Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر November 23, 2023
A A A
التصعيد يسبق الهدنة… نتنياهو يسعى للبقاء على قيد الحياة!
الكاتب: غسان ريفي - سفير الشمال

يُفترض أن تدخل الهدنة الإنسانية في غزة حيز التنفيذ إعتبارا من فجر اليوم، على أن تترافق مع قيام حركة المقاومة الاسلامية حماس بإطلاق ٥٠ أسيرا مدنيا بينهم عدد ممن يحملون الجنسية الأميركية، مقابل أن تطلق إسرائيل ١٥٠ معتقلا فلسطينيا من النساء والأطفال، على أن يترافق ذلك مع إدخال المساعدات والوقود لإعادة تشغيل المستشفيات ووقف العمليات العسكرية.

عوامل عدة ساهمت في ولادة هذه الهدنة التي تمت صياغتها بجهود قطرية أميركية ومصرية، أولها صمود المقاومة في غزة وتكبيدها العدو خسائر كبيرة جدا، وثانيها، فشل رئيس حكومة الإحتلال في تحقيق أي إنجاز ميداني أو عسكري يمنحه القدرة على فرض شروطه في المفاوضات، وثالثها ضغط المعارضة على نتنياهو المحاصر بين الدعوات الداخلية لاسقاطه ومحاكمته وبين هجوم أهالي الأسرى عليه ومطالبتهم حماس باعتقاله وإطلاق سراح أبنائهم، ورابعها التغيير الجذري الذي طرأ على الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي وتأثيرة على حكومات الدول الداعمة بشكل مطلق لاسرائيل، وخامسها إشتعال جبهة الجنوب اللبناني وتحقيق المقاومة الاسلامية إصابات مباشرة ودقيقة في جنود الاحتلال وآلياته ومراكزه من خلال الأسلحة المناسبة التي تستخدمها وتربك من خلالها العدو الذي يضطر لحشد أكثر من ثلث قوته العسكرية على الحدود الشمالية مع لبنان.
وفي الوقت الذي يتواجد فيه آموس هوكشتاين في فلسطين المحتلة، ووزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان في لبنان، بلغ التصعيد مداه على الحدود اللبنانية الفلسطينية حيث إرتكب العدو المزيد من الجرائم في إستهداف المدنيين، فضلا عن قصفه منزلا في بيت ياحون إرتقى فيه عدد من المقاومين شهداء من بينهم نجل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد الشهيد عباس رعد، فيما ردت المقاومة بسلسلة عمليات استهدفت من خلالها تجمعات للجنود الصهاينة وللمراكز العسكرية والآليات وحققت إصابات مباشرة.
ولا شك في أن هذا التصعيد غير المسبوق وإمعان إسرائيل في استهداف المدنيين والصحافيين دفع الوزير عبداللهيان الى الحديث عن إمكانية فتح المزيد من الساحات وتوسيع دائرة الحرب في حال لم ترتدع إسرائيل عن عدوانها.
في غضون ذلك، بدأ نتنياهو يضرب أخماسا بأسداس بعد إجباره على الرضوخ لنتائج المفاوضات التي أفضت الى إقرار الهدنة الانسانية، وهو يدرك تماما بأن وقف إطلاق النار لأربعة أيام قابلة للتمديد وإنطلاق المفاوضات حول آليات الحل السياسي وبالتالي إتمام عملية تبادل الأسرى، سيحوله الى جثة سياسية وسيقوده الى محاكمة باتت مطلبا شعبيا إسرائيليا، لذلك، فهو يلجأ الى المكابرة بالتأكيد أن الحرب على غزة لن تتوقف وهو أمر لم يعد بيده، كما يسعى الى إستفزاز لبنان ومقاومته باستهداف المزيد من اللبنانيين عله يتمكن من إستدراج حزب الله الى حرب مفتوحة يطيل من خلالها عمره السياسي ويجبر أميركا على الاستمرار في دعمها له، ويحفظ ماء وجهه داخليا، إلا أن الحكمة التي يتعاطى بها حزب الله تحول دون تحقيق أهداف نتنياهو.
يسجل لحزب الله في هذه الحرب أنه شارك في عملية طوفان الأقصى عبر الجبهة الجنوبية، وأربك العدو بشكل كبير وخفف بذلك كثيرا من الضغط عن غزة وأهلها، وألحق خسائر كبرى في صفوف جيش العدو وآلياته ومراكزه ولا سيما تدميره كل البنية التجسسية والرقابية وأجهزة الرصد والاستشعار التي كانت قائمة على الحدود. ومع كل ذلك، ما يزال الحزب يعمل على تجنيب لبنان حربا مفتوحة، ويستوعب أيضا حالات الانفصام اللبنانية التي يسأل اصحابها عن سلاح الحزب ولماذا لم يدخل الحرب الى جانب المقاومة الفلسطينية، ثم يحذرون من استدراج لبنان الى الحرب، إضافة الى بعض التصريحات والمواقف التي يطلقها البعض في الزمان الخطأ وتصب جميعها عن قصد أو عن غير قصد في خدمة العدو.