز”.

مناصفة
والمادة 34 من الدستور فقط حددت النصاب، بحيث لا يكون “اجتماع المجلس قانونياً ما لم تحضره الأكثرية من الأعضاء الذين يؤلفونه وتتخذ القرارات بغالبية الأصوات”، وبحسب رزق فانّ تحديد نصاب الجلسة الاولى بالثلثين كان نوعا من العرف أُطلق في العام 1976، وذلك من أجل ضمان مشاركة عامة لانعقاد الجلسة وخصوصاً انّه لم يكن حينها توجد مناصفة في عدد اعضاء المجلس بين المسلمين والمسيحيين. ويتابع: “حينها اشترطنا كاجتهاد انّه ما زالت الاكثرية للفوز في الدورة الاولى هي الثلثان، لذلك اعتمدنا اكثرية الثلثين لنصاب الجلسة الاولى. وما دام انّه يكفي للفوز في الدورة الثانية نصف الزائد واحد، لذلك تكفي لهذه الاكثرية نفسها لانعقاد جلسة، على انّ الحصول عليها كاملة هو شرط للفوز”.

واليوم، يُفترض بالجلسة ان تنعقد باكتمال نصاب 65 نائباً، ولكي ينجح المرشح يجب ان يحصل على كل اصوات الـ65 نائباً، وبحسب رزق “لا تفترض النصوص اي علاقة بالوقت، فالدورة الاولى كان يُفترض ان تليها دورات فيما رفع الجلسة لا يؤدي الى تعديل في ترقيم الجلسات، واليوم يُفترض بانّ نكون دستورياً امام دورة ثانية وليس دورة اولى، والدستور يحسم هذه الجدلية”.

دورتان
الى ذلك، يؤكد رزق انّ ترقيم الدورات غير مرتبط بتعداد الجلسات، ما يعني انّ الدورة الاولى حصلت، وكان يُفترض عدم رفعها قبل انجاز الانتخاب. ويتابع رافضاً الدخول في جدلية مع ما صدر عن الرئيس بري من اعتباره بانّ المجلس سيكون امام جلسة بدورتين اذا لم يفز مرشح بالدورة الاولى، بانّ “مما شك فيه انّ الرئيس بري سيتحمل مسؤولياته كاملة”. وبحسب اصرار بري فانّ ذهابه الى الجلسة بدورتين، يعني شرط حصول الجنرال عون على 86 صوتاً ليعلن نجاحه في الدورة الاولى، واذا لم يحصل عليها يعني الانتقال الى دورة ثانية مع ابقاء النصاب نفسه والحصول على 65 صوتاً ليتم انتخابه رئيساً.

ويشدد رزق على القول: “الدستور تحدث مرة واحدة في المادة 34 عن نصاب الانعقاد للمجلس النيابي، وفي مطلق الاحوال فانّ ترقيم الدورات غير مرتبط بالجلسات، فالدورة الاولى أُنجزت وانّ رفع الجلسة لا يلغيها.. وبالتالي فانّ التعامل مع الدستور أصبح انتقائياً منذ سنوات، ويمكن اعتباره معلقاً، لذلك فانّ قواعد الامر الواقع هي التي تسري على كل ما يجري من تفاصيل، وامّا الدستور فواضح ولا يمكن الاجتهاد عند وجود النص”.