Beirut weather 22.41 ° C
تاريخ النشر January 4, 2024
A A A
“البالات الأوروبيّة” تجتاح الأسواق اللبنانيّة وتنافس الألبسة الجديدة المستوردة
الكاتب: ندى عبد الرزاق - الديار

غالبا ما تشهد الأسواق التجارية والشعبية انتعاشا وتهافتا من قبل الناس، خصوصا اثناء موسم الأعياد المجيدة، لكن شحّ الماديات خلال السنوات الاربع الماضية، دفع بالمواطنين الى تبديل نمط حياتهم من مستوى “الهاي كلاس” الى المستوى المتوسط وأدنى. وبدلا من التوجه نحو أسواق الألبسة الجديدة المستوردة، بدأ الناس بقصد البالات والـ Outlets، إشارة الى ان هذه الأسواق تشهد اقبالا ملحوظا منذ بدء الازمة الاقتصادية والاحداث التي وقعت بعد “ثورة 17 تشرين” في العام 2019.

 

انتشار واسع!
كشف مصدر في “جمعية تجار بيروت” لـ “الديار” ان “هذه الظاهرة اكتسحت الأسواق اللبنانية قبل بدء الحرب الاهلية في العام 1975، وانتشرت “البالات” على نطاق واسع في مختلف المناطق اللبنانية، ودخلت الى أسواق طرابلس في العام 1950. ثم أخذ هذا القطاع بالتمدّد شيئا فشيئاً، وبات يشمل الثياب والاحذية والحقائب والأدوات الكهربائية وحتى الشراشف والاغطية وطبعا اثاث المنازل. وهذه المتاجر تقوم على سلسلة تجارية تحتوي على السلع المستعملة، وحتى تلك الجديدة التي لا تزال بورقتها، لكنها باتت قديمة التصميم جراء عمليات التخزين”. اضاف: “يتسلّم أصحاب متاجر البالات البضاعة حسب الاوزان والنوعية، وتبقى السلع المصنوعة في الدول الأوروبية مرغوبة أكثر من الصينية الرخيصة ذات النوعية الرديئة”. واشار في هذا الإطار الى “ان هناك انواعا عديدة من البالات وجودة مختلفة أيضا أي باب اول وثان”.

 

 

من بيع المواد الغذائية الى “بالة”
بالموازاة، قامت “الديار” بجولة ميدانية في الأسواق اللبنانية، وكان لافتا ان متجرا كبيرا لبيع المواد الغذائية تحول الى “بالة” لبيع الألبسة الأوروبية المستعملة والحقائب اليدوية والاحذية، إضافة الى سراويل جينز تحمل ماركات عالمية مثل: H&M، PRADA،Guess، Valentino،Chanel، Boss، Zara، Mango، Aldo. وقال السيد نديم صاحب المتجر لـ “الديار”: ان “عملية بيع الألبسة المستعملة “بيزنس” رائج في هذه المرحلة، ويتراوح سعر مبيع كيلو الثياب ما بين الـ 15 و20 دولارا، ويعود سبب انتشار هذه التجارة الى وجود الماركات العالمية التي تمتاز بنوعية جيدة جدا”.

أضاف “اقوم بجمع ارقام هواتف الزبائن الذين يأتون الى متجري لشراء السلع بشكل دائم، لأعرض البضاعة الجديدة بشكل تدريجي عبر خاصية الستوري وعلى صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وبهذه الطريقة اسوّق البضاعة التي تصلني يوميا. وهناك الكثير من السيدات يسارعن الى ابتياع القطع المميزة والفاخرة وجميعها أجنبية المصدر”. أردف “وعلى الرغم من تفوق محال الألبسة الجاهزة عدديا، الا ان سوق البالة يحقق الأرباح المادية، وينافس المحلات التجارية بشكل غير مسبوق”.

اما عماد وهو موظف في احدى البالات فقال لـ “الديار”: ان “ملابس البالة لم تعد حكرا على شريحة محددة من الناس أي للفقراء او غير الميسورين فقط، لان هذا المفهوم تبدّل بعد تدهور الوضعين الاقتصادي والمعيشي في لبنان، وانهيار القدرة الشرائية لفئة واسعة من المواطنين، وتدهور قيمة العملة الوطنية امام سعر صرف الدولار وتزايد الفقر والجوع والشظف. الى جانب كل ما ذكرت فالبالة التي تدخل اليوم الى السوق المحلي آتية من فرنسا وأميركا والمانيا، وتتميز البضاعة بالنوعية الجيدة والماركات الفاخرة”.

 

 

بالة او Outlets!
وفي نظرة سريعة على الأسواق الشعبية في كل من فرن الشباك، الزلقا، الدورة، برج حمود، كنيسة مار مخايل والحمرا، نجد انتشارا واسعا لمحال البالة الى جانب متاجر الـ Outlets التي تروج موضة الثياب المستعملة العالمية، والاسعار في هذه المتاجر ليست منخفضة مقارنة بأسعار الثياب الموجودة في البالات العادية. وبينما كان يخجل البعض من شراء البسة مستعملة، تبدلت هذه النظرة اليوم لدى عدد كبير من المواطنين رجالا ونساء، وبات محل البالة والـ Outlet مقصدا للناس من مختلف الطبقات الاجتماعية والاحوال المعيشية.

 

 

الضرائب اقل!
على خط جمركي متصل باستيراد الالبسة المستعملة، فان رسوم الجمارك على بضاعة البالة والـ Outlet تبقى اقل بكثير من تلك المفروضة على الثياب الجديدة المستوردة، كون الرسوم تدفع على الكيلو او الكيس المختوم او الحاوية، وبدأ بعض التجار التسعير بالدولار تمهيدا لدولرة هذا القطاع، بدلا من اعتماد الليرة اللبنانية في عمليات المبيع.

 

 

لا احراج!
وفي الإطار، اعتبرت السيدة مارلين “ان التبضع من البالة كان يسبب احراجا للكثيرين في السابق، اما اليوم فالأمور تغيرت لان أوضاع الناس المادية انقلبت رأسا على عقب، وبات كثر يتفاخرون بشرائهم الماركات العالمية من البالات.

 

 

زيادة دولارين وثلاثة!
واوضحت السيدة نجلاء، وهي بائعة في متجر “اوكسجين” ان “أسعار البالة والـ Outlet باتت راهنا خارج مقدرة الكثير من العائلات بسبب ارتفاع أسعار السلع لديهم، وازدياد واقع الناس سوءا. ولا بد من الإشارة الى ان بعض المتاجر مثل “اوكسجين” و”غيلدا” يقومان بزيادة دولارين اضافيين على السعر الأساسي للقطعة في حال أراد الزبون/ة دفع الفاتورة بالعملة الوطنية، وهذا طبعا امر مخالف للقانون”.

في الخلاصة، التسوق لم يعد مقتصرا على البالات القائمة في كل مكان، اذ ان العديد من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تقوم بتسويق البضاعة المستعملة او المقايضة.